المغرب.. لماذا قرّر «التقدم والاشتراكية» الانضمام إلى المعارضة؟

تابعنا على:   12:33 2019-10-15

فيصل علوش

أمد/ قرر حزب التقدم والاشتراكية المغربي (الشيوعي سابقاً)، بموافقة أغلبية ساحقة من أعضاء لجنته المركزية، الانسحاب من التحالف الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية (الإسلامي). وحسمت اللجنة المركزية للحزب (4/10)، قرارها بأغلبية 235 عضواً صوتوا لصالحه من أصل 275، بينما عارضه 34 عضواً، وامتنع ستة أعضاء عن التصويت.

وجاء القرار بعد عشرين عاما من المشاركة في الحكومات المتعاقبة، منذ أول «حكومة تناوب» ترأسها عبدالرحمن اليوسفي، زعيم «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» (اليساري) في العام 1998، إلى الحكومتين اللتين ترأسهما حزب العدالة والتنمية (ذو المرجعية الإسلامية)، الأولى بقيادة عبدالإله بنكيران، والثانية بقيادة سعدالدين العثماني.

ولا يترتب على خروج «التقدم الاشتراكية» أي تأثير على بنية الائتلاف الحكومي، نظراً إلى أن عدد مقاعد بقية الأحزاب يتجاوز نصف عدد مقاعد مجلس النواب. وتضم الحكومة الحالية أحزاب «العدالة والتنمية» (125 نائبا في البرلمان من أصل 395)، «التجمع الوطني للأحرار» (37 نائبًا)، و«الحركة الشعبية» (27)، و«الاتحاد الاشتراكي» (20)، و«الاتحاد الدستوري» (23)، و«التقدم والاشتراكية» (12).‎

وعزا الحزب قراره إلى مبررات كثيرة تخصّ في مجملها «أداء الأغلبية الحكومية وتعاطيها مع الملفات المطروحة»، بما في ذلك «الصراع بين مكوناتها، ما يحول دون أن تتمكن من الاضطلاع بالمهام الجسام التي تنتظرها». وقال مراقبون إنّ نبيل بنعبدالله، أمين عام الحزب، اختار الخروج من الحكومة بهدف «النأي بحزبه عن تهم الفشل التي تلاحقها والانتقادات التي تطال أداءها قبيل تعديل حكومي وشيك». ونُقل عنه أن «اصطفاف حزبه في المعارضة سيقوي الحزب أكثر وسيجعله أكثر استعدادا لانتخابات 2021».

في المقابل، قالت مصادر سياسية إن المبررات التي بُنيّ عليها قرار الانسحاب «مجرّد تمويه عن الدافع الحقيقي، وهو تقلّص حجم تمثيل الحزب في تركيبة الحكومة من 5 حقائب إلى حقيبتين، وربما إلى حقيبة واحدة، أو لا شيء في التعديل الحكومي المرتقب».

وذُكر في هذا الصدد، أن زعيم التقدم والاشتراكية بعدما أحسّ أن حزبه لم يعد مطلوباً في المرحلة الحالية، سارع إلى الانسحاب وتأكيد انتمائه إلى عائلة اليسار، رغم انتقاده السابق للصف اليساري عندما تحالف عام 2012، مع العدالة والتنمية ولم ينصت إلى موقف القوى اليسارية.

خطوة براغماتية

اعتبر مراقبون أن بن عبدالله، رجل السياسة البراغماتي، دائما يوظف «صيغة مصلحة الوطن ومصلحة الحزب» حسب الظروف والسياقات لصالحه، مضيفين أنه استعمل نفس الصيغة لتبرير الخروج والدخول إلى الحكومة، حيث أكد في العام 2012 أنه لو كان مؤسس الحزب الشيوعي علي يعتة حياً، لدافع عن تحالف حزبه مع الإسلاميين، والآن يدفع بنفس مبرر مصلحة الحزب عندما قرر الخروج من حكومة يرأسها حزب العدالة والتنمية (الإسلامي).

وأحدث القرار جدلاً واسعا بين قادة الحزب، فمنهم من اعتبره «خطوة براغماتية» مع اقتراب التعديل الحكومي، ومنهم من اعتبره قراراً متسرّعاً «قد يغرق الحزب في براثن أزمة سياسية». وكان من اللافت أنه بعد إعلان القرار، احتج أناس الدكالي، القيادي بالحزب ووزير الصحة، على القرار متهماً «برلمان الحزب» بـ«تزوير الإرادة السياسية» للحزب. كما أكد سعيد فكاك، عضو المكتب السياسي للحزب، أنه «غير مقتنع بضرورة الانسحاب من الحكومة، كون المبررات التي قدمت غير كافية، مشيرا إلى إمكانية تضرر الحزب انتخابياً».

ورأى محللون أنّ تموضع حزب التقدّم في صف المعارضة، سيكون «مهمة صعبة في هذه الظرفية»، وأنه «سيؤثر سلباً على الداعمين للحزب من الخارج، وهم بعض الأعيان الذين يحتاجون إلى التواجد بالحكومة حفاظاً على مصالحهم». وأشار البعض إلى «تركة» الحزب في الحكومة التي «تشهد على ترهل وفشل واضح في إدارته لقطاع الماء، على سبيل المثال، حيث تعيش قرى كثيرة أزمة مياه الشرب في حين أنّ قرى كبار الفلاحين وغيرهم تستهلك الماء دون رقيب أو حسيب؟».

وإلى ذلك، رأى محللون أن مغادرة التقدم الاشتراكي للحكومة ستربك وتحرج حكومة العثماني وتجعل حزب العدالة والتنمية أكثر المتضررين مع خسارته لأبرز حلفائه. ويُصعّب هذا الانسحاب على «العدالة والتنمية» مهمة قيادة المشهد السياسي في المرحلة القادمة، مع تواصل الانتقادات لأدائه في تسيير شؤون المملكة والاستجابة للمطالب الاجتماعية في توفير تنمية عادلة.

اخر الأخبار