فرانس برس: معاناة قطف الزيتون من الحقول الفلسطينية الواقعة وراء "الجدار" الإسرائيلي- فيديو

تابعنا على:   22:00 2019-11-06

أمد/ القدس- أ ف ب: تنتظر عائلات فلسطينية في جنوب الضفة الغربية المحتلة كل صباح تحت أشعة الشمس أن يرفع الجنود الإسرائيليون الحاجز الحديدي الأصفر الثقيل عند النقطة العسكرية للعبور إلى أراضيهم الواقعة خلف السياج الفاصل، وجني محصولهم من الزيتون.

ويبدأ موسم قطف الزيتون في الأراضي الفلسطينية مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر ويستمر لشهرين. وينتظر الفلسطينيون أمطار الخريف الأولى ليبدأوا القطف. لكن عددا كبيرا من هذه الحقول يقع خلف "السياج الأمني" الذي بنته إسرائيل على امتداد 709 كيلومترات أثناء الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2002 للحؤول دون تنفيذ هجمات من فلسطينيين ضدها. ويسميه الفلسطينيون "جدار الفصل العنصري".

وتبقى لعائلة الفلسطيني هاني حريبات حوالى ثلاثة دونمات مزروعة بنحو 45 شجرة زيتون، بعد بناء السياج الذي أتى على أراضي الفلسطينيين في قرية السكة وغيرها من القرى التابعة لمدينة دورا في محافظة الخليل.

ويقول هاني (36 عاما) وهو يقطف الزيتون بيديه المغبرتين "في اليوم الأول، انتظرنا ثلاث ساعات قبل أن يسمح لنا بالدخول"، مضيفا أن "مدة الانتظار تعتمد على الضابط المسؤول... اليوم انتظرنا نصف ساعة فقط".

ويشير الى إن إسرائيل استكملت بناء الجدار في قريته قبل نحو عشر سنوات، الأمر الذي عاد على مالكي الحقول بالأثر السلبي.

ويخرج هاني من جيبه ورقة تصريح إسرائيلي تحدد له أوقات دخول الأرض ما بين الساعة الثامنة صباحا والرابعة عصرا.

هذا العام، سمحت السلطات الإسرائيلية لهاني وأقاربه بالدخول إلى الأراضي لمدة شهر ونصف، يستثنى منها أيام الجمعة والسبت وهي أيام العطلة في إسرائيل.

وتختلف مواعيد دخول الفلسطينيين إلى أراضيهم خلف الجدار ومدتها من منطقة إلى أخرى ويحددها الجانب الإسرائيلي.

وبحسب هاني، ترفض إسرائيل منح تصاريح جديدة لأفراد آخرين من عائلته.

ووفقا ل"هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية، يبلغ طول مقطع الجدار المبني على أراضي القرية 2,5 كيلومتر تقريبا.

وخسر أهالي قرية السكة 400 دونم بسبب الجدار، بحسب الهيئة، حصة هاني منها عشرة دونمات.

ويقول هاني الذي يعمل بشكل أساسي عامل بناء داخل إسرائيل، "كنت أزرعها بالقمح والشعير فأنتج نحو 400 كيس علف أقدمها طعاما لمئة رأس غنم كنت أملكها".

وتقاطعه زوجة خاله هادية أبو عيدة قائلة "حرمنا من أرضنا، أصبحنا ندخلها فقط في موسم الزيتون، كنت أزرع الشعير والقمح وكنا نأتي للتنزه".

وتضيف "حتى الأطفال لم يعد بإمكانهم أن يأتوا للعب".

وتسمح السلطات لأهالي قرية السكة بالوصول إلى أراضيهم مرة ثانية خلال العام لحراثتها.

- تكلفة مرتفعة -
وتنتج الأراضي المتبقية للعائلة زيتونا من النوع الرومي والبلدي، جميعها للاستخدام البيتي. وفي حال كان هناك فائض تقوم العائلة ببيعه.

وتقول هادية (58 عاما) التي ارتدت عباءة سوداء وغطت رأسها بوشاح "الزيتون الرومي أفضل، يعطينا زيتا أكثر".
وأنتج الفلسطينيون العام الماضي نحو 14740 طنا من الزيت و593448 طنا من الزيتون، وفق أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.

وبحسب الجهاز، بلغت قيمة إنتاج معاصر الزيتون البالغ عددها في الأراضي الفلسطينية 260 معصرة، 8,8 مليون دولار.

لكن هاني لم يتمكن السنة الماضية من حرث أرضه بسبب كثافة الأمطار ما أثر سلبا على إنتاج الزيتون هذا العام.

وبينما كان يحتاج الى أربع دقائق مشيا على الأقدام للوصول من منزله إلى الأرض خلف الجدار، أمسى هاني مضطرا لأن يستأجر كما الآخرين جرارا زراعيا.

وتعين الجرارات الزراعية الأهالي على نقل أدوات قطف الزيتون والمحصول وكذلك الأفراد الذي تبلغ تكلفة الفرد منهم 30 شيقلا (8,5 دولار تقريبا).

ويضطر هاني أيضا إلى أخذ إجازة من عمله ليجد وقتا لقطف الزيتون، وهذا بالنسبة اليه خسارة مادية إضافية كونه يتقاضى أجرا يوميا.

ويقول الطفل بشير، التلميذ في الصف الأول ابتدائي، وهو يحمل مشطا زراعيا يعينه على قطف الزيتون "أعطل من المدرسة من أجل الزيتون وللتسلية مع أصحابي". بينما تلاحظ منتهى أبو عيدة، وهي أم لثلاثة، وهي تمسك سلما خشبي تعتليه إحدى قريباتها لقطف الزيتون، "لون الزيتون يتغير مع الوقت. بداية الموسم يكون لونه أخضر"، ثم يتحول الى لون أغمق.

- "سرقوا أرضنا" -

وسار فريق فرانس برس بين أشجار الزيتون التي أحيطت بالأشواك الجافة صعودا نحو قطعة أرض ثانية للعائلة.
هناك كانت تجلس الحاجة فاطمة حريبات، والدة هاني، (62 عاما)، مستظلة بإحدى أشجار الزيتون، ومرتدية ثوبا تقليديا مطرزا بألوان باهية. وكانت تعمل على فرز الزيتون وتنظيفه من الأوساخ.

وتقول ومن حولها أحفادها "لم أعد استطيع قطف الزيتون بسبب تآكل الغضاريف في ركبي وأحتاج لعملية".
لكن حسرتها الأكبر كيف أمست محرومة من أرضها ولا تستطيع دخولها بيسر كما من قبل.

وتضيف وهي تشير بيدها إلى كتل الجدار الإسمنتية من خلفها "لقد أخذوا أرضنا، سرقوها، هذه أرضنا".

ويشير هاني الى إنهم يتعرضون للتفتيش قبل الدخول إلى الأراضي.

ويشهد موسم قطف الزيتون مواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين تقع خلالها إصابات. ويقوم مستوطنون بحرق أشجار الزيتون وقطعها.

وبحسب "هيئة الجدار والاستيطان"، فإن اعتداءات المستوطنات الموثقة حتى منتصف الموسم لهذا العام بلغت 120 اعتداء.
 

اخر الأخبار