متى سيتحدث رئيس الجمهورية عن آلام اللبنانيين وهمومهم؟

تابعنا على:   07:48 2019-11-22

غسان ريفي

أمد/ خلال 28 يوما أطل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أربع مرات لمخاطبة الشعب اللبناني بمعدل إطلالة كل سبعة أيام، من دون أن ينجح في وصل ما إنقطع بينه وبينهم، فلا هو لامس معاناتهم وأوجاعهم وهواجسهم، ولا هم إقتنعوا بمواقفه التي يرونها بعيدة كل البعد عن واقعهم وواقع البلد ككل، حيث ترك الخطاب الذي ألقاه لمناسبة الاستقلال يوم أمس سلسلة تساؤلات أبرزها: متى سيتحدث رئيس الجمهورية عن آلام اللبنانيين وهمومهم؟، ومتى سينزل إليهم من هذا البرج العاجي ليعالج أزماتهم ومشاكلهم؟، ألا يكفي 37 يوما في الشارع ليقدم الحلول التي ترضي المنتفضين؟..

اللافت، أن الاطلالات الاعلامية الأربع لرئيس البلاد تحولت الى مناسبات لتأجيج الحراك وملء الساحات، وتقطيع أوصال المناطق من خلال قطع الطرقات بالاطارات المشتعلة، خصوصا أن مضمونها أظهر بوضوح أن ″فخامة الرئيس″ غير مطلع بشكل كامل على ما تشهده البلاد من ثورة حقيقيه على عهده وعلى السلطة الحاكمة، في حين أن مستشاريه الذين يبدو أنهم يعيشون في كوكب آخر، لم يتمكنوا حتى الآن من صياغة خطاب يحاكي آلام الناس بجدية، ويمنحهم بعض أمل من شأنه أن يهدئ من روعهم، ويدفعهم الى إفساح المجال أمام ترجمة الوعود التي ملّ المواطنون من تكرارها.

لم يكن اللبنانيون ينتظرون من رئيسهم في خطاب الاستقلال نصائح أبوية، ولامواقف وجدانية، ولا أبيات شعر أو نصوص نثر، بل كانوا يتطلعون الى أن يقدم لهم حلولا عملية تقضي بتحديد موعد إستشارات التكليف، وتسهيل مهمة الرئيس المكلف لتشكيل حكومة إنقاذ بعيدا عن المصالح الفئوية والمكاسب الشخصية، ووضع حد للانهيار الاقتصادي والمالي والذي بدأ يدق أبواب اللبنانيين مهددا بالفقر والجوع.

لكن من الواضح أن فريق عمل رئيس البلاد كان أكثر إصرارا على أن يتحدث الى شعبه من وجهة نظرهم التي تتوافق مع تطلعات وطموحات "صهر العهد"، حيث فوجئ المنتفضون في الساحات أن الرئيس عون يحدثهم عن العام 2020 واعدا إياهم بأن يكون عام الاستقلال السياسي والاستقلال الاقتصادي والاستقلال البيئي، في وقت يخشون فيه على يومهم وغدهم ولقمة عيشهم وأموالهم المسجونة في صناديق المصارف، وليرتهم التي تنهار أمام الدولار وأمنهم المهدد، في ظل حكومة مستقيلة، وإنعدام أفق التوافق على حكومة جديدة، وأزمة سياسية غير مسبوقة تهدد سفينة الوطن بالغرق قبل الوصول الى العام 2020.

فوجئ المنتفضون أن الرئيس عون ينصحهم بأنهم "بعد إنتهاء الأزمة سيعودون الى المنزل والى الحي والى المدرسة والى الجامعة والى العمل، لذلك عليهم أن لا يسترسلوا في خطاب التحريض والكراهية لأن الهدم سهل لكن البناء شاق"، مع العلم (بحسب المنتفضين) أن "اللبنانيين لم يسبق لهم أن إجتمعوا بعيدا عن أحزابهم وطوائفهم ومذاهبهم وعلى محبة وطنهم ومحبة بعضهم البعض والتعاون فيما بينهم سوى في هذه الثورة التي إنطلقت ضد ممارسات السلطة التي تمثل عهد ميشال عون الذي حمّل الحراك الشعبي المسؤولية، متناسيا ما يبثه صهره جبران باسيل من كراهية وتحريض وخطاب طائفي وإستفزاز أخرج الناس عن طورها ودفعها للنزول الى الشارع للمطالبة باسقاط النظام برمته".

يمكن القول أنه في الشكل كانت الاطلالة مقبولة، فمونتاج الخطاب المسجل مسبقا كان جيدا، والمشهد الذي تزينه الاعلام اللبنانية كان مبالغا فيه، وطريقة الكلام كانت أفضل من الاطلالات السابقة، لكن في المضمون لم يقدم رئيس الجمهورية جديدا، ولم يثلج صدور اللبنانيين بالحلول التي كانوا ينتظرونها، وهو أهدر فرصة سانحة كان بوسعه من خلالها أن يحاكي معاناة شعبه وأن يعيد الثقة الى نفوسهم، وبالتالي فهو أخفق في الرد على كلام وليد جنبلاط يوم أمس الأول، والذي بدا أنه على حق، بأن ″العهد كمنظومة سياسية قد إنتهى".

عن سفير الشمال اللبنانية

اخر الأخبار