بعد تسريحهم.. موظفو فضائية القدس لـ "أمد": مأساتنا مستمرة ومصيرنا في مهب الريح!

تابعنا على:   23:30 2019-12-11

أمد/ غزة – ترنيم خاطر: بعد أن نالت منهم فصول الحياة اليومية الصعبة، قرر موظفي قناة القدس الفضائية الخروج عن صمتهم الذي دام قرابة العام، والمطالبة بحقوقهم التي لم يحصلوا عليها قبل إغلاق القناة في شباط/ فبراير 2019، بسبب الأزمة المالية التي أدت في نهاية المطاف إلى وقف دفع رواتب الموظفين.

أحوال الموظفين متأزمة

قال المصور الصحفي (ا . ر) لـ "أمد للإعلام": " لم يكن سهلًا ترك القناة بسبب الايقاف، التي عملت فيها منذ أكثر من 9 أعوام كمصور تلفزيوني، وعايشت فيها جميع الأحداث التي مر بها قطاع غزة من حروب وحصار".

وأضاف:" تحملنا وصبرنا على الأزمة المالية التي كانت تعاني منها القناة، قبل عام من الإغلاق، مؤكداً أننا كموظفين لم نكن نتقاضى رواتبنا بشكل منتظم، فكل شهرين أو ثلاثة نحصل على مبلغ رمزي جداً"

وتابع المصور الذي رفض الإفصاح عن أسمه، "هذا الأمر أدى إلى تراكم الديون المستحقة للموظفين، فأقل موظف من الموظفين اللذين تم تسريحهم لديه مبلغ يزيد عن 15 ألف شيكل في ذمة القناة، مشيراُ إلى أنه على الرغم من تطمينات إدارتها، إلا أنها الآن تتهرب وبكل الطرق من التواصل مع الموظفين".

وأكد أنه جميع الموظفين حاولوا التواصل مع الإدارة للحصول على حقوقهم المالية، إلا أن كل الوسائل بائت بالفشل، مطالباً إدارة القناة بضرورة إيجاد الحلول لمشكلة، وإعطائهم حقوقهم المالية، خاصة أنهم أصبحوا حالياً بلا عمل.

وأوضح لقد بدأت العمل وكنت في العشرينات من العمر، وأنا حالياً في نهاية الثلاثينات، وفي كل مكان أتوجه للبحث عن العمل، يكون العمر عائقاً أمام حصولي على تلك الفرصة، رغم الطويلة خبرتي في مجال التصوير والتي تجاوزت 14 عام.

وبين لـ"أمد للإعلام"، أنه وأسرته المكونة من 6 أفراد، باتوا في مهب الريح، بعد تسريحه من العمل وعدم حصوله على فرصة جديدة، وتراكم الديون عليه، موضحاً أنه أصبح يعتمد على عائلته في توفير احتياجات أسرته.

لم تتسبب الكارثة التي حلت على أحد وسائل الإعلام الفلسطينية، على ذلك المصور فحسب، أذ أنه تم ايقاف قرابة  150 موظفاً وموظفة دون سابق إنذار، لم يجد غالبيتهم أي مصدر دخل لهم حتى الآن.

من جهته أوضح الصحفي بسيم صعوب الذي كان يعمل كمذيع في قناة القدس الفضائية،:"كلما بدأ موظفو قناة القدس بحراك يدعو للمطالبة بحقوقهم تبادر إدارة القناة بإرسال رسالة ممجوجة تتضمن نفس الديباجة والأسطوانة المشروخة التي تقال في كل مرة".

وأضاف:" ما يحدث هو عملية تخدير وتضييع للوقت وتمييع للقضية، مؤكداً أن هذا الأمر بات مرفوضاً بشكل تام، فهذا تسطيح لعقولنا واستخفاف بحقوقنا".

وأكد أن المطلوب منهم توفير الوقت والجهد في سبيل دفع المستحقات، منوهاً إلى أن رسائل الاستعطاف التي كانت تدار بها القناة لن تفلح معنا.

ودعا الموظفين في قطاع غزة الذين تضرروا كثيراً مما حدث، تنظيم وقفة احتجاجية أمام مكتب يحيى السنوار، ووضعه أمام مسؤولياته والأمانة التي يحملها، مؤكداً أن السكوت لم يعد يجدي نفعاً.

بدوره يقول الصحفي ( س.  أ) الذي رفض أيضاً الإفصاح عن أسمه، بسبب تعرض بعض الموظفين المسرحين للتهديد بحجب مستحقاتهم، بعد محاولتهم المطالبة بحقوقهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، :"الإدارة غائبة عن المشهد، وتتنصل من مسؤولياتها بالتواصل والتفاهم مع الموظفين".

وأضاف لـ "أمد للإعلام":" لقد منعت  الإدارة الموظفين من حقهم في الحصول  على شهادات خبرة، حتى لا يقوم الموظفين الذين خدموا فيها لأكثر من 10 أعوام باستخدامها لإثبات الحقوق أمام القانون."

وتابع:" هذا الأمر دفع موظفي قناة القدس إلى إطلاق حملة إلكترونية عبر منصات ومواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #بدنا_حقوقنا، للمطالبة بحقوقهم، بعد عام على إغلاق القناة.

وقال عمر العيسوي مدير البرامج في فضائية القدس في تصريح سابق: "إن موظفي الفضائية حملوا على عاتقهم نقل الصوت الفلسطيني بكل أطيافه ومن جميع أماكن انتشاره" منذ أن انطلقت أواخر عام 2008.

وأضاف: "عايشنا الهم الفلسطيني ككل مواطن فلسطيني وسط عذابات المخيمات في الشتات واقع الأسرى وحصار المقدسي"، وتزامنت مع كل هذا "ظروف صعبة في الضفة، أبرزها اعتقال أصوات الحقيقة".

فيما تلوّنت المعاناة في غزة، يضيف العيسوي، "بين تغطية ثلاث حروب وفصول الحصار على قطاع غزة".

ولفت إلى أن بداية أزمة فضائية القدس كانت في مطلع 2018، و"طال معها صبر الشباب كثيراً على رواتبهم من دون أن يتراجعوا عن أداء أمانة التغطية"، إلى أن كانت المفاجأة في رسالة مساء 9 فبراير 2019، "فحواها إغلاق الفضائية".

القائمون على الفضائية، حسب العيسوي، "تركوا العاملين في كل مناطق وجودهم، في محاولات مستمرة لمعالجة قضيتهم، والسعي إلى إنصافهم، إلا أن كل الخطوات كانت ضعيفة".

وأشار العيسوي إلى أن بعض الموظفين، طُرِد من بيته لعدم قدرته على دفع بدل الإيجار، وآخر عجز عن تأمين مصاريف بيته، وتهدّده زوجته بالانفصال، إضافة إلى غالبية تعاني من الديون، ومنهم من تلقى بلاغاً للسجن بسبب ذمم مالية.

#بدنا_حقوقنا

واستمرت أحوال الموظفين في التأزم، و"نالت منهم فصول الحياة اليومية الصعبة"، قبل أن يصل اليوم الذي يقرروا "الانفجار بعد صبر طويل"، وإعلان وسم #بدنا_حقوقنا كخطوة أولى للمطالبة بحقوقهم المالية.

وقال أحمد الداعور على حسابة على "الفيس بوك": "مللنا من الانتظار، بعد نحو عام على الإغلاق"، ولفت إلى أنه منذ قرابة عام "لم نتقاضَ من حقوقنا سوى فُتات الفُتات، سمعنا الكثير من الوعود وكل ما رأيناه هو المماطلة والتسويف"، مشيراً إلى أنه عملَ مصوراً في فضائية القدس أكثر من عشرة أعوام.

 

أمد/

أما محمد اللوح فحمّل الذين اتخذوا قرار إغلاق فضائية القدس الفلسطينية تبعات هذا القرار، متسائلاً "إلى متى الصمت على معاناتنا؟ إلى متى التنكر لحقوقنا؟". وأضاف "دققنا كل الأبواب وطالبنا باسترداد حقوقنا ولم ينصفنا أحد".

 

وغرد أحد الصحفيين الذين كانوا يعملون بالقناة قائلا: "أين أصحاب القرار؟؟ .. لماذا يترك هؤلاء الزملاء بهذه الطريقة، لقد مضى ما يقارب العام على قضية موظفي قناة القدس الفضائية، وحتى اللحظة لم يتم انصافنا".

"أصبحت القدس القناة كالقدس العاصمة، لا بواكي لها"، هكذا عبّر عزام حافظ عما يمرّ به مع زملائه وسط معاناة دامت شهوراً، وكتب عبر صفحته في فيسبوك: "ما يزيد على 40  موظفاً كانوا قد رتبوا التزاماتهم على راتب القناة".

وأضاف: "اليوم مع اقترابنا من ذكرى عام على الإغلاق، وأكثر من عامين على تأخر الرواتب، صدعت الفاقة بهم فخرجوا بعوائلهم للشارع لعل صوتهم يصل". 

 

وكتب آخر: "عام ونصف ضاعت من حياتي المهنية بعد فقدان وظيفتي في اعقاب قرار إغلاق القناة التي كنت أعمل بها (قناة القدس)، وحتى الان وللأسف لم احصل على عمل رسمي وما أحصل عليه اعمل يوم والآخر لا".

وأضاف في تغريدته، "نستصرخ كل الضمائر أن تنظر لحل قضيتنا والتدخل العاجل من اجل نيل حقوقنا".

مطالبات بإنصاف موظفي القناة

الحملة لاقت تضامناً وتفاعلاً كبيراً من قبل نقابة الصحفيين والأطر والمؤسسات الصحفية في غزة، ما دفعها لإصدار العديد من البيانات المطالبة بضرورة أن يحصل موظفي قناة القدس الفضائية على حقوقهم المالية.

حيث أعرب التجمع الإعلامي الفلسطيني عن تضامنه الكامل مع صحفيي القناة، داعيًا إدارتها إلى العمل على إيجاد الحلول الكفيلة بإعادة الحقوق للموظفين المسرحين، وضمان تسديد مستحقاتهم بالشكل الأمثل.

وطالب المؤسسات الإعلامية الفلسطينية والدولية ومؤسسات المجتمع المدني والرسمية بالاستفادة من خبرات موظفي القناة الذين باتوا بلا مصدر دخل، والعمل على استيعابهم قدر الإمكان.

من جانبه، دعا التجمع الإعلامي الديمقراطي إدارة القناة للعدول عن قرارها الذي وصفه بـ "الجائر" بحق العاملين في القناة الفضائية، وإنصافهم بمنحهم حقوقهم كاملة.

وعبر التجمع، عن تضامنه الكامل مع العاملين في القناة جراء تجاهل حقوق العاملين فيها والتعامل معهم بشكل تعسفي تحت حجج واهية تارة والتحجج بالأزمة المالية تارة أخرى.

وقال "لا يعقل أن تستمر حالة التجاهل واللامبالة الواضحة لحقوق العاملين في قناة القدس من استعادة مستحقاتهم المالية أو إيجاد حلول عملية لهم، خاصة وأننا نتحدث عن فرسان ساهموا في تحقيق رفعة القناة وعكسوا صورة مشرفة عنها في الوسط الإعلامي تستحق الاحترام".

ودعا التجمع نقابة الصحفيين الفلسطينيين والمؤسسات الحقوقية إلى الوقوف لجانب الزملاء الإعلاميين في قناة القدس، وإسنادهم في خطواتهم النضالية حتى تحقيق مطالبهم العادلة ونيل حقوقهم المحقة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.

من ناحيته، أكد منتدى الإعلاميين الفلسطينيين تضامنه التام مع صحفيي إذاعة فرسان الإرادة، وصحفيي قناة القدس.

وأبدى المنتدى قلقه من تزايد نسب البطالة في صفوف الصحفيين جراء الأزمات المالية التي تعصف بالمؤسسات الإعلامية، الأمر الذي يتطلب ضرورة التكاتف والتدخل لدعم وإسناد الإعلام الفلسطيني.

فيما دعا إدارة قناة القدس الفضائية إلى ضرورة معالجة قضية موظفيها على قاعدة منحهم كامل مستحقاتهم، مطالباً مؤسسات المجتمع المدني باستثمار كوادر القناة باعتبارهم أصحاب خبرة وتجربة، وعدم تركهم فريسة لوحش البطالة من باب المسؤولية الاجتماعية والأخلاقية نحوهم، بحيث يتم استيعابهم ما أمكن وإتاحة فرص وظيفية مناسبة لهم.

كما جددت كتلة الصحفي الفلسطيني تضامنها مع العاملين بقناة القدس، معتبرةً فترة العام الماضي التي انقضت بعد إغلاق القناة كانت كافية لإعادة ترتيب الأوراق وإنصاف الزملاء الصحفيين العاملين فيها.

كلمات دلالية

اخر الأخبار