"ثنائية حزبية فلسطينية" مرغوبة للغير...!

تابعنا على:   08:39 2019-12-16

أمد/ كتب حسن عصفور/ تحاول وسائل إعلام أن تفرض مشهدا سياسيا فلسطينيا، غير قابل للتصويب لا يمكن اختراقه ضمن المعادلة القائمة بين القوى المختلفة، وكأنها قدرا لا فكاك منه، رغم كل النكبات الوطنية التي نتجت منذ "شراكتهما" في تأسيس الزمن الانقسامي، والدخول "شرعيا" في تمهيد الباب لتنفيذ المخطط المعادي.

"ثنائية فتح وحماس"، التي سمح لها أن تقود المشهد الفلسطيني ما بعد مرحلة الشهيد المؤسس الخالد ياسر عرفات، لم يكن تعبيرا واقعيا عن الحقيقة السياسية، بقدر ما كان "تمكينا" بفعل فاعل كي يساهم "تحالفهما غير المباشر" في تدمير "الوحدة الجغرافية – السياسية" بين الضفة والقطاع، تمهيدا لمرحلة جديدة من "الفراق" بغطاء جديد.

"الثنائية السياسية"، نتاج انتخابات 2006، كانت فعلا صناعيا، لعبت أمريكا دورا مركزيا لولادة تلك المعادلة "الجديدة"، التي لم تكن يوما جزءا من الواقع السياسي الفلسطيني، بعيدا عن ميزان قوى متحرك بين مختلف التيارات في المشهد، خاصة بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وما قبل "إطلاق" حماس من رحم جماعة "الإخوان المسلمين"، بتوافق أطراف عدة.

في زمن "الثورة" تعددت الحركة السياسية، وغابت "القطبية المقررة"، مع القيمة المتقدمة لحركة فتح، ما شكل الجدار الواقي لتطور الحركة الثورية رغم مؤامرات كانت كافية في زمن ما، لكتابة نهاية عصر الثورة، وإعادة زمن "الشتات"، بعيدا عن تناول مسببات ذلك ودوافع قواه المختلفة.

  لم يكن خافيا ابدا قوة فتح وزعيمها الخالد أبو عمار قياسا بالقوى المتحالفة معها منذ ما بعد معركة الكرامة 1968، التي فتحت باب الانطلاقة الأوسع للثورة المعاصرة، لكن ذلك لم يشكل عائقا ابدا على نسج تحالف نوعي، فتح الباب لكل تيارات الشعب الوطنية أن تكون جزءا من نسيجه، وفي محطات عدة حاولت فتح والخالد أن يمنح حماس مكانا لها ضمن "التحالف الوطني العام"، لكن قرارها لم يكن بيدها وحدها فرفضت كل المحاولات لأن تكون جزءا من "الكل الوطني".

رفض حماس لأن تكون جزءا من التكوين الوطني العام لم يكن بسبب "الرقم التمثيلي"، فما عرضته فتح والشهيد المؤسس كان "مغريا"، لكن الرفض كي تحافظ قوى "إطلاق" حماس باستمرار "ثنائية" المشهد، ثورة ومنظمة وحركة إسلاموية موازية.

مع اغتيال أبو عمار، بدأت عملية تحضير المسرح لآن تكون حماس جزءا من المعادلة "الحاكمة" وليست المعارضة، وخلق "ثنائية السلطة" بعد فشل خلق "ثنائية التمثيل"، دون أدني توافق سياسي يسمح بحماية المؤسسة الوطنية، ما فتح الباب واسعا لأخطر حركة انقسامية في التاريخ الفلسطيني المعاصر، ليس بين قوى وفصائل كما سبق أن عاشت الثورة في مراحل مختلفة، بل انقسام أدى الى عملية "قسمة كيانية" بين جناحي بقايا الوطن قاعدة الدولة الفلسطينية المرتقبة، والمقرة قانونا وفق قرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012.

ليس صدفة ان يرفض الرئيس محمود عباس اعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال، وفقا للقرار السابق والانتقال الى قطاع غزة باعتبارها قاعدة انطلاق تحرير الدولة، فيما شكلت حماس قوة داعمة لقرار الرئيس عباس بأشكال مختلفة، أهمها رفض حل مكوناتها الأمنية – السلطوية وفقا لاتفاقات وقعت، ليس لخلل في تنفيذ هذا البند أو ذاك، بل رفضا للتطور الأبرز نحو كسر "القسمة الكيانية" وفتح الباب لفرض "كيانية جديدة".

معادلة "الثنائية الحزبية الفلسطينية" ليست قدرا سياسيا، ويمكن هزيمتها لولا القوة القاهرة التي تمثل حماية لكل منهما، ولا علاقة لهما بالقوة الشعبية التي يدعيان...وقطاع غزة نموذجا حقيقيا لذلك، حيث الحركة الشعبية في جهة والقوى بكل تشكيلاتها في جهة أخرى، فيما فتح في الضفة المحتلة تعيش أسوء مراحلها الشعبية والتنظيمية...

الانتخابات المفروضة ليست لتجديد "الشرعية الوطنية"، كما تحاول أطراف اللعبة تمريرها، بل لتجديد فرض "شرعية المعادلة الحزبية الثنائية" للانتقال من مرحلة "القسمة الكيانية" الى مرحلة "الانفصال الكياني".
 مواجهة ذلك ممكن، لكن فقدان القدرة الذاتية لمختلف المكونات الفصائلية القائمة، وانعدام إمكانية خلق "بديل جديد" ضمن التقاسم القائم بين السلطات الثلاث (احتلال وفتح وحماس)، يمنع تغيير المعادلة الحزبية لكنه لا يمنع مواجهة مخططهما المشترك لو قرر من ليس جزءا من "مؤامرة الانفصال"!

ملاحظة: تصريحات أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط في منتدى عالمي حول "ضاعت فلسطين" تمثل صراحة سياسية نادرة من شخصية بمكانته...المأساة ليس في توضيح الحقيقة بل في صمت كل من يدعي تمثيلا لفلسطين!

تنويه خاص: فتح (م7) وحماس تتبادلان ليل نهار تهم الخيانة الوطنية، ومع ذلك يتبادلان عرض تشكيل قائمة انتخابية موحدة...هل هو توافق على "الصواب الوطني" ام على تكريس "العار الوطني"...وضحوها!

اخر الأخبار