قاد مرحلة التغيير ورحل

تابعنا على:   21:25 2019-12-24

عمر حلمي الغول

أمد/ ترجل رجل الجزائر الشجاع عن المشهد السياسي والعسكري بعد ان قاد مرحلة التغيير. أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الجزائري كان ربان سفينة بلاد المليون ونصف المليون شهيد منذ ان اعلن الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة عن نيته الترشح لولاية خامسة في تشرين ثاني / نوفمبر 2019، التي رفضتها القوى والنخب السياسية والشعب على حد سواء، مما دفع الرئيس المتنحي في 11 آذار/ مارس 2019 الإستجابة لضغط قائد الجيش الفعلي والشعب على حد سواء. وتلا ذلك تنحيه كليا في الثاني من نيسان / إبريل 2019 عن الحكم بعد عقدين كاملين من تربعه على سدة الرئاسة الجزائرية.

وبحنكة سياسية، وإقتدار شجاع أدار الأزمة في البلاد منذ بداية العام الحالي حتى الإنتخابات الرئاسية في ال12 كانون أول / ديسمبر 2019، التي حملت الرئيس عبد المجيد تبون إلى مقعد الرئاسة دون إراقة نقطة دم واحدة. وتمكن خلال هذة المرحلة القصيرة جدا في عمر الشعوب من إحداث تحولات هامة في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية والسياسية، فقام بعد إرغام الرئيس الأسبق بوتفليقة على التنحي، من تصفية البطانة، التي وصفها في بيان رسمي ب"العصابة"، وتم ملاحقتهم لاحقا وإعتقال العديد منهم بتهم الفساد.

نعم أحمد قايد صالح تمكن بدعم من المؤسسة الأمنية والعسكرية والشعب ونخبة الوطنية والديمقراطية من إعادة ترتيب البيت الجزائري وفقا لمصالح الشعب. وساهم بإجراء إنتخابات رئاسية ديمقراطية تنافس فيها خمسة مرشحون، فاز بها الرئيس الثامن تبون بما يزيد عن 58% من الأصوات. وتم في ال19 من الشهر الحالي كانون اول/ ديسمبر من الإنتقال السلمي للرئاسة وبشكل ديمقراطي، وفي ذات اليوم قام الرئيس الجديد بتقليد وسام الصدر الرفيع لكل من الرئيس الإنتقالي عبد القادر صالح، ونائب وزير الدفاع، قايد صالح تقديرا لجهودهما المتميزة في حماية الجزائر ومصالحها الوطنية والقومية ومكانتها الأفريقية والأممية.

وكأن تقلد احمد قايد صالح الوسام قبل ايام قليلة بمثابة رسالة سماوية، بأن الرجل أتم رسالته الوطنية بإمتياز، وسلم الراية لمن يستحقها من القادة وفق تقديره ومنطقه الوطني، ولم يعد هناك ما يخشاه، فرحل يوم الأثنين (امس) الموافق 23/12/2019 تاركا المسرح للفرسان الجدد، وبعد ان ثبتت الشرعية الشعبية والسياسية والقانونية الجزائرية اقدامها مدعومة من المؤسسة الأمنية والعسكرية.

غادر فارس وقبطان المرحلة بعد ثمانين عاما قضى جلها في النضال الوطني، حيث إلتحق بالكفاح التحرري وعمره 17 عاما، وبعد إستقلال الجزائر عام 1962 إلتحق بالجيش الوطني، وتدرج إلى أن تم ترفيعه عام 2013 لرتبة فريق، وإحتل منصب نائب وزير الدفاع. ويعتبر أحمد قايد صالح آخر المناضلين الجزائريين التاريخيين. لهذا شعر بثقل المسؤولية الوطنية تجاه الشعب والثورة والدولة، وإنتدب نفسه عنوانا للتحولات الدراماتيكية، التي شهدتها الجزائر هذا العام.

نجح نائب وزير الدفاع الراحل في بلوغ الهدف المنشود بدعم كامل من الشعب الجزائري العظيم. وتمكن من التصدي بثبات وشجاعة للمتفرنسين، وكل من اراد العبث بمصير ومستقبل الجزائر، ومازالت المحاكم الجزائرية حتى يوم الدنيا هذا تلاحق وتحاكم كل من تورط في عمليات الفساد، ونهب اموال الشعب.

إسم احمد قايد صالح سيخلده تاريخ الجزائر الحديث كواحد من ابطال الجزائر الشقيق، الذين حملوا على كاهلهم راية الدفاع عن الثورة والدولة والنظام الجزائري الديمقراطي بمعايير التجربة الوليدة، والتي تتسم بملامح الشعب والوطن. وسيحفظ له التاريخ ايضا، انه حافظ على دم الجزائريين، ولم يسمح بسقوط نقطة دم واحدة، وأوصل الوطن الجزائري العظيم إلى شاطىء الآمان.

رحم الله احمد قايد صالح، وأحر التعازي الأخوية للشعب الجزائري البطل برحيل رجل المرحلة ومهندسها وعرابها نائب وزير الدفاع.

اخر الأخبار