وسط تحذيرات أمنية

خاص لـ "أمد".. إسرائيل توظف إعلامها لخدمة مشروعها الاستعماري والمطلوب تكثيف حملات التوعية

تابعنا على:   23:32 2020-01-19

أمد/ غزة - نسرين موسى: لجأت إسرائيل إلى توظيف وسائل الإعلام في خدمة مشروعها الاستعماري منذ اليوم الأول لاحتلال فلسطين، وما تزال بعد كل هذه العقود، تستخدم كل وسيلة تواصل لتحقيق أهدافها الدعائية، وبمجرد دخول شبكات التواصل الاجتماعي إلى بيوت المواطنين الفلسطينيين، دخلت ماكنة الدعاية الاسرائيلية على الخط بسرعة، وأنشأت صفحات، كصفحة الناطق باسم الجيش، وصفحة المنسق، وصفحات أخرى كلها هدفت إلى تحقيق ذات الغاية، وهي تحسين صورة جيش الاحتلال، فهل نجحت؟

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد اختارت إسرائيل، بمساعدة بعض الفضائيات العربية، الدخول إلى كل بيت فلسطيني وعربي، عبر استضافة المتحدثين باسمها والمدافعين عن سياساتها، وهذا ما يعكسه الظهور المتكرر لـ "أفيخاي أدرعي" على شاشة قناة الجزيرة القطرية، في إطار منظومة التطبيع الاعلامي وتكريس فكرة تقبل الآخر في الوعي الجمعي العربي، فهل تحقق لها ذلك؟.

مخاطر

الخبير بالشؤون الاستراتيجية والأمنية إبراهيم حبيب يقول لــ "أمد للإعلام" :" جيش الاحتلال الإسرائيلي لا يدخر جهدا في سبيل استخدام كل الأدوات المتاحة في سبيل الحصول على معلومات استخبارية، بالإضافة لمواجهة الجبهة الداخلية الفلسطينية واختراقها لتحقيق الهزيمة النفسية لديها،  والتأثير على المقاومة الفلسطينية.

"ويأتي ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والتي تعد من أخطر الوسائل التي يستخدمها جيش الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، سيما وأن جل أبناء الشعب الفلسطيني لديهم صفحات تواصل على شبكات التواصل الاجتماعي، وبالتالي الجزء الأكبر من الشباب والمراهقين الذين ربما لا يكون لديهم دراية بأساليب والأدوات والمخاطر التي تستخدمها  إسرائيل، من أجل الوصول للمعلومات التي قد ترشدهم عن المقاومة بطريقة غير مباشرة،  ومن أمثلة هذه الصفحات صفحة "المنسق" وصفحة الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي " أفيخاي أدرعي" .

ويلفت حبيب إلى أن أي شخص يعجب بالصفحة أو يكتب أي تعليق، يستطيع من يدير هذه الصفحة اختراق حساب صاحب الصفحة الذي وضع اعجاب أو تعليق، ومن ثم اختراق الجهاز المستخدم، وسحب كل المعلومات الموجودة على الجهاز، وبذلك يصبح هذا الشخص بكل معلومته مكشوفا امام المخابرات الإسرائيلية، وصيداً سهلاً يمكن الايقاع به إذا ما علموا أن لديه بعض الاشكاليات أو بعض الازمات التي يعاني منها، ويدخلوا له من خلال هذه الثغرات، ويتم إغراءه بالمال أو السفر أو يتم تهديده ومن ثم يتم توريطه".

ويشدد حبيب أن الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية بغزة، حرصت على عمل حملات توعية مستمرة للشباب والجبهة الداخلية، لتنبيهم من التعامل مع هذه الصفحات المشبوهة، لأن ذلك يعرضهم لأن يكونوا فريسة سهلة لجيش الاحتلال، وبالتالي الوقوع من حيث لا يدرون ببراثن العمالة والسقوط".

يستوجب معالجة جذرية

وفي معرض رده على سؤال كيف يمكن مجابهة ذلك فلسطينياً؟ يقول حبيب:" أعتقد أن المسؤولية جماعية، ومن جهة الأجهزة الأمنية تبذل قصارى جهدها من أجل هذه المواجهة، ولكن على الأسرة ورب الأسرة أن يكون واعيا ومدركا لأبنائه ماذا يفعلون، وأن يكون هناك نوعا من الرقابة الواعية تجاه الأبناء حتى لا يقعوا فريسة لهذه الصفحات.

ويتابع حبيب :"هذا أمر يستوجب معالجة جذرية، ومستمرة من أجل إيجاد حالة وعي، لأننا لا نستطيع الانعزال عن العالم ونقول لا نريد المشاركة بشبكات التواصل الاجتماعي،  بل يجب أن يكون لدى أبنائنا الوعي لمواجهة المخاطر التي تحدق بأمننا ومعلوماتنا، جراء تفاعلنا مع هذه الصفحات، ومع حالات الاختراق التي قد يتعرض لها الأبناء حتى من جهات أخرى مثل الهكر الذي يرتكب أعمال خطيرة، وربما يفتح كاميرا الموبايل.

وحول استضافة بعض الفضائيات العربية الناطق باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي، أفيخاي أدرعي، مثل قناة الجزيرة والعربية التي تتيح لكل الجهات الظهور وطرح وجهة نظرها، يقول حبيب:" هناك خطورة من استضافة الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي وبعض المحللين الإسرائيليين، دون أن يكون هناك من يناظرهم، على اعتبار هذا تطبيع مع إسرائيل، والأفضل عدم ظهورهم على الفضائيات العربية، مشيراً إلى أن ذلك له علاقة بسياسة الدولة وبسياسة القناة، ومن الصعب علينا كفلسطينيين اجبار هذه الدول على عدم التطبيع مع اسرائيل".

تؤثر على الأمزجة

من جهته قال المختص بالشأن الإسرائيلي أ. حسن لافي لــ "أمد للإعلام" :" اختراق الوعي الفلسطيني والعربي والتأثير عليهما،  يُعَدُّ من الأهدافِ الرئيسةِ للإعلامِ الإسرائيلي،  وخاصةً الناطقة باللغة العربية منذ بدايات المشروع الاسرائيلي،  وحتى الآن، ويوجد في إسرائيل أكثر من مصدر لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وليس على الصعيد الفلسطيني بل الإقليمي، ولديها نوع من الأدوات التي تؤثر على الأمزجة".

ويشير لافي إلى أن ذلك يتضح بالتسريبات التي تنقل على أنها من مصادر عبرية، ولكن لم يكن لديها أي مصدر حقيقي، وما هي إلا عبارة عن إشاعة لإثارة الراي العام الفلسطيني".

استقطاب وتجنيد

وشدد لافي على أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت محل كبير للاستقطاب والتجنيد لجهات إسرائيلية مختلفة، وإن لم تكن بطريقة مباشرة فهي فكرياً، حيث يتم نقل أفكارهم، وتستخدم الاختلافات الموجودة في الشارع، سواء المذهبية، أو السياسية، وهذا واضح باستشهاد قاسم سليماني، أو الخلاف بين فتح وحماس".

وفي معرض رده على سؤال هل تعمل إسرائيل على تحسين صورتها عالمياً من خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ يقول لافي:" بالتأكيد تظهر نفسها أنها تفتح حواراً مع العرب، وأنها صاحبة الصدرالرحب وتستوعب الجميع".

ويضيف لافي:"عندما يظهر افخاي يعتاد المشاهد العربي على رؤيته على أن الأمر طبيعي وليس عدو، خاصة مع مناداته بالسيد، حيث يعد نوع من الاحترام ، ويفترض أن لا نظهر للعدو أي احترام".

ويتابع لافي:" الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية "أفيخاي أدرعي" حريص  على الاستشهاد ببعض الألفاظ الإسلامية، كجزء من حرب الدعاية الإسرائيلية، وظهوره المُتكرّر على بعض شاشات الفضائيات العربية، وخاصة في وقت الذروة، وفي البرامج ذات المُتابَعة الجماهيرية الكبيرة، ومنحه المساحات الواسِعة من وقت البثّ المباشر، ممارسة لسياسة كيّ الوعي والحرب النفسية المُمنهَجة على المُشاهِد العربي من خلال تقديم رواية إسرائيل المُزيّفة والإصرار على إقناع المُشاهِد بها.

ويضيف:"وهو إصرارٌ على تحويل أدرعي لنجم تلفزيوني، لخلق علاقات شبه اجتماعية بينه وبين المُشاهِد العربي، بحيث يعتاد على وجوده، كأنهم يعرفونه شخصياً، ويزورهم في بيوتهم بشكلٍ دائمٍ، وهذا سينعكس في اللاوعي لدى المُشاهِد العربي عن الاحتلال الإسرائيلي.

وحول كيفية مجابهة محاولة إسرائيل التأثير على الشباب الفلسطيني يقول لافي:" يتم من خلال عدم الرد، أو الدخول لصفحاتهم الرسمية، أو صفحات جيشها، وعدم زيادة المتابعين، وان تكون الرواية الفلسطينية حاضرة بصدق ومصداقية، حتى تكسب الثقة لدى المواطن الفلسطيني والعربي".

من جهته يعتبر مدير مركز نفحة لدراسات الأسرى والشؤون الإسرائيلية أحمد الفليت، أن إسرائيل تقوم بتجميل وتحسين صورتها عربياً وعالمياً، حيث أن هناك خطوة متقدمة قامت بها وزارة الخارجية الإسرائيلية، وهي انشاء وزارات افتراضية للدول التي ليس معها تطبيق, مثلا الجزائر ليس لها علاقة مع اسرائيل فأنشأت وزارة الجزائر، من خلالها يتم التواصل مع الشباب الجزائري حول العالم، بهدف تجميل صورة إسرائيل بالعالم،  وهناك إعلام رقمي تابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، موجود منذ عام2011، في المقابل لا يوجد لدى وزارة الخارجية الفلسطينية حتى الآن قسم للإعلام رقمي.

ويضيف لــ "أمد للإعلام":" تسعى إسرائيلي إلى تهدف تجميل، والتركيز على قضايا انسانية وتسليط الاضواء على انجازاتها، وتفوقها التكنولوجي والعلمي والاقتصادي، وتغطية كل الجوانب الايجابية لجذب الشباب العربي وابهارهم، مع العلم أن الذين يقومون على هذه الصفحات مجموعة من المختصين باللغة العربية وبشؤون اخرى.

سياسة قنوات

وحول استضافة أفخاي أدرعي عبر القنوات العربية يؤكد على أن هذا الأمر مرفوض، لكن للأسف هذا الواقع رغم الاعتراض، حيث يعتبر ذلك سياسة قنوات"، مشيرا إلى إن القائمين على صفحته هم مجموعة من الشباك الاسرائيلي".

وعن كيفية مجابهة صفحة أفخاي فلسطينياً؟ يقول الفليت:" يتم النهي عن متابعة هذه الصفحات، لكن في كثيراً من الأحيان يتم المتابعة من باب الفضول، منوهاً إلى أن هناك حملات توعوية بمخاطر عمل أعجاب أو متابعة تلك الصفحات، أو التعليق، لكن الأمر غير كافي، فهناك قصور بعمل المؤسسات، إضافة إلى عدم متابعة شكاوى المواطنين، وعدم وجود اهتمام من قبل المسؤولين، خاصة بفئة الشباب.

ويختم الفليت:" يجب عمل ورشات عمل توعوية، بدلاً من أسلوب الأمر والنهي وإيجاد أساليب أكثر فعالية".

وكانت نقابة الصحفيين أدانت التعامل مع أبواق الاحتلال و"ناثري السم" الذين يتباهون بتبرير جرائم الاحتلال واعتداءاته المتواصلة على أبناء شعبنا ومنهم الصحفيين ووسائل الإعلام. واعتبرت أن فتح صفحات الإعلام المحلي والعربي، وأثير موجات محطات الإذاعة والتلفزة للناطق باسم الاحتلال وغيره من القادة العسكريين والسياسيين عبر مقابلات خاصة وحصرية هو خدمة مجانية للاحتلال وروايته التضليلية.

حملات توعية

الصحفي محمد الجمل يقول لــ "أمد للإعلام" :" أعي  وأدرك ان جيش الاحتلال فشل في كثير من المحطات في اختراق المجتمع الفلسطيني،  والتأثير عليه بسبب حالة الوعي، وكجزء من المحاولات المستمرة بات يستخدم منصات التواصل الاجتماعي من خلال صفحة المنسق وغيرها".

ويضيف الجمل:" في الحقيقة هذا أمر خطير، ولا يكفي أن نقاطع بل علينا أن ننشر التوعية، في محيطنا خاصة إذا ما كان الشخص مؤثر وله متابعين كثر، من خلال منشورات تحذر من صفحة المنسق وتفضح أهدافها.

ويختم الجمل حديثه قائلاً:" نحن بحاجة لا طلاق حملات، والتغريد على هاشتاقات متابعة المنسق خيانة، أو غيرها من العناوين لتصبح هذه الصفحات، وغيرها معزولة لتفقد قيمتها والهدف الذي انشأت من أجله".

اخر الأخبار