تسقط صفقة القرن

تابعنا على:   19:58 2020-01-29

خالد صادق

أمد/ تنامي حالة الرفض الشعبي لما تسمى بصفقة القرن ناتج عن حالة الغضب المتزايد تجاه السياسة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط وتحديدا تجاه القضية الفلسطينية, والوقوف الى جانب الاحتلال الصهيوني بشكل منحاز وسافر ومستفز, وكأن امريكا تفرض سياستها غصباً ليس على الفلسطينيين فقط, انما على العالم اجمع, فالرئيس الامريكي يعلن عن صفقة القرن بحضور طرف واحد فقط من طرفي الصراع, وينكر على الفلسطينيين حقهم في الاعتراض على الصفقة او ابداء ملاحظاتهم حولها, او حتى الاطلاع عليها قبل طرحها كما اطلع عليها الاسرائيليون, لذلك خرجت الجماهير الفلسطينية والعربية بهشتاج عبر مواقع التواصل الاجتماعي «لا لصفقة القرن» ولاقى رواجا كبيرا وتفاعلا على المستوى الفلسطيني والعربي والاسلامي, وطالما ان الشعوب ترفض تلك الصفقات المشبوهة, فإنها لن تمر ولن تنجح وهي تحمل عوامل فشلها في داخلها, فما بني على باطل فهو باطل, والخطة التي طرحتها الادارة الامريكية, كتبت بمداد اسرائيلي خالص, وقدمت الى الادارة الامريكية, وهي تلبي كل احتياجات الاسرائيليين, فالمدعو جاريد كوشنير صهر الرئيس ترامب صاغها بمعرفة نتنياهو واقطاب اللوبي الصهيوني المتطرف سواء في امريكا, او لدى الكيان الصهيوني, وكأن كوشنير يملي علينا آراءه ويفرض علينا سياساته, ويجبرنا على تجرع اسرائيل وقبولها «كشريك» للعرب في المنطقة.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يقول انه تلقى تهديدات من الادارة الامريكية بعد ان رفض الرد على مكالمات الرئيس الامريكي دونالد ترامب, وهذا ليس غريبا على ترامب وسياسته, فهو يؤمن بمنطق القوة في فرض رؤيته وموصوف بالهمجية في التعامل مع خصومه, لكن الطريق الوحيد امام رئيس السلطة للنجاة من تهديدات الادارة الامريكية والاحتلال الصهيوني, الدعوة للحوار الداخلي الفلسطيني وانهاء الانقسام, واطلاق يد المقاومة وتحريك الشارع في الضفة لمواجهة اخطار الصفقة, والتحرك على المستوى الدولي لفضح انحياز الادارة الامريكية للاحتلال, وانكار والتنصل من قرارات «الشرعية الدولية» والدعوة لاجتماع طارئ لجامعة الدول العربية لتشكيل جبهة مواجهة لصفقة القرن, وتحصين الموقف الرافض للتعاطي معها لأنها تضر بالمنطقة العربية وتهدد مصالح العرب وثرواتهم, وتلحقهم بالتبعية السياسية والثقافية والاقتصادية للاحتلال والادارة الامريكية, واشد ما يقلق اليوم هو غياب الشارع العربي عن المشهد, وعدم التحرك لمواجهة اخطار صفقة القرن, وعدم ادراك خطورة التدخل الامريكي السافر في الشأن الداخلي العربي والفلسطيني لصالح الاحتلال الصهيوني, الذي ترغب الادارة الامريكية لجعله القوة العظمى في منطقة الشرق الاوسط والتي تتحكم في السياسات في المنطقة وتسيطر على الثروات وتحقيق مطامع امريكا في إضعاف دول المنطقة وتبعيتها.

مخطط «صفقة القرن» يحمل من الاخطار ما يعصف عصفا بكل الحقوق الفلسطينية, وفيه تعدٍ سافر على حقنا في مقاومة الاحتلال, فالصفقة تتضمن وقف كل اشكال المقاومة ضد الاحتلال, وخاصة في قطاع غزة, بتجريد الفصائل الفلسطينية من سلاحها وحل الاجنحة العسكرية للفصائل وانشاء نفق يربط بين قطاع غزة وأراضٍ من الضفة الغربية, كما كشفت صحيفة الاخبار اللبنانية عن ضغوط كبيرة تمارس على مصر والاردن, حيث تتطلب الصفقة تسهيلات مصرية فيما يتعلق بالوضع في الشيخ زويد ورفح والعريش أيضاً، لكن بدلا من ضم هذه الأراضي إلى غزة لتوسيع حدود القطاع، وضمّ أجزاء من صحراء النقب إلى مصر، تضمنت المقترحات آليات عمل مشتركة في هذا النطاق من الحدود المصرية تضمن دخول الفلسطينيين إليها وخروجهم منها، وإقامة مشاريع صناعية لهم في هذا النطاق بقوانين مصرية تقرَّر لاحقاً، مع إمكانية منحهم الجنسية وفق ضوابط محددة وميسرة. في المقابل، ستحصل القاهرة في حال تنفيذ ما هو مطلوب منها كاملاً على ما يقارب 65 مليار دولار أيضاً على صورة دفعات ومشاريع في منطقة شمال سيناء لاستيعاب العمالة المتوقعة, وقد طُلب من الأردن توطين نحو مليون لاجئ فلسطيني على دفعات، تكون أكبرها الدفعة الأولى بنحو 300 ألف (تشمل الغزاويين داخل المملكة)، على أن يحصل مقابل ذلك على نحو 45 مليار دولار على صورة مشاريع ودفعات مالية تساعد في إحداث انفراجة في الأزمة الاقتصادية التي يمر بها منذ أشهر (يتقارب هذا المبلغ مع الدين العام للمملكة المقدر بـ53 ملياراً), فكيف يمكن تصليب الموقف الرسمي للسلطة ومصر والاردن, وما هو السبيل للخروج من مأزق «صفقة القرن» الايام حبلى بالمفاجآت « فلتسقط صفقة القرن».

اخر الأخبار