الحرب بالكلام والقتال بالسلام

تابعنا على:   18:13 2020-02-03

خالد صادق

أمد/ خرج علينا مجلس وزراء الخارجية العرب الذي عقد اجتماعاً طارئاً على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة بطلب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ببيان ختامي على رفض الخطة الأميركية للسلام المسماة «صفقة القرن» ورغم التناقض في الموقف الرسمي العربي خاصة من الدول التي شاركت في مزاد بيع فلسطين في حديقة البيت الابيض الثلاثاء الماضي, وتثمين البعض للموقف الامريكي لإرساء السلام, الا ان قرار رفض الصفقة خرج بالإجماع, ودون ان نبحث عن مبرر معقول لهذا دعونا نتبنى موقف المستشار السابق للرئيس محمود عباس السيد نبيل شعث الذي برر ذلك بالقول « كانوا مش فاهمين خطورة الصفقة فشاركوا, اليوم عندما فهموا صوتوا ضدها» مع اننا غير مصدقين ذلك لان قرار المشاركة في مزاد الصفقة هو قرار دولة وليس قرار فرد, ومش معقول دولة بخارجيتها ومستشاريها وسياسييها وسفرائها وخبرائها مش فاهمة محتوى صفقة القرن, لكن دعونا نصدق لأننا بالفعل نريد ان نصدق ذلك حتى لا يقتلنا القهر, لكن ما يدعو للاستغراب ان هؤلاء المشاركين في مزاد الصفقة لا زالوا مؤمنين بانها جيدة, ودعوا السلطة الفلسطينية لإعادة دراستها مجددا وانه يمكن التفاوض حولها مع الامريكان, فهي قابلة للتعديل حسب وجهة نظرهم, رغم ان ترامب نفسه قال انها غير قابلة للتعديل او المناقشة» فإما ان تقبلوها كما هي او ترفضوها كما هي « لكن الاشقاء العرب اختاروا الحرب بالكلام, والقتال بالسلام, هم اختاروا الخروج ببيان يستنكر هذه الصفقة, لكنهم على الارض لم يتخذوا أي قرار بدعم السلطة او الشعب الفلسطيني لا سياسيا ولا ماليا ولا اقتصاديا.

الإدارة الأمريكية علقت على رفض الجامعة العربية دعم صفقة القرن، مؤكدة أن الدول العربية لم تجمع على رفض صفقة ترامب. ونقل موقع أكسيوس (Axios)، عن مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض: «تقدر الولايات المتحدة ردود الفعل الإيجابية من العديد من الدول العربية، حول خطتنا للسلام التي تم الإعلان عنها السبت في اجتماع جامعة الدول العربية في القاهرة, وهذا يوحي ان وراء الاكمة ما وراءها, فهناك دول عربية تجيد اللعب على الوجهين, وتعتقد انها بذلك تلعب «الاكروبات» السياسية بفهلوة, وتظن ان الجمهور يصدقها, وهي لا تعرف انها محل سخرية من الجمهور, وباتت هذه الدول معروفة بالاسم وسياستها واضحة, وتقف مع الاقوى ولو على حساب فلسطين وقضيتها, حتى انها تقطع من لحمها الحي وتجوع شعوبها لتطعم الامريكي الباغي والصهيوني المغتصب لأرضنا ومقدساتنا, فالحسابات لديها متعلقة بالشخص والقبيلة, وليس بالدولة ومصالح الشعب والوقوف الى جانب الصديق الشقيق, السياسة بالنسبة لهم تعني فقط استمرارهم على عروشهم بأي ثمن كان, ولو على حساب مصالحهم وعقيدتهم ومقدسات المسلمين, وهم يعتقدون ان ترامب الآمر الناهي الذي يدير شؤون بلادهم, ويتحكم في استقرارها أو بث الفوضى فيها, لذلك يبحثون عن أي وسيلة لإرضائه وكسب وده, وقد اوصلهم حالهم هذا ليكونوا مجرد اداة في يد ترامب يحركها كيفما يشاء.

الحرب بالكلام والقتال بالسلام ليس المنطق الذي انتهجته الانظمة الرسمية العربية فقط, انما السلطة الفلسطينية تقاتل بنفس المنطق, فالرئيس محمود عباس الذي لا يؤمن بالمقاومة مطلقا, حتى انه طالب بأن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح, ولم يتخذ بعد أي خطوة حقيقية لإسقاط صفقة القرن, فلم يدع المواطنين في الضفة المحتلة للخروج بتظاهرات شعبية, ولم يعلن اسقاط اوسلو التي اسست لصفقة القرن, ولم يتخذ خطوة واحدة باتجاه وقف التنسيق الامني مع الاحتلال الصهيوني, حتى أن مديرة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA قامت بزيارة سرية لرام الله الخميس الماضي، التقت خلالها مع رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج وحسين الشيخ للاطمئنان على استمرار التنسيق الامني الذي تجاوز رئيس السلطة تماما, وهم يتقاضون رواتب وميزانيات من الخزانة الامريكية, وبقيت دعوته لوقف التنسيق الامني مجرد كلام وليست قرارا نافذا يجري العمل به فورا, كما انه لم يطلق سراح المعتقلين السياسيين الفلسطينيين لدى اجهزة امن السلطة, نحن لا نشكك في خطوات السلطة بالوقوف في وجه صفقة القرن, لكننا في حاجة لخطوات عملية يمكن من خلالها تفعيل الكلام والاستنكار الى واقع واجراءات عملية لمواجهة ما تسمى بصفقة القرن, يجب ان نتجاوز لغة الكلام, وان لا نقاتل بالسلام مع الاحتلال الصهيوني فهو عدو السلام ولا يؤمن به, لا نريد استخدام الاوراق كوسيلة ضغط للعودة لمسيرة التسوية, يجب ان نتعامل مع خطورة الصفقة على قضيتنا بمسؤولية كبيرة حتى لا نبقى مجرد ظاهرة صوتية بلا قيمة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار