القاسم يغالط الحقائق

تابعنا على:   13:40 2020-02-10

عمر حلمي الغول

أمد/ تجاوز المنطق والحقائق والتاريخ حين إدعي فيصل القاسم، مقدم أكثر من برنامج في فضائية الجزيرة القطرية، ابرزها "الإتجاه المعاكس"، حين إدعى ان "المشروع الوحيد الناجح في المنطقة، هو المشروع الصهيوني." وأضاف "أن كل المشاريع القومية العربية فشلت." فهلل وصفق  له أوفير جندلمان، رئيس قسم الإعلام العربي في مكتب نتنياهو، وافيخاي أدرعي، الناطق بإسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي على تصريحه الخطير والمعيب، والذي ناصب الحقيقة العداء، لإنه سلط الضوء على الجانب الشكلي، وغير الواقعي.

وتناسى الدكتور القاسم يوم السبت الماضي الموافق 8/2/2020 عن سابق تصميم وإصرار التوقف أمام التاريخ، وتجاهل عامدا متعمدا الكشف عن العوامل والأسباب، التي وقفت خلف المشروع الصهيوني، وكيفية بقاءه وإستمراره على حساب المشروعين الوطني الفلسطيني، والقومي العربي. ولا اعتقد انه لا يعرف السياق التاريخي لإنشاء الدول الرأسمالية للمشروع الصهيوني، وخلقها مقوماته من العدم عبر إستخدام وتوظيف الصهاينة في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين كاداة لتحقيق مآربها الإستعمارية في الوطن العربي. فهي من وقف وراء عقد المؤتمر الصهيوني الأول 1897 في بال بسويسرا، ثم عقدت مؤتمر كامبل نبرمان 1905/ 1907 بين الدول الأوروبية، التي وضعت الركائز السياسية والإقتصادية والديمغرافية لإنشاء كيان غريب لفصل مشرق الوطن العربي عن مغربه، ثم مزقت وحدة العرب من خلال إتفاقية سايكس بيكو 1916، رغم انها وقعت إتفاقية مع الشريف حسين في حال ساعدهم ضد الدولة العثمانية المتهالكة آنذاك، إلآ انهم نقضوا وعدهم له، وقسموا الوطن الكبيرإلى دول متعددة. وتابعوا المؤامرة بإصدار وعد بلفور 1917، وفي عام 1924 أصدرت الولايات المتحدة قرارا بعدم السماح للمهاجرين اليهود الروس من دخول أميركا، ودفعوا بهم دفعا إلى الوطن الفلسطيني. وثم بدأ ضخ الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وإستغلوا لاحقا المحرقة اليهودية من قبل النازية الألمانية لتكثيف الهجرة إليها، وأطلقوا شعار "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض" و"أرض الميعاد" ... إلخ، وأعقب ذلك إصدار قرار التقسيم 181، الذي قسم أرض فلسطين التاريخية إلى دولتين، وسمحوا بإقامة الدولة الكولونيالية الإسرائيلية، ولكنهم حالوا دون إستقلال الدولة الفلسطينية ، ليس هذا فحسب، بل ساهموا إسهاما مباشرا في نكبة الشعب العربي الفلسطيني، وطرد وتشريد قرابة مليون فلسطيني من ارض وطنهم الأم إلى المنافي والشتات. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، انما صمتوا صمت اهل الكهف عندما قامت الدولة الإستعمارية الوليد بالسيطرة على حوالي 24 % من أرض الدولة الفلسطينية، التي لم ترى النور، رغم ان القرار الدولي ينص في النقطة (ج) بأن الأمم المتحدة ستستخدم السلاح إستنادا للفصل السابع في حال إعتدت دولة على أراض الدولة الأخرى، لكن شيئا من ذلك لم يتم.

ولم يتوقف الدعم الإمبريالي للدولة الصهيونية عند حدود إقامتها، بل شكلت الدول الرأسمالية الحاضنة السياسية والإقتصادية واللوجستية والعسكرية لها، ومازال هذا الدعم قائم حتى يوم الدنيا الحاضر. ومع مجيء الرئيس دونالد ترامب، قلبت إدارته معايير وركائز عملية السلام، وضربت بعرض الحائط مرجعيات التسوية السياسية، وعرض صفقتة الخطيرة والعبثية، بمنحهم حوالي 11% من ارض وطنهم الأم، وسماها "دولة"، وهي لا تمت بأي معيار من المعايير السياسية والقانونية والإقتصادية للدول. رغم ان القيادة والشعب العربي الفلسطيني قبلوا بإقامة دولة على حدود الرابع من حزيران 1967، اي على مساحة 22% من مساحة فلسطين التاريخية، وتنازلوا عن حوالي 22% من مساحة الدولة، التي قررها قرار التقسيم 181.

ولا اريد ان اتحدث هنا عما قامت به الدوائر الإمبريالية ضد المشاريع القومية العربية من ملاحقة وحروب، وإنقلابات، وإستهدافات مازالت حتى اليوم. هل ادركت ايها الدكتور فيصل لماذا نجح المشروع الصهيوني، وفشلت المشاريع القومية العربية، والمشروع الوطني الفلسطيني، ام لم تدرك؟ لا اريد استخدام منطق الردح والإساءة لشخصك، لإن هكذا اسلوب ينتقص من الرد العلمي والمسؤول. لكني اراهن على ان تراجع نفسك، وتعيد النظر بما إرتكبته من خطيئة بحق أمتك العربية، وشعبك الشقيق في فلسطين.

كلمات دلالية

اخر الأخبار