غياب خلية أزمة مواجهة صفقة ترامب...لماذا؟!

تابعنا على:   07:27 2020-02-19

أمد/ كتب حسن عصفور/ تجاوبت الدول العربية سريعا مع الطلب الفلسطيني لعقد لقاء طارئ يبحث الصفقة الأمريكية، كما عقد مجلس الأمن أيضا جلسة خاصة لها، ما يكشف أهمية المسالة وخطورتها السياسية، ولكن ذلك لم ينعكس عمليا في أي رؤية محددة، يمكن ان تتحول سلاحا لعرقلة الخطة الأخطر على القضية الفلسطينية منذ العام 1948، كونها كسرت كل المحرمات السياسية، بعد اغتصاب الأرض واحتلالها الى عملية تهويدها، وإلغاء هويتها الوطنية وطابعها التاريخي.

في واقع الأمر، لم تتقدم فلسطين، بشخص الرئيس بأي خطة مواجهة محددة للخطة الأمريكية، لا في لقاء القاهرة ولا لقاء مجلس الأمن، الذي شهد "طعنة خلفية" للموقف الوطني بعد سحب تونس مشروع قرار رافض لها، متذرعا بأسباب ساذجة لا أكثر، وفي واقعه كان استجابة لطلب امريكي مباشر عبر حزب "النهضة" الإسلاموي في تونس ورئيسه راشد الغنوشي.

في المعارك الكبرى، كما هذه المعركة، كان يجب على الفلسطيني أن يتقدم برؤية شاملة لآليات المواجهة وكيفية التعامل معها، انطلاقا من تغيير أسس العمل الذي ساد طويلا، والخروج كليا من مرحلة " الالتباس السياسي"، لا دولة ولا سلطة، احتلال ولا احتلال، عدو ام صديق، مرحلة أربكت سبل المواجهة، وخدمت دولة الكيان في عملية "اختراق سياسي تاريخي" لم يكن متوقعا.

انتهت رحلة اللقاءات الغاضبة، الخالية من "الدسم السياسي"، ومعها غابت الجدية الرسمية الفلسطينية لرسم خطة مواجهة عملية، وانتقلت من "خطاب الغضب" التي القاها الرئيس محمود عباس في اللقاءين العربي والأممي، الى "رسائل الطبري لتفسير وشرح" الخطة الأمريكية، رغم انها لا تحتاج ابدا فهي من الوضوح بأفضل من كل شرح مضاف، وخريطتها ناطقة جدا، توزيعها كما حدث كاف لقول كل ما يجب.

السؤال الأهم، ودون فتح الملامة عن ضعف الموقف الرسمي في اللقاءين العربي والدولي، لماذا لم يتم تشكيل "خلية أزمة سياسية" لرسم آليات التعامل والتفاعل مع متطلبات المواجهة الشاملة، والانتقال من رحلة التفسير الى رحلة التحضير، وتقديم البدائل السياسية كي لا يتهرب البعض الفلسطيني والعربي من مسؤولية المواجهة، تحت عباءة ضبابية الموقف الرسمي الفلسطيني.

غياب "خلية الأزمة"، واختصارها بشخص يقوم بعملية الترجمة والتوزيع هي رسالة بأن "الرسمية الفلسطينية"، لا تسعى لعملية مواجهة فعلية، وأنها تبحث سبل غير صدامية مع طرفي الخطة الأمريكية، حكومة الكيان الإسرائيلي، وإدارة ترامب، خاصة بعد ان تم الإعلان عن تشكيل لجنة مشتركة لبحث "لجنة التهويد" المعروفة إعلاميا باسم لجنة الضم والخرائط.

الحديث عن تشكيل "لجنة أزمة سياسية" ليس اتهاما للرئيس وممثله في الشرح والترجمة، بل وسيلة لتغيير شامل في أسلوب العمل الذي ساد ولم ينتج مفيدا، بل أنتج "ضررا سياسيا" مباشرا، خاصة وان غالبية القوى الفلسطينية، بل شخصيات مركزية في حركة فتح، لها من الرؤية والخبرة ليست جزءا من "آلية العمل"، وبعيدا عن الأسماء وكلها معلومة، فالأهم هو ضرورة تشكيل خلية العمل، خاصة وأن الرئيس عباس ليس حاضرا بلياقته السياسية الكاملة، بل ومنذ الخطابين في القاهرة ونيويورك، لم يقم بعمل جماعي.

تشكيل "خلية إدارة الأزمة السياسية" هي جزء من خطة المواجهة، وتغييبها رسالة أن لا جدية في رفض الصفقة الأمريكية، ولن يحدث أكثر مما حدث، كلاما وشرحا وتفسيرا...وتلك هي الموافقة العملية، بل والشرعية، على خطة تهويد المشروع الفلسطيني بمسمى "خطة ترامب"...

الوقت لا زال ممكنا لفعل ذلك، لو ان عدم تشكيلها سهوا سياسيا، والتجاهل سيكون موقفا سياسيا يستحق المواجهة الوطنية.

ملاحظة: وفاة الطفل صلاح زكارنة برصاص قوات امن السلطة في قباطية بجنين، يفترض فورا اعتباره شهيدا واتصال الرئيس عباس بأهله، وقيام اركان سلطته بزيارة ذويه ومحاسبة المسؤول عن اغتيال حياة فتى بلا ذنب سوى ارتعاش ورعب!

تنويه خاص: " هاشتاغ "#بسكم_تطبيع"، أطلقته مجموعة من شباب قطري ضد استقبال حكومتهم لوفد طبي إسرائيل...لحظة غضب هي الأولى العلنية رفضا لتلك الممارسات...غضب نتمناه لكل شباب دول الخليج والعرب...هل تتنشط القوى الفلسطينية لتعزيز ذلك ام تراه ضررا عليها!

اخر الأخبار