البداية ونهايتها

تابعنا على:   08:14 2020-02-23

يسرى سلامة

أمد/ البداية، كلمة ممتعة بها من التفاؤل الشئ الكثير، تجمع في طياتها الطموح، والتحفيز، والمثابرة على إكمال ما يبدؤه الشخص من عمل، علاقة، هواية، أو أي شئ يجعله يستمر في الحياة دون كلل أو ملل
بداية أي علاقة – سواء أكانت صداقة أم عاطفة – تكون دائمًا مثيرة، غامضة، يحاول فيها الطرفان اكتشاف الطرف الآخر دون عناء، وبطريقة غير تقليدية في ذات الوقت؛ لكي يفك شيفرات الذي أمامه – لكن بتمهلٍ شديد – هل هناك قواسم مشتركة؟، ماهي، وما هي أوجه الاختلاف؟، وهل سيستطيع كل طرف تَحمّل هذا الاختلاف دون شكوى؟، أسئلة عديدة تتبادر إلى الأذهان مع كل دقيقة تمر على هذه العلاقة، التي تقف في "بدايتها" على أرض صلبة دومًا بفضل "الكيميا المشتركة" الناتجة عن القبول المبدئي
علاقة الانترنت في عصرنا هذا، هي المقياس الأول الذي تُقاس به العلاقات بشكلٍ عام، لذا فبدايتها الممتعة تأتي خلف "زرار الكيبورد أو الكيباد للهاتف المحمول"، روعتها في الأحرف التي يتناقلها أي شخصان مع بعضهما البعض، الكيميا المتبادلة تُشع من خلال الكلمات التي يقرؤها الطرفان، ولكن السؤال الدائم هل هي صادقة حقًا أم يشوبها الإدعاء والكذب، والالتفاف حول الحقيقة؛ لنيل إعجاب الآخر بأي وسيلة، تلك هي المشكلة الأولى
أما المشكلة الثانية، ترتبط بمدى قدرة الطرفين على المواصلة!، نعم المواصلة، استمرارية هذه العلاقة عبر حروف الكمبيوتر أو الموبايل لا تكون في معظمها مضمونة في استمراريتها، غالبًا ما يأتي الوقت الذي يكتفي فيه أحد الطرفين من هذه العلاقة، وفجأة يُدير لها ظهره دون مقدمات، فلا يدري الطرف "المتروك"، ما السبب وراء ما حدث؟ ولماذا؟ لكن الإجابة تأتي مع كلمة "الاكتفاء"، وهنا فقط يمكننا القول أنّ لا للكيميا ولا القبول المبدئي، ولا فكرة التعود عبر التواصل على الانترنت قد أتت بثمارها؛ لذا تُصبح كلمة "النهاية" هي الأفضل لهذه العلاقة دون قيد أو شرط
البداية رائعة هذا شئ مؤكد، لكن الاستمرار والمواصلة هما من يجعلا من أي علاقة أو عمل يبدوان مذهلين، وإضافة لأي شخص الخوض في أي منهما، غير ذلك لا يستحق عناء التكملة أو مجرد التفكير فيهما، لا العمل ولا الهواية، ولا حتى العلاقة العاطفية / الصداقة
علينا أنْ نحرص على جعل البدايات وحلاوتها مستمرين معنا طوال محطات السفر عبر دروب الحياة، تلك هي النعمة الحقيقية التي من دونها لا تصبح الحياة حياة

اخر الأخبار