المقاومة الفلسطينية .. نموذج يحتذى

تابعنا على:   22:11 2020-02-28

خالد صادق

أمد/ جولات قتال عنيفة دخلتها فصائل المقاومة الفلسطينية مع الاحتلال الصهيوني, اكثر من ثلاثة عشر جولة مواجهة شملت ثلاثة حروب طاحنة شنها الاحتلال الصهيوني المجرم على قطاع غزة, ففي العام 2008م استمر العدوان الصهيوني لمدة 21 يوما, وفي العام 2012م استمر لمدة ثمانية ايام, وفي العام 2014م استمر العدوان الدامي على قطاع غزة لواحد وخمسين يوما متواصلة, هذا بخلاف العمليات العسكرية الصهيونية الخاطفة على قطاع غزة والتصعيد الذي استمر ليوم او يومين او ثلاثة لينتهي بتدخل الوسطاء بطلب من الاحتلال الصهيوني الذي بات يخشى الحروب الطويلة, ويعاني من ضعف شديد في جبهته الداخلية, لكن المستغرب ان ثلاثة عشر جولة قتال خاضها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة كلها فشلت, ولم يستطع الاحتلال الصهيوني تحقيق اهدافه, او إضعاف فصائل المقاومة الفلسطينية, او تجريدها من السلاح, بل على العكس كل جولة قتال تخوضها المقاومة تخرج منها اكثر قوة وصلابة, وتطور من قدراتها القتالية تقنيا وعلى مستوى الافراد, وتستفيد من التجربة وتستخلص منها العبر, وهذا اربك الاحتلال كثيرا, وحاول في عدوان 2014م ان يضع حداً للمقاومة ويقضي عليها تماما, لكنه فوجئ بصمود اسطوري وقدرة على المواجهة.
هذه النتائج لثلاثة عشر جولة عسكرية على قطاع غزة, وآخرها عملية «بأس الصادقين» التي قادتها سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي في فلسطين, لم تشكل حافزا للسلطة الفلسطينية والدول العربية لمواجهة تغول اسرائيل وفرض وصايتها عليهم, والتحكم في قراراتهم واقتصادهم ومواقفهم, فلعلهم لا يصدقون ان المقاومة الفلسطينية تقف في وجه اسرائيل بهذه القوة رغم الامكانيات والعتاد البسيط الذي تملكه, لكنهم لا يعلمون ان سر الصمود واحباط اهداف العدوان التي سعى الاحتلال لتحقيقها هو تلاحم المقاومة بالشعب, والتحصن به, فالشعب الفلسطيني يملك الارادة والقدرة على الصمود, والمقاومة تستمد قوتها وارادتها في الميدان من قوة وارادة الشعب الفلسطيني, ولو ان السلطة الفلسطينية والدول العربية راهنت يوما على ارادة الشعوب, بعيدا عن الحسابات المادية, فإنها ستملك في يديها اقوى سلاح لمواجهة الاعداء, والتصدي لكل المخططات والمؤامرات التي تحاك ضدها, لكن حساباتها ترتبط دائما بتقديرات مادية تقوم على «الاحتمالات» والثابت الوحيد الذي يمثل القوة لها هو الشعب لكنها للأسف تلعب في مربع الاحتمالات, وتخرج من دائرة الثابت الذي يضمن لك الانتصار وهو الشعب, فإن آمن الشعب بقيادته فلن يستطيع احد ان يهزمها.
لماذا لا تكون المقاومة الفلسطينية نموذجاً يحتذى لدى هؤلاء, وهي التي افشلت كل اهداف العدوان على قطاع غزة, ليس مرة او اثنتين او خمسة او عشرة, دائما تفشل اهداف العدوان بإمكانياتها البسيطة, لأنها تؤمن بالإنسان وانه مصدر الانتصار او الهزيمة, آمنت دائما بالإنسان واعتبرته سلاحها الاقوى واهتمت به, ليس اهتماما ماديا دنيويا, لكنه اهتمام ديني وثقافي ووطني واخلاقي, حتى اصبح المواطن الفلسطيني هو السلاح الاقوى والانجع في أي مواجهة مع الاحتلال بعيدا عن المعايير المادية, السلاح وحده لن يكون يوما حاسما لأي معركة, انت لا تحتاج الى السلاح, انما تحتاج بشكل اكبر الى من يحمل هذا السلاح, ويملك الايمان المطلق بعدالة قضيته وحتمية انتصاره على الاحتلال مهما طغى وبغى وتجبر, لو ان زعيم السلطة الفلسطينية او أي زعيم عربي او اسلامي فكر ولو لمرة واحدة في الاعتماد على قوته البشرية بأنها رصيده الحقيقي لمواجهة الاخطار, واولى الانسان اهتماما اكبر وآمن به واعتبره معيار النصر الرئيسي في أي معركة, لحقق المعجزات, وحول بلاده الى قوة عسكرية واقتصادية كبيرة, والا فلماذا تدخل اسرائيل في صراع ديمغرافي مع الفلسطينيين وتسعى لتدمير الانسان الفلسطيني, ببساطة لأنها تعلم ان الانسان هو القوة الحقيقية التي تحقق الانتصار.
فصائل المقاومة الفلسطينية حوصرت وتعرضت للضربات المؤلمة وتم اغتيال الكثير من قياداتها السياسية والعسكرية, ورغم ذلك بقيت صامدة واقدامها متجذرة في الارض لم تهتز او تتراجع لأنها آمنت بالإنسان الفلسطيني وصقلته وغذته من ينابيع العقيدة والوطنية والاصالة والتاريخ, فارتبط بارضه ووطنه وآمن بتاريخه وحضارته وتمسك بميراث اجداده, فسهل عليه ان يقدم كل هذه التضحيات لأجل شعبه ووطنه, فرجاؤنا لكل من تتملكه الهزيمة راهنوا على الانسان فهو رصيدكم الحقيقي في الازمات, اسرائيل مهزومة لأنها لا تملك الانسان الذي يؤمن بها, اسرائيل بالنسبة للإسرائيلي هي مشروع استثماري ينتهي عندما يتوقف مؤشر الربح المادي لدية ويتعرض للخسارة, خذوا المقاومة الفلسطينية نموذجا كي تذوقوا ولو لمرة واحدة معنى الانتصار.

اخر الأخبار