محاربة جعجع والكورونا واجب

تابعنا على:   15:00 2020-03-16

عمر حلمي الغول

أمد/ في خضم الصراع البشري ضد فايروس كوفيد /19 (الكورونا) تُّصر بعض الآفات البشرية المهددة للعلاقات الإنسانية على تأكيد عنصريتها وكراهيتها لبني الإنسان على اساس التمييز العنصري: اللون او العرق او الجنس او الدين او الهوية الوطنية. وتجلى ذلك في تصريح جديد يوم الجمعة الماضي الموافق 13/3/2020 للمدعو سمير جعجع، رئيس القوات اللبنانية الإنعزالية، طالب فيه السلطات اللبنانية لإتخاذ تدابير "ضد المخيمات الفلسطينية والوجود السوري بلبنان، تتمثل بإغلاق المخيمات، ورفض السماح لأي كان بالدخول والخروج منها." وذلك لمنع إنتشار وباء الكورونا. مع ان المخيمات الفلسطينية ومعها السورية وبإعتراف جهات الإختصاص اللبنانية خالية من اية إصابات. وكل الإصابات بالفايروس المذكور محصورة بعدد من ابناء الشعب اللبناني العائدين من الخارج، وفي نطاق محيطهم العائلي والمعارفي. راجيا لهم جميعا الشفاء العاجل.

 لم يأت جعجع بجديد لتأكيد عنصريته وكراهيته للشعب العربي الفلسطيني. لا سيما وانه قاتل، وراس حربة في مجزرة صبرا وشاتيلا ايلول / سببتمبر 1982 أثناء الإجتياح الإسرائيلي للبنان، وتحت إشراف أريئيل شارون، وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك، والتي ذهب ضحيتها الآلاف من ابناء المخيمين المذكورين، والتي مازالت ذاكرتها حية في اوساط الفلسطينيين والعالم ككل. ولم تندمل أوجاعها.

وللإسف إعتقد بعض الفلسطينيين من النخب السياسية، ان قائد القوات اللبنانية قد يكون تعلم من دروس تجربته المريضة والبشعة، المشبعة بالكراهية والعنصرية. لا سيما وان القيادة الفلسطينية حرصت على فتح صفحة جديدة مع الكل اللبناني، وخاصة القوى الإنعزالية المتحالفة مع دولة الإستعمار الإسرائيلية بهدف تعزيز العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين، وإزالة العقبات أثناء عملية ترميم الجسور معها. لكن من تابع عن كثب تطور العلاقات المشتركة مع تلك القوى شعر بخيبة أمل، وبسقوط عملية المراهنة على إجتثاث الحقد والكراهية والعنصرية من وعي تلك الشريحة الآثمة والقاتلة. لإنها  كانت ترتد إلى نزعاتها الأصلية، وتعود إلى مركباتها اللا آدمية كلما برزت مشكلة ما في لبنان، فتحاول تحميل وزرها لإبناء الشعب الفلسطيني، لإنها لا تعرف غير العنصرية والبغضاء ضدهم.

جعجع وما يمثل من قوى وشرائح في لبنان يعتبر أحد إشتقاقات فايروس الكورونا. لإن كوفيد/19 يستهدف بني الإنسان، كإنسان بغض النظر عن جنسه ولونه وعرقه وموقعه السياسي او الطبقي او دينه، وهو هنا يتفوق في عدائيته وكراهيته للبشر على جعجع واسياده المستعمرين الإسرائيليين، الذين يحصرون عنصريتهم ضد الفلسطينيين العرب، ولا يترددون في الإعلان عن ذلك صراحة وعلى الملأ. ومن يعود لتصريحات نتنياهو وكاتس، وزير خارجيته، وبينت، وزير دفاعه، وليبرمان وأضرابهم من الصهاينة يقف على رائحة مستنقعهم الكريه المشبع بالحقد والكراهية والعنصرية المتوحشة ضد ابناء الشعب الفلسطيني. ولا يفوتني هنا ان أستحضر النكتة العنصرية الإسرائيلية المتداولة في زمن الكورونا: حيث يسأل صهيوني صهيوني آخر: ما المشترك بين الكورونا والفلسطينيين، يرد عليه: العزل! ويعلم الصهاينة قبل غيرهم، حجم إنتشار الفايروس الخطر في اوساطهم، وعليه فهم المعنيون بالعزل خشية من اخطار إنتشار الوباء بين اوساط المجتمع ككل من فلسطينيين وإسرائيليين.

لنلاحظ انها نفس النظرية والمواقف، التي يدعو لها القاتل العنصري سمير جعجع. مع ان الحقائق الدامغة تشير إلى نظافة وخلو المخيمات الفلسطينية في لبنان من اية إصابات بالوباء الحديث. وحتى على فرض، ان احد الفلسطينيين أصيب بالفايروس أيعقل لجعجع العنصري، ان يحمل ابناء الشعب في المخيمات مسؤولية إنتشار الكورونا؟

تقول السيدة ميشيل باشليت، مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تصريح لها أمس الأحد 15/3: "جائحة كوفيد/19 تشغل بال العالم. هذة الجائحة لا تختلف عن القضايا، التي يجب مكافحتها في العالم، وعلى رأسها العنصرية والكراهية." وعليه فإن محاربة الكورونا وجعجع واسياده الإسرائيليين ومن لف لفهم من العنصريين واجب إنساني وأممي. لإنهم خطر داهم يهدد البشرية بوبائهم الحاقد واللا إنساني. ويفترض ان يلاحق في المحاكم الدولية كمجرم حرب، وعنصري قاتل. وهذة مسؤولية الجهات المختصة من القانونيين والمختصين لمتابعة الملف للإقتصاص منه ومن اضرابه المجرمين.

كلمات دلالية

اخر الأخبار