الحاوي ولعبة الكورونا

تابعنا على:   18:47 2020-03-24

عمر حلمي الغول

أمد/ جائحة الكورونا نزلت من السماء بين يدي بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة تسيير الأعمال، المنتهية ولايته، والمتهم بثلاث قضايا فساد، لتعطيه مساحة واسعة من الزمن، والفرص ليناور خلالها، كما يحلو له مع اللاعبين الصغار في المشهد الإسرائيلي. وينطبق المثل الشعبي الذي يقول "مصائب قوم عند قوم آخر فوائد!" تماما على المشهد الإسرائيلي.

نتنياهو الساحر إستخدم نفوذه كرئيس للحكومة في تمرير عدد من القرارات لصالح إستمرار نفوذه، وبقائه في الحكم، ومنها أولا تم وقف عمل المحاكم حتى أيار/ مايو القادم بسبب فايروس "كوفيد 19"، وهكذا اجلت محاكمته من 17 اذار/ مارس الماضي إلى بعد شهرين؛ ثانيا تأجيل عقد إجتماعات الكنيست ال23 لإختيار رئيس جديد لها بدلا من أدلشتاين. رغم ان المحكمة العليا أمس الإثنين ابلغت رئيس الكنيست الليكودي موعدا حتى غد الأربعاء (24/3/2020) لإجراء إنتخابات للرئيس الجديد للسلطة التشريعية. ولكن من السابق لإوانه التقدير بمدى إلتزامه بذلك. أضف إلى انه هدد، ومعه رئيس الليكود، ان تغييره بآخر سيدفع الأمور بإتجاهين، الأول الذهاب لجولة رابعة للإنتخابات، والثاني وقف الإتصالات لتشكيل حكومة طوارىء أو وحدة مع "كاحول لافان"؛ ثالثا قاطع تكتل اليمين المتطرف بزعامة بيبي اجتماع الكنيست أمس الإثنين لإختيار اللجنة المنظمة لإختيار لجان الكنيست. وذلك بهدف تعطيل عمل المؤسسة التشريعية؛ رابعا في سباق مع الوقت يقوم وزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان، ومرؤوسيه قادة الشرطة بإتخاذ إجراءات لفرض القيود الداخلية على الشارع الإسرائيلي لتعطيل أية أنشطة وفعاليات تدافع عن ما تبقى من الديمقراطية الهشة والمتآكلة اساسا... إلخ

الملك الحاوي مازال يعتقد ان الفرص أمامه لتقويض تكليف خصمه المبتدأ، غانتس تشكيل الحكومة، وسحب البساط من تحت قدميه. لا سيما وانه واقع بين خيارين أحلاهما مر، الأول ان يسلم راية تشكيل حكومة طوارىء أو وحدة لزعيم الليكود، لإن جائحة الكورونا تضغط على النخب السياسية والعسكرية وكل مكونات المجتمع الإسرائيلي. ولا يستطيع بيني تجاوز تعقيدات اللحظة الراهنة. وفي حال سلم كتاب التكليف لخصمه، يكون أطلق الرصاص على قدميه. لاسيما وانه راهن خلال الجولات الثلاث الماضية على هزيمة خصمه، وبنى اساسا موقفه، ورصيده في الشارع الإسرائيلي على هزيمة المقيم في شارع بلفور المتهم بقضايا الفساد. وبذلك يكون سقط سقوطا ذريعا أمام نفسه، وأمام إئتلافه الرباعي، وامام ناخبيه، وفقد الأهلية؛ والثاني إن لم يسلم بما يريده نتنياهو، فإنه بالضرورة ذاهب إلى الجولة الرابعة للإنتخابات، التي قد لا تمنحه ذات الفرصة في تجاوز خصمه، بل قد تكون التطورات في صالح الساحر نتنياهو، لإنه الأقدر على المناورة والتضليل، وبالتالي قد يخرج كليا من المشهد السياسي، ويذهب هو للبيت بدلا من خصمه.

لذا يقف الجنرال الغر حائرا، ومربكا، ويعيش وضعا لا يحسد عليه، حتى يبدو للمراقب، كأن نتنياهو، هو المرتاح، والذي يتحرك بسهولة ودون ضغوط، في الوقت الذي يعاني خصمه حالة من الضياع وعدم اليقين، كونه يقف عند تقاطع طرق خطر، أما القبول بوزارة الخارجية والأمن والعدل وتغيير رئيس الكنيست أدلشتاين، والجميع يعلم ان نتنياهو لديه الإستعداد ان يضحي بكل شيء، وليس برفيقه فقط مقابل بقائه على رأس الحكومة لمدة 18 شهرا، او الذهاب للبيت؟! حتى اللحظة لم يحسم زعيم "ازرق ابيض" موقفه. رغم انه يحاول ان يبدو متماسكا نسبيا، غير ان الحقيقة تشير لعكس ما يتصنعه غانتس.

مع ان النائب المكلف بتشكيل الحكومة يملك أوراق قوة للخروج من المأزق، لكنه لا يملك الشجاعة الكافية، فهو حصل على دعم 61 نائبا، ولديه الفرصة لتشكيل حكومة اقلية مدعومة من القائمة المشتركة من الخارج. لكن عينه على حكومة وحدة، وليس على حكومة اقلية لإكثر من إعتبار، منها اولا هو ابن اليمين الصهيوني؛ ثانيا خلفيته العسكرية ومرتكزات وعيه الإستعماري تأبى  تشكيل حكومة مستندة إلى الصوت الفلسطيني العربي؛ وثالثا يخشى من تقديم تنازلات للقائمة المشتركة تحسب عليه، وتهز مكانته الصهيوينة، خاصة وان في اوساط إئتلافه من يرفض الإستناد للفلسطينيين؛ رابعا يهاب ولا يريد ان تؤخذ عليه مواقفه تجاه المشتركة لاحقا في الجولات الإنتخابية القادمة بإعتبار ذلك "نقيصة" و"عار" عليه كصهيوني. لا سيما وان الملك الفاسد يقف له بالمرصاد، ويخضعه لسيف التحريض اليومي، مما يزيد من عقدة الذنب لديه.

الوباء الكوني الخطر يقف بقوة إلى جانب الفاسد نتنياهو، يشد من ازره، كأنه نقمة على كل محبي السلام. ولكنه في ذات الوقت، يعمق الأزمة العضوية في الداخل ألإسرائيلي، الذي لا يستطيع الخروج من عنق الزجاجة حتى الآن. كل السيناريوهات مفتوحة على مصاريعها.

كلمات دلالية

اخر الأخبار