يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم وباءا

تابعنا على:   11:45 2020-03-26

خالد صادق

أمد/ تتجه «اسرائيل» لشراء اجهزة تنفس وكمامات من الدول العربية, ليس لان هذا المنتج متميز في الدول العربية وعالي الجودة, فقد عرضت اسرائيل على الاردن شراء مليون كمامة, وعزمت على شراء اجهزة تنفس من دول خليجية, وقدمت دول عربية تعاني من انتشار وباء الكورونا في بلادها مساعدات عاجلة لدول اوروبية وزودتها بملايين الكمامات واجهزة التنفس, مما ادى لارتفاع اسعار الكمامات الى حد كبير بحيث لم يعد يستطيع المواطن البسيط شراء كمامة ليقي نفسه من هذا الوباء المستشري, بينما تعاني المستشفيات والمراكز الصحية في العديد من الدول العربية من قلة اجهزة التنفس وندرتها في ظل تساقط الالاف من المواطنين العرب في محاذير هذا المرض, وتوقع ان تتزايد الاعداد الى حد كبير خلال الايام القادمة, «فإسرائيل» مثلا تتحدث عن امكانية اصابة اكثر من مليون صهيوني بوباء الكورونا, وهى تستعد لذلك من خلال استيراد الكمامات واجهزة التنفس من الدول العربية, ولديها تقديرات ان الوباء سيتزايد وينتشر بشكل كبير خلال المرحلة القادمة, ويصل الى ذروته الشتاء القادم, وان هذه حقائق يجب التعامل معها والاستعداد لها بواقعية, وبما ان العالم كله يعاني من هذا الوباء الفتاك, فان السوق الوحيد المفتوح امام «اسرائيل» دائما هو السوق العربي, فالرسميون العرب يتعاملون مع مطالب «اسرائيل» بأنها اوامر, ويجب التعاطي معها ايجابيا.

اذا لماذا تلجأ «اسرائيل» الى الدول العربية لاستيراد الكمامات واجهزة التنفس, ولماذا لم تستوردها من دول اوروبا او دول اسيوية غير عربية, كاليابان والكوريتين, وروسيا, والهند وغيرها من الدول؟ «اسرائيل» نعلم ان هذه الدول الاوروبية والاسيوية لن تستجيب لمطالب «اسرائيل», ولا للإغراءات المالية التي يمكن ان تقدمها, ولن تؤثر «اسرائيل» على نفسها وشعوبها, لكنها تعلم في نفس الوقت ان الدول العربية تقيس مصالحها بمعايير اخرى, واسهل شيء يمكن ان تفرط فيه هي القوة البشرية والاقتصادية لديها, فقيمة الانسان العربي وحياته لدى قادته الرسميين لا تساوي شيئا, وليس هناك ما يمكن ان يجبرها على توفير وسائل الحماية والامان له, فهي تنظر للعربي على انه عنصر مضاد لها ولسياساتها, وبالتالي تتعامل معه بعقلية الانتقام لا الامان, لذلك استسهلت «اسرائيل» شراء وسائل الحماية لها من الدول العربية وبأسعار زهيدة ولربما تقدم لها كمنح ومساعدات مجانية, فهي لديها دلالها ومصالحها مع عديد الدول العربية, وتوشك على اقامة تحالفات معها, وابسط قواعد التعاون بينهما ابداء حسن النية تجاه «اسرائيل» وتقديم المساعدات لها على حساب حقوق المواطن العربي ووسائل حمايته من الوباء, فصحة المواطن الاسرائيلي اهم لديهم من صحة المواطن العربي الذي هو عبء وحمل زائد على قادته وزعمائه, ولا كرامة لمواطن عربي في وطنه.

للأسف فالدول العربية الموبوءة بالكورونا ليس لديها رؤية ومخطط لمواجهة هذا الوباء, فهي تعيش اللحظة, ولا تستطيع ان تقدر مدى امكانية انتشار المرض, والى اين يمكن ان يصل ويهدد حياة الناس, وهى تنظر للوباء على انه ظاهرة عالمية لم تستطع كبرى دول العالم التصدي له والقضاء عليه, وبالتالي تنتظر ماذا ستفعل الدول الكبرى لمواجهة الوباء, وهل يمكن ان تصل الى انتاج امصال تقضي على هذا المرض, لتستعين بالدواء ان سمحت الدول الكبرى بذلك, على الاقل يمكن ان يتوفر الدواء للطبقة الحاكمة بأي ثمن كان, حتى ان هناك احدى العائلات العربية المالكة عرضت ملايين الدولارات لأجل استقدام فريق طبي صيني يرعى العائلة المالكة ويحافظ عليها من امكانية وصول هذا الوباء اليها, وهذا ما يعنيها فقط, اما الشعب فعليه ان يلقى مصيره المحتوم دون ضجر او وجل, مثله مثل باقي شعوب العالم, ولأن الشعوب العربية تعلم تماما انها على هامش اهتمام الدولة, فقد بدأت العديد من المدن العربية بالصدح بنداء الله اكبر بشكل جماعي عبر شرفات المنازل, فلا خلاص من هذا الوباء الا بالاستعانة بالله عز وجل واطلاق صيحة الله اكبر, والجهر بالدعاء والابتهال الى الله ان يرفع عن الامة هذا البلاء, واستأثر الرسميون العرب «بإسرائيل» على انفسهم ولو كان بهم وباء, وهذا الايثار صفة بتوارثها العرب على مر العصور, وقد آثروا اعداء الامة على شعوبهم ليشتروا سلامتهم وأمنهم واستقرارهم , وذلك على قاعدة المثل القائل «اللي تحتاجه اسرائيل يحرم منه الشعب».

كلمات دلالية

اخر الأخبار