غزة التي يخنقها العالم

تابعنا على:   17:02 2020-04-08

خالد صادق

أمد/ تفرغت مصانع الخياطة في قطاع غزة الى صناعة الملابس الوقائية من مرض الكورونا الفتاك, وصناعة الكمامات واجهزة التنفس وغرف التعقيم, وقام المبدعون في قطاع غزة وبسبب النقص الحاد عالميا في أجهزة التنفس الصناعي، الناتج عن أزمة تفشي فيروس كورونا، بإنتاج اجهزة تنفس والعمل على تطويرها بسبب النقص الحاد في اجهزة التنفس في القطاع, وتجري محاولات لتطويرها كي تلائم المريض «بالكورونا» ففي قطاع غزة، ابتكر مهندسان جهازاً للتنفس الاصطناعي بإمكانات وتكلفة زهيدة، واشاد الاطباء بالجهاز وطلبوا بعض التحسينات الإضافية عليه، ويجري العمل على إنجازها، حتى ستصبح جاهزة وتسد النقص الحاد في اجهزة التنفس». أما في الضفة الغربية، فقد نجح فريق من المتطوعين في وضع مخططات نظرية لذلك, ولا يتوافر في المستشفيات والمراكز الطبية في أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة وغزة) سوى 120 جهاز تنفس صناعي، بحسب بيانات وزارة الصحة, كما قام احد المهندسين في قطاع غزة بابتكار غرفة تعقيم من فيروس كورونا, لتعقيم المواطنين قبل دخولهم للوزارات الحكومية او المؤسسات والشركات او غيرها .

غزة التي يخنقها العالم بقوة ويتواطأ مع الاحتلال الصهيوني, ويغض الطرف عن حصارها المستمر منذ اربعة عشر عاماً هي من تقوم بتصدير الكمامات والملابس الوقائية من مرض الكورونا الى العالم, اليس في ذلك عبرة وموعظة, ان غزة وهي تحتضر تصنع الحياة للآخرين ولمن يحاصرها ويخنقها, دول العالم الكبرى اليوم تخوض ما اطلق عليه البعض «حرب الكمامات» فألمانيا اتهمت امريكا بالاستيلاء على 200 ألف كمامة اشترتها من الصين, ودفعت امريكا ثلاثة اضعاف ثمنها للشركة الصينية واستولت عليها, وأمعنت الادارة الامريكية في تحديها للعالم ومنعت شركاتها من تصدير الكمامات وأقنعة التنفس الى كندا وامريكا اللاتينية وفعلت قانون الانتاج الدفاعي الذي يمنع تصدير احتياجات امريكا للخارج, وحذرت العديد من الدول بأن هذا سيكون له تداعيات انسانية خطيرة ويمكن ان يدفع دولا اخرى للقيام بالمثل, كما اتهمت فرنسا الادارة الامريكية بشراء كمامات من الصين كانت مخصصة لها بعد ان عرضت على الشركة الصينية سعراً اكبر, وفي نفس السياق اتهمت السويد السلطات الفرنسية بمصادرة ملايين الكمامات والقفازات الطبية التي اشترتها.

انها إذن حرب الكمامات التي تشتعل بين الدول الكبرى, والتي تزداد اشتعالا شيئا فشيئا بسبب استمرار تفشي الوباء , فأوكرانيا اتهمت روسيا وامريكا وفرنسا بمحاولة السطو على كمامات تعاقدت عليها مع شركة صينية, كما اعلنت سلوفاكيا ان المانيا صادرت كمامات صناعية كانت استوردتها من الصين, والاحتلال الصهيوني كان قد استورد كميات من اقنعة التنفس والكمامات واتهم الادارة الامريكية بالاستيلاء على غالبيتها, ولم يصلها الا ربع الكمية المطلوبة, والغريب ان حرب الكمامات تشتعل بين الدول الكبرى, والعالم العربي بعيد تماما عن هذا الامر وكأن الوباء لا يجتاح العالم العربي ولا يهدد ملايين العرب, او على ما يبدو ان العالم العربي يجد عدم تكافؤ للدخول في حرب الكمامات بين الدول الكبرى, ويخشى من عواقب ذلك, وكأنه اختار ان يموت صامتا دون مقاومة, وهذا يعيد الى الاذهان صورة الجندي التتري الذي كان يطالب العربي او المسلم الذي يغزو التتار بلاده بأن يقوم بحفر قبره بيديه الى ان يذهب الجندي التتري الى ثكنته ويأتي بالسلاح لقتله, دون ان يفكر ذلك الشخص ان يفر من موته, فهل وصل بنا الحال نحن العرب والمسلمين الى هذا الضعف والاستسلام.

ان غزة المحاصرة والتي يخنقها العالم منذ اربعة عشر عاما تصنع الحياة, وتوفر وسائل النجاة للجميع, وتحاول دائما ان تعتمد على قدراتها الذاتية في مواجهة الاخطار, فهي تصنع سلاحها بقدراتها الذاتية وتردع به الاحتلال الصهيوني, وتصنع غذاءها بقدراتها الذاتية لتواجه به الحصار الخانق الذي يهدف لتركيعها, وتصنع وسائل النجاة لمواجهة خطر وباء الكورونا بإمكاناتها البسيطة, فكل التحية لغزة واهلها.

اخر الأخبار