هامت الأرواح، وسّكَنًّت الأفَراح

تابعنا على:   09:01 2020-04-09

أ.د.جمال عبد الناصر أبو نحل

أمد/ بعد أن كانت الأرضُ تّعُجُ، وتّضّجُّ، وتّفِجُ، وتّنَضجُ، وتّتَوُهَجُ، وتّموجُ كَّالمُوجِ بالحياة، وتكسوها الأفراح، والليالي المِّلاح، وتّحُورُ، وتدورُ بالأنامِ الأحلامُ، وأحلي الأيامُ تسيرُ في رحاها بين عالمِ غريبٍ الأطوُارِ والأحوال!؛ مُتلونٍ، ومُتحولٍ، ومتغيرٍ، فّتجدُ فيه أهَلُ العدل، والخير، والعطاء، والسخاء، والسلام، وبالمقابل تري فيهِ الأشرِار، مِّمن يشُعلون شرارة فّتِيل الأزماتِ والحروب!؛ وتجد الظلمُ، والظلامِ، والظالمين؛ والجورُ، والصراعاتُ، والنزاعات، ورغم كل ذلك كانت الحياة مُيسرة للجميع، والأيامُ تسيرُ في الناس، ويّحَيُّونْ فيها ما بين العملِ، والأمل، واللقاءاتُ، والندواتُ، والحوارات، والمؤتمرات؛ والمُؤامراتِ كذلك!؛ وبين هذا، وذاك كانت أرضُ تبلع، وأرحامُ تّدفع، و يتوالى الليلِ، بعد النهار، وتدور الأنجم في المَدار، وكنا نري بين الوُري، الأفراحِ، والأتراح، والمسراتُ، والعثرات، والعبراتِ والعِظاتِ؛ والبركاتُ، والقُبلاتُ، والضحكات. وفجأةً جاء جنديُ عظيمُ صغيرٌ خفيُ رهيب خطيرُ، حير العالم أجمع، وشل جميع قدراتهم، وقهرهم إنهُ: "فايروس كورونا"، جَاءْ بين عشيةٍ وضُحاها، والشمسُ، وضُحاَها، والقمرُ في سماها، حين تلاها، والنهار لما جّلاها، فِاستمر هذا الوباء في الليل لمَا غشاها، بِقّدُرة الله ربُ السماء الذي بناها، والأرض التي طحَاها، والنفس التي سواها، فألهمها فجُورها، وتقواها؛؛ فكانت تلك كصاعقةً حامتْ وحلت في الأرواح، فَهَامت، وتاهت، وتناهت، وتماهت، وحارت، وخارت قواها، فّفّاضت، وخرجت إلي حيث منتهاها، مع الملائكة النازعاتِ غرقاً، والناشطاتِ نشطاً، والسابحاتِ سبحاً، والسابقاتِ سبقاً، فالمُدبراتِ أمراً، وارتجت الأرضُ، ورجفت ووجلت القلوب واهتزت واجفةً، خاشعةً، وارتمت الأجسادُ في الحافرة، وعم البلاد، والعباد الوباء، وتفشي الخراب، والموت بعد العَمَارْ، ولزم جُل الناس مساكنهُم جميعاً، الفجار، والتجار، والزهادُ، والنساكُ، والملوك والحكام، والرؤساء، والوزراء، والأباطرةُ، والقياصرة، والنماريدُ، والصناديدُ، وشياطينُ الانس!؛ وتّمسَمرتْ الطائرات في مرابضها، وسكنت في مهابطِها، ووقفت المدافع، والمصانع، وشلت أكبر سفن العالم الحربية للطائرات وللأسلحة النووية وصار من عليها في خبر كان!؛ وخلت الشوارع، وتوقف كل شيء!؛ وكأنها رسالة للإنسانية جميعًا تذكرنا بالأخرة، وفي أهُوالِ يوم القيامة، حين ينادي الجبار سبحانهُ، وتعالي لمن الملكُ اليوم؟ لله الواحد القهار، لا ظلم اليوم؛ وفي ذلك اليوم كرةُ خاسرة للأرواح الفاجرة، في ذلك الوقت، فعلينا قبل المغادرة، والرحيل، وخروج الأرواح من الأجساد أن يكون ما يحدث عبرةُ لنا جميعاً، وخاصة لمن يخشي؛؛ قال تعالي: "فإذا جاءت الطامةُ الكبرى، يومئذٍ يتذكرُ الانسانًُ ما سعي، وبرزت الجحيمُ لمن يري، فأما من طغي، وأثر الحياة الدنُيا، فإن الجَحّيم هي المأوى، وأما من خاف مقام ربهِ ونهى النفس عن الهوى، فإن الجنة هي المأوى"؛ ومع سماعنِا تواصل خروج ألاف الارواح يومياً من الأجساد في كل البلاد، وهذا الوباء الذي حل بالعباد، لننشر الأمل بأن الخير قادم، لأنهُ لولا الأمل لبطلُ العمل؛ فّبعَدما هامت الأرواح، وسكتت، وسكنت الأفراح، لكل المؤمنين، والمتقين والصالحين في كل بقاع الأرض، لا خوفٌ عليكُم اليوم، ولا أنتُم تحزنون، وسيعود يزهرُ اللوز، والزعترُ، وأزهارُ التيِنِ، والزيتونِ والليمون، وشمس الحرية ستشرق علي فلسطين، وسّيزوُل الغاصبون المحتلون، المجرمون؛ ولكل أرواح الأحرار، والأطهار في العالم الرحمة، والسلام خيرٌ وهوُ مِسُك الختام.

كلمات دلالية

اخر الأخبار