الائتلاف الحكومي الوشيك هو ائتلاف نتنياهو بامتياز

تابعنا على:   17:40 2020-04-10

زياد شليوط

أمد/ ما زال موضوع تشكيل ما يسمى " حكومة وحدة وطنية" أو "حكومة طواريء"، بين حزب الليكود وحزب "كحول لفان" تراوح بين القبول والتمنع، ففي الصباح نسمع عن تقدم في المفاوضات وفي المساء نسمع عن عراقيل في مسار المفاوضات، بل أن التقدم الذي أعلن عنه صباح يوم الاثنين الماضي، وعن تفاهم على توزيع الحقائب الوزارية وتفاهمات سياسية، تم نفيه مساء اليوم نفسه حيث أعلن عن توقف المفاوضات وعدم توقيع الاتفاق، وأن وفد "كحول لفان" غادر مقر رئيس الحكومة غاضبا.

تنتهي يوم الاثنين القادم 13 الشهر الجاري، فترة التوكيل لبيني غانتس لتشكيل الحكومة الجديدة، هذا التوكيل الذي حصل عليه من رئيس الدولة في أعقاب توصية 61 عضو كنيست عليه لتشكيل الحكومة، وقام غانتس بقذف تلك التوصيات الى دلو القمامة، بعدما دعاه نتنياهو لتشكيل حكومة وحدة. ويستبعد أن يقوم رئيس الدولة، ريفلين بتمديد فترة التكليف لغانتس على ضوء المستجدات التي فقد فيها الأخير الأغلبية الممنوحة له لتشكيل حكومة. وطلب غانتس تمديد فترة التوكيل يؤكد عزمه على مواصلة محاولة تشكيل الحكومة مع نتنياهو، وأنه ليس في نيته التراجع عن ذلك خاصة وأنه حرق الجسور مع شركائه السابقين في "كاحول لفان"، ولن يكون بامكانه العودة اليهم ضعيفا، مكسورا، حيث لن يكون بامكانه العودة الى رئاسة الحزب وسيجد لبيد بانتظارة ليوجه له الضربة الفنية القاضية. اضافة الى أنه فقد ثقة الأحزاب التي أوصت عليه لدى رئيس الدولة.

هذا وتتمحور نقاط الخلاف حاليا بين "الليكود" و"كاحول لفان"، وفق مصادر الحزبين حول لجنة تعيين القضاة، بعدما تم الاتفاق أن يتولى نيسكورين، ممثل "كاحول لفان" وزارة القضاء، الأمر الذي اعتبرته أوساط يمينية وخاصة حزب "يمينا"، بأنه خضوع "لليسار" كما ينعتونه. والنقطة الثانية هي ضم أراض في غور الأردن للسلطة الاسرائيلية، كجزء من "صفقة القرن"، حيث يهدف الليكود الى اعلان الضم خلال أشهر معدودة، بينما يعمل "كاحول لفان" على تأجيل اعلان الضم واشتراط ذلك بالحصول على الموافقة الأمريكية الرسمية.

بيرتس يجهز على حزب العمل ويساهم في دفنه نهائيا

من المفاجآت التي حصلت خلال الأيام الماضية، اعلان عمير بيرتس، رئيس حزب العمل والتحالف الثلاثي مع "ميرتس" و"جيشر" عن نيته بالدخول الى الحكومة برئاسة نتنياهو مقابل الحصول على وزارتين مهمتين وهما الاقتصاد ويتولاها بيرتس نفسه، والرفاه ويتولاها ايتسك شمولي. ومن أجل هذا الغرض قام بفض الشراكة رسميا مع "ميرتس" وأقر ذلك من قبل لجنة الكنيست، وكانت حليفته اورلي ليفي قد سبقته بالانسحاب من التحالف ورفضت التوصية على غانتس.

وهكذا انفرط عقد التحالف الثلاثي، والذي أطلق عليه "تحالف اليسار" بأسرع مما توقع له المراقبون، ولم يكتف بيرتس بذلك بل أجهز على حزب "العمل" سليل "المعراخ"، الحزب الذي قاد الحكومة لفترات طويلة وساهم في انشاء الدولة ورسم سياستها، ومع بيرتس وصل الحزب الى الحضيض، وبات يتمثل اليوم في الكنيست بثلاثة أعضاء، والذي يمكن ان ينخفض الى عضوين، نظرا لمعارضة ميراف ميخائيلي خطوة بيرتس بالانضمام لحكومة برئاسة نتنياهو. والغريب في الأمر ما تتوهمه ميخائيلي بأن هناك إمكانية لاصلاح حزب العمل من الداخل وإعادة بنائه. ان ميخائيلي ما زالت تكابر بتوهمها هذا، وعليها أن ترى مستقبلها السياسي في اطار آخر مثل "ميرتس" لأن بيرتس وقع على شهادة وفاة حزب العمل، اما مراسم الدفن فستتم بعد الخروج من أزمة كورونا.

نتنياهو يحطم المطبات في طريقه لرئاسة الحكومة

لن يعجز نتنياهو في الوصول الى تشكيل الحكومة فهو اللاعب الرئيس فيها مع أن غانتس يحمل التوكيل رسميا، لكن من يخرج علينا كل ليلة هو نتنياهو، ومن يدعو ويطلق التصريحات هو نتنياهو، ومن يفاوض ويوزع الحقائب (على الأقل في اليمين) هو نتنياهو. واستطاع نتنياهو في صيانة الكتلة الموحدة لأحزاب اليمين، ولن يضيره خروج حزب "يمينا" من هذه الكتلة وعدم دخول الحكومة، مع انه سيعمل كل ما يمكنه من أجل بقاء "يمينا" ضمن تحالف اليمين. فهو أي نتنياهو لا يرتاح للعمل مع بينت وشاكيد، ولهذا لم يتمسك بحقيبتيهما في الحكومة المزمع اقامتها كما تمسك بحقائب سائر الأحزاب، وهذا ما اشتكت منه شاكيد في لقاء إذاعي. فلم يعد نتنياهو يقلق من خروج "يمينا" طالما لديه "كاحول لفان" ويضاف اليه "العمل".

ومن المعروف أن نتنياهو تمكن بأساليب ملتوية وانتهاز الظروف بشكل محكم، من إزالة كثير من المطبات التي واجهته في العودة الى كرسي رئاسة الحكومة. ورغم أنه لم يحصل على أغلبية برلمانية تتيح له الحصول على توكيل من رئيس الدولة بتشكيل الحكومة، ورغم التهم الموجهة له والتي كان من المفروض أن تبدأ المحكمة النظر فيها، الا أنه تمكن من تجاوزهما بألاعيبه السياسية. وعلى الصعيد الحزبي والسياسي وبحنكته التي يتميز بها استطاع من تفكيك الشراكة في تحالف "كاحول لفان" الواسع، والذي شكل خصما سياسيا جديا له، وما أن وصل الى أعتاب الحكومة، خرج نتنياهو ببدعة "حكومة طواريء" لمواجهة خطر كورونا، وبتأثير من نداء رئيس الدولة المشابه، تلقى غانتس الطعم وسقط في "شباك" نتنياهو.

وتبقى مهمة بسيطة أمام نتنياهو وهي توزيع الحقائب الوزارية بين أقطاب الليكود، والذين سيجد منهم الكثيرون أنفسهم خارج الحكومة، ولن يجرؤ أي وزير أو عضو كنيست ليكودي من مواجهة نتنياهو رغم المرارة التي سيحملها في داخله. وأول ضحايا وعود نتنياهو هو صديقه الشخصي نير بركات، رئيس بلدية القدس السابق، والذي سبق وأعلن عنه نتنياهو، خلال الحملة الانتخابية كوزير المالية القادم، وعاد بركات ليذكره بذلك بل ليعلن عن نفسه كوزير للمالية بعد ظهور نتائج الانتخابات، ليستفيق على واقع أن كرسي الوزارة ستبقى أمنية لديه، حيث أعلن نتنياهو عن توكيل يسرائيل كاتس بهذه المهمة. والشخص الآخر الذي سيعزل عن منصبه رغم اعتراضه الصامت هو أردوغان، وزير الأمن الداخلي والتي ستتولى المنصب بدله الوزيرة المخلصة لنتنياهو، ميري ريغف. ان نتنياهو يعلم جيدا أن أحدا لن يخرج ضده من زعامات الليكود، أو يقوم بتمرد ضده لأن ذلك يعني نهاية مسيرته السياسية. وهكذا فان نتنياهو ما زال يمسك بغالبية الخيوط التي تضمن له زعامة الليكود واليمين وبالتالي الحكومة.

حكومة "عبء" اقتصادي ودمار للمواطن

بدأت ترتفع بعض الأصوات المحذرة، ولكن بخجل من النتائج الوخيمة التي تنظر البلاد، من تشكيل الحكومة القادمة بحجة الطوارئ والوحدة والتصدي لوباء كورونا، حيث اتفق على أن تضم 30 وزيرا نصفهم من "كاحول لفان" والنصف الآخر من اليمين. ان تشكيل حكومة موسعة كهذه وبعدد كبير من الوزراء ونواب الوزراء وما يجره ذلك من وظائف سيشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على الدولة، إضافة الى ما يسببه وباء كورونا، وهذا يعني عجزا اقتصاديا سينعكس سلبا على المواطنين، وممكن أمن يؤدي الى فرض ضرائب جديدة، وهذا يعني أن المواطن سيكون المتضرر الأول من تشكيل حكومة "الوحدة"، وهو الذي سيدفع الثمن لمغامرات السياسيين التي تجلب الويل على المواطن العادي.

كلمات دلالية

اخر الأخبار