صحيفة: نتنياهو يهدد المحكمة العليا.. إما المنصب أو الخروج للشارع

تابعنا على:   23:13 2020-04-18

أمد/ تل أبيب: نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية يوم السبت، مقالا للصحفي غيدي فايس، تحت عنوان "نتنياهو للمحكمة العليا: إما المنصب أو الخروج للشارع ومقاطعة الانتخابات" جاء فيه:
في الولاية الثانية لبنيامين نتنياهو كرئيس للحكومة استدعته رئيسة المحكمة العليا دوريت بينيش في لقاء مغلق مع القضاة، وترك حضوره في ذلك اللقاء انطباعاً ممتازاً لدى عدد منهم.

نتنياهو الذي أحب امتداح نظرية فصل السلطات لمونتسكيو، حافظ على علاقة جيدة وخط مفتوح مع بينيش. المخلص له يوفال شتاينيتس عندما انتقد قرارات المحكمة العليا، اتصل رئيس الحكومة مع الرئيسة وأوضح لها بأن هذه الأقوال غير مقبولة، وأن لديه ثقة كاملة بجهاز القضاء. بينيش وزوجها أيضاً تمت دعوتهما عدة مرات إلى العشاء في المقر الرسمي.

إلى جانب رغبته بمحكمة عليا راضية، كان لنتنياهو سبب آخر للوقوف إلى جانب بينيش، فقد اقتنع بصفته رئيساً للسلطة التنفيذية وبصفتها رئيسة للسلطة القضائية، بأن لهما عدواً مشتركاً، وهو ناشر "يديعوت أحرونوت" نوني موزيس الذي يريد التخلص منهما بواسطة هجمات منهجية في وسائل الإعلام التي يملكها. في وعي نتنياهو هذا سبب كاف حتى ولو كان مؤقتاً.

في الفترة نفسها، صد نتنياهو كل محاولة للمس بمكانة الجهاز القضائي، وسارع إلى التنصل علناً من الهجمات على المحكمة العليا من قبل اليمين. في العام 2011 عندما دفع ياريف لفين وزئيف الكين قدماً بمشروع قانون لإجبار المرشحين للمحكمة العليا على اجتياز جلسة استماع في الكنيست، كانت تكفيه مكالمة هاتفية من المستشار القانوني للحكومة، يهودا فينشتاين: نتنياهو أعطى توجيهاته لوزير العدل يعقوب نئمان برفع مشروع القانون من جدول الأعمال. "هذا لن يحدث"، أعلن في حينه. هذا القانون لن يمر في حكومة برئاستي. استقلالية المحكمة فوق كل شيء. أنا أقدس فصل السلطات وسلطة القانون.

منذ ذلك الحين تحولت هذه القيم إلى أقل قداسة. التصدعات الأولى ظهرت في قضية اليئور ازاريا عندما فهم رئيس الحكومة بأن قاعدته تنتظر منه تبني "ابننا جميعاً". المستشار الإعلامي لنتنياهو، بوعز ستمبلد، تحدث في شهادته في الملف 4000 كيف غضب منه ولم يتحدث معه لأسبوع كامل لأنه أقنعه بإدانة إطلاق النار الذي قام به ازاريا على المصاب عبد الفتاح الشريف.

التحقيقات ولائحة الاتهام ضد نتنياهو جعلته يدير ظهره نهائياً لسلطة القانون. الشرطة والنيابة العامة وأيضاً المحكمة التي أقسم للدفاع عن استقلاليتها، تحولت إلى أعداء أسوأ من إيران وبراك أوباما وحتى موزيس. والسياسيون الذين تحدثوا مع رئيس الحكومة تفاجأوا باكتشاف إلى أي درجة كانت أقواله عن الجهاز القضائي تشبه الأقوال الأكثر تطرفاً لمؤيديه في الشبكات الاجتماعية.

حسب رأي نتنياهو، "قدّيسو" المحكمة العليا، كما يسميهم بسخرية في المحادثات المغلقة، هم جزء من الجهاز السري القضائي الذي قرر تصفيته سياسياً وإرساله إلى السجن.

على رأس هذه الزمرة المتخيلة يقف شخص ابن 83 سنة، رئيس المحكمة العليا الأسبق أهارون براك، الذي استقال من منصبه قبل 15 سنة تقريباً. ولكن رئيس الحكومة على قناعة بأنه يواصل الإمساك بأعنة استر حيوت وافيحاي مندلبليت وبني غانتس وغابي أشكنازي. لنفسه وللمحيطين به يتحدث بأن بينه وبين براك صراعاً أيديولوجياً، وأن خصمه يسعى إلى إبعاده لتحويل إسرائيل إلى دولة كل مواطنيها. ذات يوم كان العدو اللدود هو الضيف المرغوب فيه في بلفور. في التحقيق معه في ملف 4000 قال رئيس الحكومة في دفاعه بأن شاؤول والوفيتش تمت استضافتهما في المقر بالضبط مثل عدد المرات التي استضيف فيها باراك وزوجته فيه.

الآن، مثلما ورد في "هآرتس"، يهدد نتنياهو بتفجير المفاوضات مع "أزرق أبيض" لأن غانتس غير مستعد لتقديم شبكة أمان له على شكل تشريع يتجاوز المحكمة العليا، في حالة قرر قضاة المحكمة العليا بأنه لا يستطيع مواصلة تولي منصبه. “يجرى تحذير نتنياهو من أنه إذا لم يمنع تدخل المحكمة العليا في الاتفاق فسيكون هذا انتحاراً”، شرح أحد مقربيه.

"يجب ألا يكون هناك شك في استغلال المحكمة العليا لهذه الفرصة من أجل إزاحتي"، قال نتنياهو في محادثات مغلقة. وأضاف محذراً: إذا منع قضاة المحكمة العليا عني رئاسة الحكومة، أو إذا تمت المصادقة على قانون يمنعني من التنافس على هذا المنصب مستقبلاً فسيكون لذلك تداعيات، "الجمهور سيخرج إلى الشوارع"، تنبأ رئيس الحكومة، "ستكون دعوة لمقاطعة الانتخابات".

إذا لم تتشكل حكومة طوارئ فسيبقى لنتنياهو احتمالان: محاولة تشكيل حكومة ضيقة أو الذهاب إلى الانتخابات. وفي هذين السيناريوهين سيكون تحت تهديد المحكمة العليا. إن تفحص شريعة درعي – بنحاسي والقرار الذي بشأن رؤساء البلديات الذين تورطوا في قضايا جنائية، يظهر أن مرجعية الأحكام تمكن من تدخل قضاة المحكمة العليا.

"صحيح أن سوط المحكمة العليا موجود أيضاً في السيناريوهين البديلين"، قال أحد المقربين من نتنياهو، "ولكن إذا ذهب إلى الانتخابات وحصل على 40 مقعداً مثلما تتنبأ الاستطلاعات، فهل تعتقد المحكمة العليا أنها لا تخاف من التدخل؟".

آخرون يعتقدون أن ائتلافاً واسعاً سيرسخ شرعية نتنياهو ويصعب على القضاة إصدار حكم ضده. ومهما كان الأمر، فالتهديد السياسي الأكبر على استمرار حكمه لا يشخصه نتنياهو في الكنيست، بل في المحكمة.

اخر الأخبار