كورونا بين الحركة العمالية وسطوة الرأسمالية

تابعنا على:   11:58 2020-05-02

فواد الكنجي

أمد/ في ظل الصدمة النفسية وحالة القلق الوجودي التي أفرزتها جائحة (كورونا) والتي أربكت حركة المجتمعات البشرية؛ كشف القناع عن وحشية (الرأسمالية) التي لطالما مجدت أمجادها بمفاهيم جلها اصطبغت بمعطيات انتهازية لتخدير الشعوب بأوهام الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وغيرها من هذه الشعارات الرنانة؛ وهي في الحقيقة لم تكن إلا وهم وخيال؛ ليس لها تطبيق حقيقي على ارض الواقع؛ بقدر كونها ادعاءات مزيفة تدور في مخيلة الطبقات (الرأسمالية) و(الارستقراطية) التي تسيطر على وسائل الإنتاج بفعل ما تمتلكه من القوة والسيطرة، والتي شاغل ما يشغلها هو الحصول على مزيد من الثروة ومزيد من الأرباح حتى وان كان على حساب أرواح العمال والكادحين والمعدومين والفقراء باعتبارهم أدوات الإنتاج يتم استغلالهم بكل وسائل الخداع والتظليل؛ لنلتمس وقائع عن هذا الاستغلال المتوحش كيف تم تظليل (الطبقة العاملة) بحوافز وهمية ليتم تشغيلهم واستغلالهم في ذروة تفشي وباء (كورونا) حتى وان جاء هذا الاستغلال على حساب حياتهم ليكون حصيلة هذه الأنانية تجريد الإنسانية من بعدها الإنساني .

وهذا (الاستغلال) يأتي للحصول على مزيد من فائض القيمة على حساب ما يبذله العمال والكادحين من جهد؛ وما يصبونه من عرق جبينهم في العمل، لان للأسف؛ طبيعة المجتمعات المعاصرة؛ ولطبيعة التعقيدات العصر؛ أصبحت النظم (الرأسمالية) التي اليوم تسيطر على كل حلقات الحياة في اغلب دول العالم – إن لم نقل جميعها – تبعد الأنظار عن كثير من الحقائق والمفاهيم الإنسانية لتجاري الأسس الاقتصادية والتجارية للنظام (الرأسمالي)، بكون من يسيطر على المنتجين من ناحية عملهم وإنتاجهم يكون بشكل مباشر وغير مباشر من قبل (الطبقة الحاكمة)، وعبر التاريخ يكون هذا (الاستغلال) واردا بنمط النظام القائم؛ سواء في النظم (العبودية) أو (الإقطاعية) وهي نمط من الأنماط السلوكية (للرأسمالية)؛ إلا أن (الاستغلال) في النظام (الرأسمالي) تظهر مرتكزات الاستغلال بشكل مختلف أكثر ضراوة وبشاعة من النظم (العبودية) و(الإقطاعية)، و وفق ظروف التي تستحدث في حركة التاريخ .

ومن هنا فان (الحركة العمالية) مطالبة اليوم بوضع خارطة عمل لـ(الطبقة العاملة) للحد من استغلال العمال في زمن (جائحة كورونا) وعدم مسايرة مخططات الإدارات الحاكم التابعة للنظم (الرأسمالية) التي تحرض على استمرارية العمل لعدم إلحاق أي خسائر في اقتصادها؛ وان كان على حساب تضحية بأرواح العمال، فهي أي (الحركة العمالية) مطالبة بإعداد خطط عمل للطبقة العاملة ومن خلال تعبئة العمال في المصانع والمعامل والمدن ومطالبتهم لرفضهم القيام بالعمل في زمن (الأوبئة)، كما يحدث اليوم في عالمنا الملوث بالجائحة (كورونا) وعدم استسلامهم لمخططات الطبقة (الرأسمالية)، ليتم تغير مسار العمل لصالح (الطبقة العاملة) وسلامة العمل، لان (الرأسمالية) بعد تفشي وباء (كورونا) طفح على السطح صراع فكري بين المفكرين والمنظرين والفلاسفة ومن مختلف اتجاهات وخاصة من الاتجاهات اليسارية التقدمية لنقد (الرأسمالية) بكل اتجاهاتها وهيمنتها على السياسة والاقتصاد؛ رغم إن بعض المفكرين والفلاسفة (الرأسمالية) يسعون لإنقاذ (الرأسمالية) – بمعنى إنقاذ (الاقتصاد) الذي هو دعائم التي تستند عليه (الرأسمالية) – مع كون أمر هؤلاء لم يعد مقنعا، بعد إن أصبح منصات الإعلام مفتوحة للجميع؛ رغم إن الإعلام ما زال يتستر عن كثير من الأطروحات التقدمية ومحاولة تظليل الوقائع على حساب جهات معينة مرتبطة بإدارات (الرأسمالية) الحاكمة، لان اغلب الآراء اليوم تتجه بالقول بان عالم ما بعد (كورونا) ليس كما كان قبله، لان منطق الذي تفرزه مقدمات العمل في ظل زمن تفشي وباء (كورونا) تؤكد بان

أولا.. فقدان عدد هائل من العمال والموظفين إعمالهم أو من هم في طريق فقدانه .

ثانيا.. عدد هائل من الشركات و المعامل أغلقت أبوابها مؤقتا أو ربما ستغلقها نهائيا بعد إعلان إفلاسها .

وهذه الأمور؛ يجعل المجتمعات تدخل مرحلة الانكماش والركود والكساد الاقتصادي، وهذه مؤشرات توحي كمقدمات منطقية لانهيار النظام (الرأسمالي) – لا محال – سيشهده عالمنا ما بعد زمن (كورونا)، وهنا يطرح السؤال نفسه :

– هل نحن أمام مرحلة تاريخية لحركة تاريخ في تغيير طبيعة النظام الاقتصادي والايدولوجيا للمجتمعات والانتقال إلى نظام جديد؛ ما بعد (الرأسمالية) ........؟

لعلا كل مؤشرات الفكرية والفلسفية تؤكد ذلك، ولكن ليس لهم تصورات عن شكل النظام الجديد الذي سيخرج ما بعد زمن (كورونا)، رغم إن الفكر (الماركسي) قد أشار إلى مرحلة ما بعد (الرأسمالية) كما يذهب (ماركس) في كتابه (الرأسمالية)، لأنه أكد بان (النظام الرأسمالي) ضمنيا (يحبل بالتناقضات) وأنه يحتوي في ذاته بذور فنائه .

لان اغلب مفكري الفكر الفلسفي ومنذ أمد ليس بالقصير كانوا يتبنون خط الانتقاد للفكر (الرأسمالية)، لان عبر حركة التاريخ دوما كان السبب وهو نتيجة أحداث (التغيير)؛ كأحد عوامل انهيار النظم الاجتماعية؛ لطبيعة تأثيرات عوامل (التغيير) على النظم المجتمعية بما يستحدث من تغييرات على كل ما هو عدا قديما، وهو ما ينطبق على الفكر (الرأسمالية) الحالي بما يواجه من تغييرات في زمن ما بعد (كورونا) ليعد نظاما قديما؛ ولابد من ظهور (نظام جديد) يواكب تطلعات المجتمعية في زمن ما بعد (كورونا)، لان وفق تحليلات (حركة التاريخ) بان (التغيير) يحدث نتيجة تفاقم أزمة مجتمعية تصل إلى مستوى اختناقات مجتمعية تفقد السيطرة عليها؛ فيحدث (التغيير) في طبيعة النظام (الرأسمالي) القائم؛ ليطوي تاريخ صفحته؛ لينتقل إلى صفحة أخرى كجزء من (تحولات تاريخية) جديدة بنوعيتها؛ والتي لا تعيد نفسها بكل معطياتها الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية .

ولكي يحدث مثل هكذا تحولات لابد إن نقف قليلا لطرح سؤال :

– هل إن جائحة (كورونا) ستكون مؤثراتها فعلية لاستحداث تغييرات مجتمعية ............؟
بدا نقول، بان (حركة التاريخ) لا تتوقف بصيرورته، ولكن لإحداث (التغيير) في حركته تتم وفق (عاملين لا ثالث لهما) لإحداث تغييرات واقعية في المجتمعات جذرية وحقيقية :

أولا.. إما من خلال نشوب حرب كونية طاحنة .

ثانيا.. أما من خلال تفشي أوبئة جائحة تفتك بالمجتمعات بشكل مؤثر .

فـ(التغيير) و(التحول) المجتمعي يأتي بوجود هذه المؤشرات، لان لا (تحول) ولا (تغيير) بدون قوة مأثرة تغير النظم القائمة، فـ(الرأسمالية) لن تسقط إلا بوجود مثل هكذا عوامل التي تشعل (الصراعات الطبقية) في المجتمع، والصراعات الطبقية؛ لا تأتي بثمارها في تغيير طبيعة النظم القائمة في الإدارات (الرأسمالية) إلى نظم جديدة إلا بعد إن تكون النظم الجديدة لها تصورات حقيقية ومساهمات فعلية في تعزيز القيم المجتمعية من:
1 .. العدالة الاجتماعية
2 .. المساواة
3 .. الحرية
4 .. نبذ الاستغلال بكل أشكاله وألوانه
5 .. المحافظة على التوازن الطبقي في المجتمع دون تصنيف .

ومن هنا يأتي دور (الحركات العمالية) ونقاباتها في تهيئة المناخ السليم لاحتضان (العمال) والدفاع عن حقوقهم والحد من استغلالهم؛ وخاصة في أزمة الأوبئة كما يحدث في أيامنا هذه، ليتم توعية (العمال) لاتخاذ إجراءات حاسمة تكون الأولية للقرارات التي تحافظ على الأرواح العمال وإنقاذهم وتدعم مكتسباتهم الحقيقية، بعد إن اتجهت اغلب الدول (الرأسمالية) وفي مقدمتها (الدول الصناعية – الرأسمالية الكبرى) لضغط على (النقابات العمالية) من أجل عدم توقف الإنتاج؛ دون الاكتراث بمخاطر التي قد يتعرض لها (العمال) نتيجة تفشي وباء (كورونا)؛ الذي يحصد أرواح الملايين في العالم، حيث لغاية كتابة هذا المقال تم إصابة أكثر من (ثلاثة مليون إنسان) ووفاة ما تجاوزا عن (ربع مليون إنسان) بعد إن انتشر وباء (كورونا) في أكثر من (193 دولة) حول العالم .

لذلك يتطلب من (النقابات العمالية) وحركاتها؛ تنظيم احتجاجات وتظاهرات مؤثرة؛ بعد إن تمادى أرباب العمل في غيهم دون الاكتراث بالأضرار الجسدية والنفسية والصحية والمالية التي تلحق بالعمال والكادحين، بعد إن تم الضغط عليهم لمواصلة العمل في المصانع والمعامل في ظل تفشي وباء (كورونا)، بحجج – غير مقنعة – بأنه تم إعادة تنظيم العمل في المصانع بطريقة تجعل ظروف العمل أكثر أمانا، ولكن للأسف وكما لاحظانا في عديد من دول العالم بان قادة (النقابات والحركات العمالية) سايرت بشكل ضمني الطبقة (الرأسمالية) التي تدير هذه المصانع، وهذا مؤشر بان اغلب قادة (الحركات العمالية) في الدول التي أنظمتها (رأسمالية)؛ تتميز بطابع (بيروقراطي) الذي يؤثر سلبا عن دور النقابات في الدفاع عن حقوق (العمال)، وهذا ما يتطلب إلى إعادة النظر في هذه (القيادات) من خلال (الطبقة العاملة) لتغيير هذه الهيكلية تغييرا جذريا وإتيان بأناس ذو توجهات تقدمية و وطنية رصينة تمتلك الخبرة والعلم والمعرفة وتتعامل مع (الطبقة العمالية) بمسؤولية أخلاقية عالية؛ بكون حاملي هذه الأفكار الوطنية أناس ثوريين وعمليين وجل هدفهم هو النضال من اجل تغيير (قوانين العمل) بما يخدم مصالح (الطبقة العاملة) والإنتاج الوطني، لان ما لم يتم معارضة ما يحدث اليوم في اغلب المصانع والمعامل في الدول الصناعية (الرأسمالية) ووقوف بوجه الاستغلال (الرأسمالي) في ظل جائحة (كورونا)؛ فلا محال فإننا لا نتوقع أي (تغيير)، لان (الرأسمالية) ستعيد إنتاج نفسها في زمن ما بعد (كورونا) إذ ظلت (نقابات العمال) – لضعف أدائهم وبعدهم عن الحس الثوري – تجاري تطلعات الطبقة (الرأسمالية) التي لا تكترث بأرواح (العمال) وتستغلهم في العمل رغم تفشي اخطر وباء يجتاح عالمنا وهو وباء (كورونا) القاتل، لان في مرحلة ما بعد (كورونا) ستلجئ كل الدول (الرأسمالية) إلى (تضخيم الدين العام) لتلجي إلى فرض الضرائب وستتدخل في رفع أسعار السلع وإعلان حالة التقشف، وهي عوامل التي تقصف ظهر (الطبقة العاملة) وتهضم حقوقهم، وهذه الإجراءات ستتخذها الإدارة (الرأسمالية) حفاظا عن مصالحها وليس عن مصالح (الكادحين والفقراء والطبقة العاملة) كونها تخدم أولا وأخيرا مصالحها .

ولولا ضعف (الحركات العمالية) التي تعيش تحت هيمنة هذه الطبقة أي (الطبقة الرأسمالية) المستغلة؛ لما تجرأت هذه الطبقة (الرأسمالية) اتخاذ هكذا إجراءات التي جلها ضد (الطبقة العاملة)، لان ما نشاهده على ارض الواقع بان اغلب (نقابات العمال) وفي كل بلدان الغربية قبل الشرقية – فما بالك بـ(نقابات العمالية) في بلداننا العربية التي أصابها نوع من خمول والكسل وعدم الاكتراث بظروف العمل وتحسين أوضاع (العمال) ورفع معنوياتهم وحماية مكتسباتهم – قد وقعت أسيرة (الأحزاب الحاكمة)، لذلك فهي تحرص على مجارات (الأنظمة الحاكمة) وعلى حساب هذه الطبقة من (العمال والكادحين) .

لذلك فاغلب (نقابات العمال) في (الشرق الأوسط) بل وفي اغلب دول العالم؛ نجدها مشلولة العمل وبعيدة عن حماية (الطبقة العاملة) في ظل ما يحدث لواقع الاقتصاد – المتردي أصلا لأغلب دولها – في زمن تفشي وباء (كورونا) وتأثراته على الواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي للمجتمع برمته؛ بسبب هذه المجارات لـ(الطبقة الرأسمالية المستغلة) التي توظف (العمال) في ذروة انتشار وباء (كورونا) بسبب شراهة (الاستغلال) التي تمارسه الطبقة (الرأسمالية) في إدارة المعامل والمصانع؛ بعد إن أيقنت بعدم تحرك (نقابات العمال) بما يعارض مصالحهم الاقتصادية، لان ما نشاهده؛ بان (النقابات العمالية) في بلدان (الشرق الأوسط) لا تمارس أي دور في التوعية والتثقيف في وسط (العمال) بقدر ما تواكب خط (الطبقة الحاكمة) لتقع أسيرة لتوجهاتهم، مبتعدين كل البعد عن طبيعة المتميزة التي تتميز بها (حركة النقابات العمالية) الرصينة؛ التي تحرص على إيصال الوعي النقابي والحركي إلى اكبر عدد من (العمال) وباتجاه القطاع الاقتصادي والاجتماعي؛ من اجل انخراطهم في العمل التنظيمي يوحد أهدافهم في تحسين روح العمل والأوضاع المالية والمعنوية للعمال والكادحين؛ وخاصة في زمن انتشار الأوبئة، ليقفوا وقفة واحدة ضد أي استغلال يمارس عليهم ويعرض حياتهم إلى مخاطر وباء (كورونا) وعلى كل المستويات .

ولكن من أين لهم هذا الدور........! والذي من المفروض إن تقوم (النقابات) بأدائه في ظل تفشي الوباء؛ وإصرار الطبقة (الرأسمالية) على مواصلة العمل؛ ومن دون تحصينهم من مخاطر أصابتهم بوباء (كورونا ) القاتل، لنلاحظ وعلى صعيد اغلب بلدان (الشرق الأوسط) غياب دور (النقابات و اتحاداتها العمالية)، بل نجدها في حالة من التشظي والتفتت والضعف لانشغال قيادتها بالصراعات حول المناصب والمغانم، وهذا ما جعل (العمال) يبتعدون عن الانخراط في صفوف (النقابات) بعد إن تلوثت سمعة (النقابات العمالية في عموم الشرق الأوسط) بمجارات (الأنظمة الحاكمة) وباستشراء الفساد في صفوف أعضائها وتقاعسها عن أداء واجباتهم النقابية في توعية (العمال) ورفض أي شكل من أشكال الاستغلال؛ والنضال من أجل صون حقوقهم، لأنهم – وكما قلنا سابقا – بعيدي عن الحس الثوري والوطني، ولأنهم بعيدين عن هذه الثورية التي يتطلبها واقع (النقابات والحركات العمالية) فأنهم لا يستطيعون تجاوز خلافاتهم ومصالحهم الشخصية والحرص على تغليب المصلحة العامة وتحديدا مصالح للطبقة (العمالية والكادحين)، لكي يستعدون البريق الثوري للحركة (العمالية) من أجل إنجاح مهامهم في توعية (العمال) وتحسين ظروف عملهم وانتشال (النقابات) من حالة الضعف والوهن والتهميش التي تمر بها، وهو أتي بعد إن استسلموا للأنظمة (الحاكمة) ولوثوا سجلاتهم الشخصية بالرشا وباستشراء الفساد في صفوفهم؛ فوقعوا اسري لرجال الطبقة (الرأسمالية) التي دأبت لممارسة هذه الأساليب القذرة لتلطيخ سمعة (النقابات) ومن اجل تنفيذ مشاريعهم الاستغلالية .

ولهذا وفي ظل الأزمة الحالية لانتشار الوباء (كورونا) لا نجد أي دور تقوم بفعله (الحركات والنقابات العمالية) سواء بالضغط أو بالتوصيات محليا ودوليا، لدعم مؤسسات الخيرية لأصحاب الدخل المحدود، والحد من زيادة الضرائب على السلع ودخل (العمال) لعدم تفاقم الأوضاع الاجتماعية برفع أسعار السلع، وتهيئة ظروف صحية أمنه للمجتمع؛ وعلى رأسها (العمال) بحيث تؤمن لهم ظروف عمل صحية لائقة والتي تساهم في استقرار وتطوير العمل وتمكن (العمال) من المساهمة في العملية الإنتاجية لأطول فترة ممكنة وبما يؤمن لهم واقع صحي واجتماعي واقتصادي سليم .

ولهذا فان ركائز الوضع القائم والدور السلبي لـ(حركات ونقابات العمال) هو ما يدفع النظام (الرأسمالي) والطبقة (الرأسمالية) للبقاء على السياسة الاقتصادية بشكلها القائم اليوم في اغلب دول العالم الصناعي؛ وذلك من اجل الحفاظ على ركائز الوضع القائم، ولهذا فان من ضروري إن تقوم (الحركات والنقابات العمالية) بالضغط وممارسة عملها النضالي التحرري؛ كما تعودنا رؤيته واستقصائه من خلال مسيرتهم الطويلة في النضال والتحرر وتغير النظم الاستبدادية والمطالب بالمساواة، ليتم أحداث تغييرات حقيقية في حياة الطبقة (العمالية والكادحين)، لان يقيننا بان الطبقة (الرأسمالية) تحاول بكل جهدها إلى تفكيك قدرات (الطبقة العاملة) والحد من عملها النضالي والثوري بصفتها (الطبقية الثورية) التي وحدها تمتلك القدرة الفعلية على شل النظام (الرأسمالي) وطبقاتها وإسقاطهم؛ عن طريق إيجاد (البديل الاجتماعي) لطبقة (الرأسمالية) مختلف جذريا عنها، وهو ما سيفرزه واقع (التغيير) من (حركة التاريخ) بعد إن تجد (الرأسمالية) نفسها إمام منحدر الانزلاق في الكساد والانكماش الاقتصادي؛ الذي سيعقب لا محال بعد زمن جائحة (كورونا) .

ولهذا فان (العمال) اليوم – أينما كانوا – مطالبين بوضع أيديهم على كل المنشآت الصناعية والزراعية – بعد تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية لغالبية العمال والكادحين في المجتمعات (الرأسمالية) بعد زمن انتشار وباء( كورونا) وعدم اتخاذ أي إجراءات لحماية مكتسبات هذه الطبقات من مخاطر البطالة والمجاعة والإفلاس و الوباء – ليتم إدارتها بأنفسهم ومن خلال (مجالس عمالية ثورية)، وهو الأمر الذي سيمهد في تشكيل تطورا هاما في سياق تجذير (الثورة الاجتماعية) التي ستنتهي حقبة (الرأسمالية) قبل إن تعيد إنتاج نفسها، بحيث يجب إن يرافق تشكيل هذه المجالس (النقابية) قدرات نضالية وثورية للدفاع عن نفسها ومكتسباتها، لتدخل (الثورة المجتمعية) الجديدة مرحلة (النظام الجديد)؛ يكون مساره الاجتماعي (ثورة) في رسم صورة حقيقية وجوهرية لدور ألأساسي الذي سيلعب فيها (العمال والكادحين) في كل منشأة ومصانع الدول .

لأن (حركة التأريخ) وفي مجمل المجتمعات؛ هو تأريخ نضال وصراع طبقي، و(الطبقة العمالية) في هذه المرحلة الخطرة التي تمر على كل المجتمعات البشرية من انتشار وباء (كورونا) القاتل؛ مهمة إحداث تغيير لصالح الطبقات المحرومة والمضطهدة؛ وما أكثرها في مجتمعاتنا البشرية؛ رغم ما يشهد العالم من تطور هائل من تكنولوجيا والصناعة الثقيلة؛ ولكن جلها تهدر لصالح الطبقة (الرأسمالية) والتي بدورها تهدرها في صناعة الأسلحة النووية والمدمرة والأسلحة البيولوجية، وكان أخرها صناعة فيروس (كورونا) القاتل، الذي قيل عنه بأنه تسرب نتيجة خطا بشري من معمل تصنيعه، ولا نعلم إن كان ما حدث قد جاء عمدا لتدمير القدرات الصناعية للدولة الأخرى ومن اجل استنزافها كنوع من حروب جديدة تشنها الدول اتجاه أخرى دون أي اعتبار للقيم الأخلاقية وما ستؤول علية مصير المجتمعات البشرية .

ولهذا فان الطبقات (الرأسمالية) التي توظف استغلالها بأبشع صوره والتي ما تنفك من مواصلة حروبها القذرة هنا وهناك؛ سواء كانت جرثومية أو نووية أو بالسلاح الثقيل التقليدي والمتطور أو على المستويات الاقتصادية والسياسية والحقوقية والفكرية والثقافية، والتي اليوم بات مظهر من مظاهر المجتمعات المعاصر؛ وستستمر ما لم تعي (الحركات العمالية) أهمية (التحرر) و(تغيير واقع العمل) في كل منشاة الدول؛ وبناءها على أسس الحرية والعدالة الاجتماعية والحقوقية ومساواة العمال، وهذا لا يحدث تلقاء نفسه في ظل الهيمنة (الرأسمالية) وجشعها، ما لم يكن هنا (توعية عمالية) وإيقاظهم من قبل لجان (نقابية) تؤمن بالثورية والنضال وبأهمية أحداث التغيير والتحولات على التركيبة المجتمعية (للرأسمالية)، وهذا لا يأتي ما لم تنبثق من (معسكر العمال) حركة ثورية للطبقة (العاملة) وخاصة في زمن وباء (كورونا) لقلب موازين القوى في النظام (الرأسمالي)، الذي يقدم ويدفع (العمال) في ظل هذا النظام القمعي التسلطي تضحيات جسيمة بجهد عملهم ومواصلة عملهم بدافع من الشعور بالمسؤولية الأخلاقية اتجاه أوطانهم وشعوبهم، وفي نفس الوقت يتم استغلالهم بأبشع صور الاستغلال وهضم حقوقهم من قبل الطبقة (الرأسمالية)، ولهذا يتطلب من (النقابات والحركات العمالية) و (الطبقة العاملة) القضاء على عبودية (الرأسمالية) ليبدأ الإنسان في التحكم في حياته ومصيره؛ وبعد إن يتخطى مرحلة (العبودية الرأسمالية) سيجد نفسه في عالم الحرية والمساواة والعدل الاجتماعي ليقيم مجتمع جديد خال من الطبقات والاستغلال والاضطهاد؛ ليعم الأمن والسلام والاستقرار لكل المجتمعات البشرية وفي جميع دول العالم .

اخر الأخبار