الوجه الآخر للضم

تابعنا على:   17:15 2020-05-31

عمر حلمي الغول

أمد/ سألني احد الزملاء العرب على الخاص ما هو الوجه الآخر للضم؟ بتعبير آخر ما هي فوائد الضم فلسطينيا وعربيا وأمميا؟ وكما اكدت في أكثر من مقال لي، فإني عندما اتحدث عن الضم الإسرائيلي أي كان حجمه ونسبته من اراضي دولة فلسطين المحتلة في الخامس من حزيران عام 1967، اقصد بذلك صفقة القرن الترامبية الأفنجليكانية الصهيونية، حيث لا يجوز الفصل بين الأمرين.

وقبل ولوج تحديد الوجه الآخر، أود التأكيد، ان دولة الإستعمار الإسرائيلية ومن ورائها إدارة ترامب تتحملان المسؤولية الكاملة عن كل التداعيات الخطيرة الجارية على المساق الفلسطيني الإسرائيلي، وكلتاهما ضربتا ركائز السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وبالتالي الإعلان الفلسطيني عن التحلل من الإتفاقات، كان نتاج تلك السياسات، وليست خيار قيادة المنظمة، لإن القيادة الشرعية راهنت على إمكانية تراجع الإدارتين الإسرائيلية والأميركية عن جريمة تصفية القضة الفلسطينية والسلام معا في 28 يناير 2020 اي صفقة القرن. كما ان حركة حماس ومن لف لفها تتحمل جزءا من المسؤولية، لإنها اوجدت في المشهد الفلسطيني لهذة المهمة الخطيرة، ومن يعتقد عكس ذلك ساذج ويجهل المخطط الصهيو أميركي الإخواني.

 وبالعودة لجادة الإجابة على السؤال، يمكنني هنا الجزم، ان الوجوه الآخرى للصفقة والضم متعددة، لكن ابرزها هي: اولا فشل إتفاق اوسلو فشلا ذريعا، وسقوطه في المزبلة الصهيو اميركية؛ ثانيا فشل القيادة الفلسطينية في إدارة الصراع مع دولة الإستعمار الإسرائيلية طيلة ال26 عاما الماضية، وكشفت عن عدم قدرة على التعاطي الإيجابي مع النفحات الإيجابية في إتفاق اوسلو، والمراكمة عليها، لا بل ان القيادة تراخت، وأسقطت من بين يديها العديد من الإيجابيات؛ ثالثا أكد الضم إنتفاء مستقبل عملية السلام مع البناء الفوقفي الإسرائيلي ويخطىء من يعتقد في الشعب العربي الفلسطيني واهل النظام الرسمي العربي بوجود شريك إسرائيلي يقبل القسمة على اية عملية سلام؛ رابعا أكدت التجربة التاريخية على مدار العقود الماضية من الصراع على، أن الصراع العربي الصهيوني، هو صراع وجود، لا صراع حدود وتسويات. لإن القيادة الصهيو أميركية الأفنجليكانية لا تريد بناء جسور السلام، لا بل تعمل على تبديد كل افق للسلام، وتعمل بشكل حثيث للذهاب للحرب وتصفية القضية الوطنية برمتها، وقد أعادت القضية والصراع إلى المربع الصفر؛ خامسا تورط بعض أهل النظام الرسمي العربي في التساوق مع الرؤية الصهيو أميركية، وهو ما يعيد للأذهان التجارب التاريخية للثورات الفلسطينية، حيث تآمر ملوك وأمراء النظام العربي على الثورة الكبرى 1936/ 1939، وفي إضاعة فلسطين بحربهم الوهمية عام 1948، وهذا لا ينتقص من مكانة الضباط والجنود العرب الأبطال، الذين قاتلوا دفاعا عن فلسطين وشعبها، وحدث ولا حرج عن المؤامرت اللاحقة ضد الثورة الفلسطينية المعاصرة ومن مَن؟ من انظمة لبست ثوب الوطنية، فضلا عن الأنظمة العميلة والمرتبطة بالمشاريع الصهيو أميركية في الوطن العربي والإقليم عموما؛ سادسا عدم وجود إرادة دولية حتى الآن لفرض خيار السلام الممكن والمقبول، المتمثل بحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم الأم. وما المواقف المعلنة من قبل الإتحاد الأوروبي وروسيا الإتحادية والصين والهند واليابان وحتى الديمقراطيين الأميركيين وانصار السلام الإسرائيليين إلآ لذر الرماد في العيون، ولا تحمل دلالاتها السياسية نهائيا، لإنهم جميعا أسرى اباطرة المال المالي العالمي، الذين مازلوا يتبنون المشروع الصهيوني الكولونيالي الإجلائي والإحلالي على كل فلسطين التاريخية. الأمر الذي يملي على القيادة الفلسطينية قلب معادلة الصراع رأسا على عقب. وحتى تكون جادة عليها المطالبة بتنفيذ قرار التقسيم الأممي 181 كحد ادنى للقبول باي تسوية سياسية، حتى لا يتم تحميلها وزر تبعات إنسداد افق السلام؛ سابعا الضم يعني مباشرة الدفع بخيار الوطن البديل، والذي لا يمر إلآ عبر تنفيذ مخطط الترانسفير. وهو ما يعني طرد الفلسطينيين إلى الضفة الشرقية لإقامة الوطن الذي يريدونه، وعلى حساب العائلة الهاشمية المالكة؛ ثامنا في ظل المعادلات السياسية القائمة، وموازين القوى الراهنة والمنظورة لا مجال للحديث عن السلام، وتحقيقه على أرض الواقع. وما لم تتغير تركيبة النظام العالمي الحالي، وهي بالضرورة قادمة. لكن التغيير قد يستغرق وقتا من الزمن، تكون فيه عملية القضم التدريجي لكل الأرض الفلسطينية حصلت؛ تاسعا أكد الضم والصفقة على ضرورة  رفع كلفة وثمن الإستعمار الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وزيادة خسائره بشكل يومي، وتصفية ادواته وكل المتأسرلين في الجسد الفلسطيني، وما لم يحدث ذلك، لن تعيد القيادات الصهيونية حساباتها، وستستمر في مخططها. وهذا يستدعي إعادة نظر في المنهج السياسي القائم في التعامل مع الإستعمار. لإنه منهج خاطئ، دفع الشعب الفلسطيني ثمنه غاليا. وهذا لا يعني التطرف والتطير. ولكن تملي الضرورة التغيير، وإستخدام كافة اشكال النضال وفق رؤية برنامجية وطنية؛ عاشرا تملي الضرورة طي صفحة الإنقلاب مرة وإلى الأبد، ومطاردة وتصفية كل قوة سياسية تعمل على تمزيق وحدة الشعب الفلسطيني، وتعميق خيار الوحدة الوطنية كرافعة للنضال الوطني؛ حادي عشر المطالبة بالحماية الدولية للشعب العربي الفلسطيني وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة ملاحقة القيادات الصهيونية في مختلف المحافل الأممية، وخاصة محكمة الجنايات الدولية، والعمل مع كل القوى المؤيدة للسلام لرفع مكانة فلسطين لدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة؛ ثاني عشر تعزيز الشراكة مع قوى وفصائل حركة التحرر الوطني العربية، وكذلك مع القوى الأممية بما في ذلك قوى السلام الإسرائيلية المؤيدة لإنعتاق الشعب الفلسطيني من وباء الإستعمار الإسرائيلي.

قد تكون هناك إجتهادات اخرى لعملية الضم، لكني أعتقد موضوعيا، ودون تطرف أو إنفعال ما تقدم هو قراءتي للوجه الآخر لعملية الضم وصفقة القرن. واية رهانات على إمكانية عودة إسرائيل، إو رهان بعض القوى الفلسطينية أو الإسرائيلية بإمكانية عودة القيادة الفلسطينية لمربع المراوحة والإنتظار، هي رهانات واهية وواهمة ولا ترى ابعد من ارنبة انفها.

كلمات دلالية

اخر الأخبار