في ذكرى تأسيسها .. السلطة تبتلع المنظمة

تابعنا على:   18:49 2020-06-01

خالد صادق

أمد/ ستة وخمسون عاما مرت على تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية, التي كانت تضم جل الفصائل الفلسطينية وتقود مسيرة الكفاح المسلح في وجه الاحتلال, تأسست المنظمة عام 1964م بعد انعقاد المؤتمر العربي الفلسطيني الأول في القدس نتيجة لقرار مؤتمر القمة العربي 1964 (القاهرة) لتمثيل الفلسطينيين في المحافل الدولية, وهي معترف بها في الأمم المتحدة والجامعة العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين. كان الهدف الرئيسي من إنشاء المنظمة، هو تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح. وفي عام 1974م تبنت المنظمة فكرة إنشاء دولة على جزء من ارض فلسطين حيث كان ذلك في البرنامج المرحلي للمجلس الوطني الفلسطيني، والذي عارضته بعض الفصائل الفلسطينية وقتها، حيث شكلت ما يعرف بجبهة الرفض. وفي عام 1988 تبنت منظمة التحرير رسميا خيار حل الدولتين في فلسطين التاريخية، وفي العام 1998م عدل الميثاق الوطني الفلسطيني والغيت غالبية بنوده حيث صادق المجلس الوطني الفلسطيني في اجتماعه الذي عقد في غزة بتاريخ 14/2/1998م على إلغاء مواد الميثاق الوطني الفلسطيني التي نصت على القضاء على دولة إسرائيل، وتعديل بعضها الآخر، والعيش جنبا لجنب مع «إسرائيل» في سلام شامل يضمن عودة اللاجئين واستقلال الفلسطينيين على الأراضي المحتلة عام 1967 وبتحديد القدس الشرقية عاصمة لهم. وفي عام 1993 قام رئيس اللجنة التنفيذية بمنظمة التحرير آنذاك الشهيد ياسر عرفات بالاعتراف رسميا «بإسرائيل»، في رسالة رسمية بعثها إلى رئيس الوزراء الصهيوني آنذاك إسحق رابين، في المقابل اعترفت «إسرائيل» بمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني. نتج عن ذلك تأسيس سلطة حكم ذاتي فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تُعتبر من نتائج اتفاق أوسلو.
السلطة الفلسطينية جاءت لتبتلع منظمة التحرير وتلتف على ما تبقى من ميثاقها الوطني, حيث تجاوزت السلطة كل الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء المنظمة, واصبحت تتعامل برؤية الفصيل الواحد, والذي يتبنى خيارا واحدا لا بديل عنه ينسجم مع رؤية رئيس السلطة الفلسطينية الذي هو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والذي يستطيع ان يكيف القرارات السياسة بما يخدم رؤيته الخاصة, وهو ما خلق فجوة بينه وبين بعض الفصائل المنضوية تحت لواء المنظمة مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين, والجبهة الديمقراطية وهما اكبر فصيلان في المنظمة بعد حركة فتح, فيما لا زال رئيس السلطة يتعنت في ضم حركتي حماس والجهاد الاسلامي الى المنظمة, رغم النداءات المتكررة من العديد من فصائل المنظمة للرئيس عباس بضرورة تمثيلهما في المنظمة لما يمثلانه من شعبية كبيرة على الساحة الفلسطينية, وقدما عظيم التضحيات دفاعا عن شعبهم وارضهم المغتصبة, ولهما تأثير واضح في توجيه الشارع الفلسطيني سياسيا, وقد تفوقت حركة حماس في الانتخابات التشريعية وحصدت غالبية المقاعد النيابية في المجلس الوطني الفلسطيني, وهذا دليل واضح على الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها حركتا حماس والجهاد الاسلامي في الشارع الفلسطيني, وما تمثله مواقفهما السياسية من تلك الثوابت التي يتبناها الشعب الفلسطيني ويجمع عليها, كخيار المقاومة الاستراتيجي بكل أشكاله واولها الكفاح المسلح, وحق تقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس, وحق العودة للاجئين الفلسطينيين والتمسك بما صدر في الميثاق الوطني الفلسطيني وصار هو البرنامج الاستراتيجي الشرعي الوحيد لنضال الشعب الفلسطيني لتحرير فلسطين كل فلسطين. وأن أي تعديل أو إلغاء لأية مادة في الميثاق الوطني الفلسطيني يحتاج إلى إجماع الشعب الفلسطيني وهو وحده صاحب الحق في ذلك. ولا يحق ذلك لأي كان، ومهما كانت صفته، دون الرجوع إلى الإجماع الفلسطيني.
السلطة الفلسطينية ابتلعت منظمة التحرير الفلسطينية التي نحتفل بذكرى تأسيسها التي توافق الثامن والعشرين من مايو ايار 1964م, وترفض السلطة اعادة هيكلة المنظمة وفق القواعد الجديدة والتي لا يمكن انكارها, فحماس والجهاد الاسلامي يجب ان يمثلا في المنظمة, ولهما كل الحق في المشاركة في القرار السياسي الفلسطيني, ولا يمكن للسلطة الفلسطينية ان تبقى متمترسة خلف قراراتها الرافضة لسياسة هذين الفصيلين الكبيرين, فالكفاح المسلح هو حق مشروع كفلته كافة القوانين والاعراف الدولية, ومسيرة التسوية فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي انجاز سياسي حقيقي لشعبنا, وقد آن الاوان لان تعيد السلطة التفكير في اعادة هيكلة المنظمة وفق قواعد جديدة يتم التوافق عليها فلسطينيا, وان تؤمن بحق الجميع في المشاركة في القرار السياسي الذي يعبر عن ارادة الشعب الفلسطيني, ويضمن سلوك الطريق الاصوب للوصول للأهداف.

اخر الأخبار