شروط نتنياهو العشرة تترنح...

تابعنا على:   09:26 2020-06-03

أمد/ كتب حسن عصفور/ متابعة لتطورات المشهد في الداخل الإسرائيلي، يمكن ملامسة أن هناك تغييرا جديدا يفرض ذاته، بعيدا عن الخطب الرنانة لرئيس الوزراء نتنياهو، ولم يعد ذلك من باب "التخمين السياسي" بل هو جزء من حركة تطورات تتم بسرعة، بلا إعلانات رسمية.

ويمكن ملامسة ذلك من خلال مقارنة المشهد مع مقابلة نتنياهو مع صحيفته الخاصة جدا، والتي هي أحد عناوين ملفات فساده، "إسرائيل اليوم" يوم 28 مايو 2020، حيث تحدث كمنتصر عام لا راد له، يفرض شروطه يمينا ويسارا، ومعتقدا ان الفلسطينيين، وبعض العربي لا يملكون من امرهم سوى رفع راية بيضاء بها خطوط زرقاء وسطها نجمة سداسية الرؤوس، شروط لن يعلنها سوى من يمتلك عناصر القوة المطلقة، أمام طرف لا حول له سوى الاستسلام العام، ويقبل بما هو خارج النص التاريخي.

شروط نتنياهو العشرة، يبدو انها أصابت البعض العربي قبل الفلسطيني بدرجة من الاستفزاز الذاتي، ومسا بكرامة دول تملك أوراقا لو انها حقا استخدمتها في طريق صوابها، لتحول حاكم إسرائيل المطلق الى مرتعش ومتوسل، فكانت مقابلته الاستخفافية عاملا مستفزا لإظهار بعض من رفض عربي إيجابي.

وفجأة، بدأ الإعلام العبري، عدا صحيفته الخاصة جدا، يفتح الباب واسعا لمعارضي خريطة الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة والأغوار وفقا لخريطة نتنياهو، فأخذ قادة أجهزة أمنية سابقين وكتاب وصحفيين وسياسيين من مختلف الاتجاهات، عدا اليمين الإرهابي، الذي يمثل كتلة نتنياهو الصلبة، يتحدثون عن الخطر الاستراتيجي الذي ينتظر إسرائيل لو انها قامت بذلك.

حتى أن نتنياهو تراجع كليا عما سبق أن قاله وصفا لخطة ترامب، بأنها الهدية الأهم في تاريخ إسرائيل، عندما التقى مع قادة التكتل الاستيطاني الإرهابي، وصل الأمر لرفضهم تلك الخطة، وهي المرة الأولى التي يخرج بها هؤلاء بمثل هذا الموقف.

بالتأكيد، ما وراء ذلك التراجع غير المنظم لنتنياهو، ليس انعكاسا لرد فعل شعبي ووطني فلسطيني، خاصة وأن الفعل الانتفاضي لم يكن حاضرا ابدا، ولم يحدث تغيير جوهري في المشهد بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، بل العكس بلا مقدمات قامت حكومة نتنياهو بتحويل المال دون خصم رواتب الشهداء والأسرى، التي كانت أحد مظاهر "الأزمة" طوال أشهر، فتم حلها بيسر غريب، ومبرر أغرب.

والسؤال، ما هي العناصر التي أربكت مسار تنفيذ الخطة الأمريكية وفقا للفهم الإسرائيلي، خاصة وأن شروط بيبي العشرة لم يمض عليها أيام عدة؟

من أبرز التطورات الأخيرة الحضور الروسي الفاعل في المنطقة وعودته كلاعب مركزي في أكثر من مكان، خاصة في سوريا وليبيا، وأثر ذلك على المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، مع تطورات عالم ما بعد كورونا، والحضور الصيني المتسارع، في ظل ارتباك العلاقة الأمريكية الأوروبية، وبروز ظاهرة الانفتاح الخليجي على روسيا والصين، وتحديدا في مجالي الاقتصاد والسلاح، ما كان يمثل "خط أحمر" لا يمكن تجاوزه، ولا تسمح به الولايات المتحدة.

الى جانب العامل الداخلي الإسرائيلي، وموقف الشريك الآخر في الحكومة، أزرق ابيض برئاسة وزير الجيش غانتس، الأقرب للموقف الأمريكي، وبدونه لا يمكن تنفيذ قرار الضم وفرض السيادة، سوى بفك التشكيل الحكومي والذهاب الى انتخابات جديدة، ومعها مسارعة محاكمة فساد نتنياهو التي بدأت عمليا، مع مخاطر خروج رد الفعل الفلسطيني عن "قطار السكينة" السياسية الراهن.

نعم، شروط نتنياهو العشرة تترنح وكثيرا، وصفقة "التسوية الممكنة" بين دولة فلسطين وفقا لخريطة الأمم المتحدة وخريطة ترامب بدأت انطلاقتها.

ملاحظة: يبدو أن قرار إسرائيل بتأخير ملايين الدولارات القطرية كانت سببا في غياب أي فعل حمساوي شعبي في الضفة بعد خطاب عباس... لكل فعل رد فعل، الصمت له ثمن والثمن في شنطة العمدة!

تنويه خاص: التلويح الإسرائيلي بمنع حركة الرئيس عباس ليس سوى "بعبعة"، فالرجل لن يغادر دون ضمانات مطلقة...عربية ودولية، لذلك التلويح بمنعه رسالة غبية ما لم يكن لها "غاية أخرى"!

اخر الأخبار