الحساينة: التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية تتطلب برنامجاً فصائلياً موحداً

تابعنا على:   14:25 2020-06-05

أمد/ غزة: دعا عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، د. يوسف الحساينة، القوى الوطنية والإسلامية إلى تبني إستراتيجيةٍ وطنيةٍ وبرنامجٍ فصائليٍ موحدٍ، أساسه مقاومة الكيان الإسرائيلي بكل الأشكال والأدوات والسُبل، ويكون هدفه الأساسي إنهاك جيش الاحتلال، وإشغاله، وفضح خططه، ومؤامراته، وذلك في سياق مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، والمتمثلة بتطبيق صفقة ترامب.

وشدَّد الحساينة في حوارٍ شامل مع "فلسطين اليوم" على أهمية وضرورة إطلاق يد "المقاومة الفلسطينية" بكافة أشكالها سواء "الشعبية أو العسكرية أو المدنية" في الضفة المحتلة، مع ضرورة وضع البرامج والخطط التي تعزز صمود شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، إلى جانب تحقيق الوحدة الوطنية، لمواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية.

وطالب القوى الوطنية والإسلامية للتداعي السريع والعاجل لإنجاز برنامج وطني أساسه الحفاظ على الحقوق الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي، لمواجهة صفقة ترامب والضم والتحديات القائمة"، مشدداً على أن شعبنا الفلسطيني وقواه الحية تمتلك الكثير من أوراق القوة المتعددة والمؤثرة، والتي يمكنها أن تواجه التحديات التي تعصف بالقضية حال تم استخدامها، مشيراً إلى أهمية أن تتوافر الإرادة السياسية للسلطة الفلسطينية.

مقاومة شاملة لمواجهة التحديات

وقال الحساينة: "المخاطر التي يوجهها شعبنا الفلسطينية حقيقة ومخاطر قائمة، وخطة نتنياهو - غانتس ماضية في تجاوز الحقوق الفلسطينية والتنكر لها، لذلك الحالة الفلسطينية تستدعي الاتفاق على برنامج يطلق العنان لطاقات شعبنا، ويستند على المقاومة بكافة اشكالها (شعبية، مسلحة، مدنية)، وتكون تلك المقاومة ملتحمة بعمقها العربي والإسلامي وأحرار العالم، بهذا نستطيع مواجهة الصفقة والمؤامرة، التي تتكاثر وتتناسل كوباء يحيط بنا وبقضيتنا من كلِ جانبٍ".

ودعا السلطة الفلسطينية لمغادرة نهج التسوية، وإنهاء مسار أوسلو مرة وإلى الأبد، مشدداً على أنَّ فرص نجاح خطة "صفقة القرن" والضم ستتلاشى وتسقط؛ إذا ما تحررت السلطة من قيود أوسلو التي جعلت من وظيفة السلطة الأساسية، هي وظيفة "أمنية بامتياز".

وأردف: "نستطيع تعطيل وإسقاط صفقة القرن، لكن هذا الأمر يحتاج منا كفلسطينيين إنهاء مسار أوسلو، ومغادرة نهج التسوية دون رجعة، حينها نستطيع أن نواجه التحديات والمؤامرات ونسقط صفقة ترامب".

مسارات تفاوضية عبثية.. الرهان الخاسر

وحذر الحساينة، من فتح مسارات تفاوضية جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي، أو المضي في طريق ونهج التسوية عبر صيغ جديدة، قائلاً: "للأسف هناك يراهن على فتح مسارات تفاوضية جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي عبر الرباعية الدولية، أو الرعاية الروسية، وهذا رهان ساذج، وسطحية سياسية، وفتح مسارات تفاوضية جديدة لن يحقق أي انجاز لشعبنا، والتجارب شاهد ودليل على تعثر مسيرة التسوية، وما سمي بالسلام وصل إلى طريق مسدود، ولا يعقل أنْ نجرب هذا المسار من جديد".

وأكد أنَّ مراهنة السلطة ومنظمة التحرير على محاولة العودة إلى المفاوضات أو إمكانية اختراق جبهة العدو الداخلية، ودفعه للتسوية مراهنة ضعيفة وغير قائمة وغير مجدية، مشيراً إلى أنَ المراهنة على قوى دولية بالقدرة على دفع الاحتلال لأن يجنح للسلام إمكانية ضعيفة للغاية.

العدو لا يعطي حقاً ولا يمنح أمناً

وتابع: كذلك الرهان على أنْ يتحرك العالم الظالم في ظل اختلال موازين القوى للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لنصرة شعبنا الفلسطيني غير واقعية، وهي فرضية غير منتجة"، مضيفاً: "العدو لا يمكن أن يعطي حقاً أو يمنح أمناً؛ ما لم يجبر على ذلك، والتجارب السابقة في المنطقة تؤكد أنَّ الاحتلال لا يعرف إلا لغة القوة، وهنا نستذكر انسحابه من جنوب لبنان عام 2000 تحت ضربات المقاومة، وانسحابه من غزة 2005 تحت ضربات المقاومة".

وأضاف: إن قرارات الضم التي تبنتها الحكومة الإسرائيلية الجديدة هي نتاج عملية انحياز وانزياح داخل المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين، وهي ولادة توافق يميني يميني للسيطرة على المستوطنات وضم الأغوار والتهويد ومصادرة الاراض في القدس، عنوانها وهدفها تطبيق صفقة القرن، وهي حالة إجماع إسرائيلي على الانقضاض على ما تبقى من الحقوق الفلسطينية".

وأشار إلى أن حكومة الضم الإسرائيلية تحاول جاهدة فرض أمر واقع جديد يتمثل في ضم الأغوار وبسط السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وتهويد المقدسات في القدس والخليل، إضافة إلى اقتلاع الوجود الإسرائيلي من منطقة حوض القدس".

ولفت إلى أنَّ مسألة الضم وتنفيذ صفقة القرن وبسط السيادة الإسرائيلية وتهويد المقدسات هو هدف معلن للحكومة الإسرائيلية، لافتاً إلى أنها تسعى لتحقيق صفقة ترامب وضم المستوطنات عبر النقاط التالية:

قرار وقف التنسيق بحاجة لتطبيق

وعن قرار رئيس السلطة محمود عباس في 19 مايو 2020 التحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي، علَّق الحساينة، قائلاً: "لا يمكن إطلاق مصطلح قرار على ما اتخذه الرئيس عباس حتى اللحظة، "أبو مازن" أعلن أنه في حلٍ من الاتفاقيات حال إقبال حكومة العدو الصهيوني على الضم وبسط السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، إذن شرط الرئيس عباس معلق ومشروط بإقدام إسرائيل على الضم، وقد ترك الباب موارباً للمفاوضات والتفاهمات وما شابه ذلك، لكن في المجمل هو إعلان إيجابي من قبل السلطة الفلسطينية، لكنْ هذه الإيجابية بحاجة إلى مزيد من الخطوات العملية، لجعل هذا الإعلان فاعلاً ومؤثراً على الأرض، وعلى رأس هذه الخطوات التي من المفترض أنْ تتبناها السلطة هي مغادرة نهج التسوية".

وذكر الحساينة، أنَّ المطلوب من رئيس السلطة محمود عباس ترجمة التصريحات والتهديدات ولغة الوعيد إلى أفعال تؤكد الأقوال، قائلاً: "إنَّ الخطر الذي يتهدد شعبنا وقضيتنا داهم وكبير، وما لم تجد تلك القرارات طريقها للتنفيذ ستقبى حبيسة منطق التلويح ومنطق التعويل على مسار العودة للمفاوضات".

وبيَّن أنَّ التجارب السابقة وتهديدات رئيس السلطة لم تغادر منطق القول إلى الفعل، مستذكراً قرارات وقف التنسيق الأمني وفك الارتباط الاقتصادي مع الكيان الإسرائيلي التي اتخذها عباس في المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية التي لم تنفذ ولم تجد لها طريقاً"، مشدداً على أهمية تطوير الأداء الفلسطيني، وتصويب المسار من جديد، مع ضرورة قطع العلاقة مع الاحتلال، الذي تنكر لكل الاتفاقيات والتعهدات السابقة التي وقعها مع منظمة التحرير.

وأضاف: "الشعب الفلسطيني والقوى الفلسطينية لديها أوراق قوة كبيرة ومتعددة ومؤثرة، وهي قادرة على مواجهة صفقة ترامب؛ إذا ما استخدمت هذه الأوراق ومقومات القوة"، مشيراً إلى أهمية أن تتوافر الإرادة السياسية الحقيقة للسلطة؛ للمضي قدماً في تنفيذ إعلان التحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية، وجعله واقعاً على الأرض".

وأبدى استغرابه من اشتراط الرئيس عباس تفعيل وتطبيق قرار التحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي عند ضم الاغوار والمستوطنات الإسرائيلي، قائلاً: "إسرائيل لن تتوانى عن خلق وقائع جديدة على الأرض سواء أجلتْ عملية الضم، لكن من الضروري أن يدرك الجميع أن العدوان مستمر والعنجهية الإسرائيلية مستمرة".

تصريحات "المالكي" عبث سياسي

وعن تلويح وزير الخارجية رياض المالكي العودة للمفاوضات مع إسرائيل، علَّق الحساينة، قائلا: "أداء السلطة تجاه التحديات لايزال متردد، وليس على قدر التحدي، وتصريحات المالكي الأخيرة واستعداه لفتح مسار مفاوضات مع الاحتلال لا تبشر بخير، وتدعو للقلق من أن المسألة عند المالكي وعند بعض من يتبنى وجهة نظر المالكي أشبه بالمناورة، ولا يفوتني هنا أنْ أرحب بالتصريحات بعض قيادات اللجنة المركزية لحركة فتح الإيجابية والوطنية التي دعت المالكي للعودة إلى بيته والكف عن هذه التصريحات العبثية".

خيارات المقاومة مفتوحة

وعن خيارات المقاومة الفلسطينية إزاء التصعيد الإسرائيلي، قال الحساينة: "إن الخيارات مفتوحة مع العدو، هذا عدو لا يؤمن جانبه، لاسيما في ظل الحكومة المتطرفة، وكما العادة يكون الدم الفلسطيني والحقوق الفلسطينية حاضرة على طاولة تلك الحكومات التي تريد وتعمل لإخضاع الشعب الفلسطيني وهي سياسة ثابتة عند كل الحكومات الإسرائيلية"، مضيفاً: "دورنا نحن كفلسطينيون أن نبقى متأهبين ومتيقظين، ولدينا استعداد وجهوزية عالية لردع العدو الصهيوني؛ وفي حال فكر العدو في الإقدام على أي جريمة تجاه شعبنا أو تطبيق التهديدات الإسرائيلية المتعلقة بالضم وهي في واقعها تهديدات حقيقة سيواجه بقوة من قبل شعبنا".

وتابع: "علينا أن نتسلح بموقف فلسطيني واحد والاتفاق على برنامج نضالي واحد لمواجهة تلك التحديات، ومن واجبنا أن نتوحد وأن نحشد كل قوانا وقوتنا وراء برنامج نضالي حقيقي يقطع الطريق على هذا الاحتلال، ويضع الاحتلال في مأزق وراء مأزق، وينهك ويحرج الاحتلال ميدانياً ودولياً ومحلياً".

الجهاد الإسلامي ومساعي المصالحة

وعن دور الجهاد الإسلامي في تقريب وجهات النظر بين قطبي الانقسام الفلسطيني في ظل التحديات القائمة، قال: "منذ بداية الانقسام تسعى حركة الجهاد الإسلامي لإنهاء هذه الحالة، كون الانقسام حالة غير طبيعية وغير صحية لشعب يعيش تحت الاحتلال، نحن نقول ونرى أن أوسلو هو الذي أوصل شعبنا إلى هذا الانقسام وانشأ سلطة وظيفتها أمنية بامتياز، واوصل شعبنا إلى هذا الطريق، المطلوب اليوم للخروج من هذا التيه إعادة الاعتبار للمشروع الوطني برمته من خلال إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطيني؛ بما يضمن مشاركة حماس والجهاد الإسلامي وقوى المقاومة في هذه المنظمة على قاعدة الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية".

المقاومة لديها الجرأة في الرد على العدو

وفيما يتعلق بإدخال المواد الخاصة بعلاج ومكافحة فيروس كورونا المستجد، أكد الحساينة أنَّ الاحتلال الإسرائيلي يلعب على المتناقضات وعلى مسألة الوقت، محاولًا ابتزاز شعبنا في قوته وصحته وأمنه وجميع الأصعدة.

وأضاف: إن الاحتلال يحاول ابتزاز المقاومة، لكن المقاومة واعية ولديها الجرأة والقدرة والجاهزية للرد على العدو الإسرائيلي حال أقدم على خطوات قد تؤدي إلى نزف شعبنا وموت أطفالنا.

الأسرى على موعد مع الحرية.. "أليس الصبح بقريب"

وبالحديث عن صفقة تبادل الأسرى أوضح د. الحساينة، أن العدو الصهيوني يحاول أن يفرض بعض الشروط على المقاومة الفلسطينية فيما يخص صفقة الأسرى، مشدداً على أنَّ الاحتلال يناور في محاولة لتحسين شروط الوصول إلى صفقة، لافتًا إلى أن المقاومة راكمت الخبرة الكافية في هذا الملف لأن تضمن الخروج بأفضل النتائج، قائلاً :"المقاومة لن تعطي أي معلومة مجانية لإسرائيل ما لم يدفع في مقابلها".

وأكد أن المقاومة الفلسطينية واعيةٌ ومتبصرة وعلى دراية تامة بألاعيب نتنياهو والعدو الصهيوني، وجاهزة لتقديم كل ما يلزم لإتمام عملية تبادل مشرفة تضمن الإفراج عن أسرانا البواسل دون تمييز، وتحقيق أفضل النتائج في المفاوضات مع الاحتلال.

ووجه د. الحساينة رسالة للأسرى في سجون الاحتلال قائلًا: "أنتم من تنسجون خيوط حريتنا، وأنتم الأبطال الذين تمثلون عنوان وكرامة الفلسطيني أينما وجد، وما النصر إلا صبر ساعةٍ، ونسأل الله التوفيق للمقاومة لتحقيق صفقة تبادل مشرفة، يتحرر بها أكبر عدد ممكن منكم، فأنتم من ضحيتم بزهرات حياتكم من أجل شعبكم وقضيته".

عنصرية أمريكية ووحشية إسرائيلية

وفي الملف الأمريكي والاحتجاجات المتواصل بعد قتل مواطن أسود، أشار الحساينة إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية تحاول أن تروج للعالم نموذج ليبرالي يقوم على أساس احترام حقوق الإنسان، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة سقطت منذ زمنٍ طويل، عندما أيدت بلا حدود الكيان الإسرائيلي المتسلح بكل أسلحة التنمر والتوحش، الذي ارتكب ويرتكب المجازر بحق شعبنا الفلسطيني والعزل الفلسطينيين على مدار الوقت، ويلقى دعم غير محدود وغير متناهي من تلك الإدارات.

وأكد أن المنظومة السياسية التي تتبناها الولايات المتحدة سقطت في اختبار حقوق الإنسان نتيجة الازدواجية، قائلاً: "الإدارة الأمريكية لا تسعى لتحقيق حقوق الإنسان إلا في خدمة أجندتها السياسية وابتزاز الدول الأخرى، وتمارس العنصرية بأبشع صورها، وتزرع البغض والكراهية والتمييز العنصري بين البيض والسود".

اخر الأخبار