التوقيت الصّحيح .. لإسدال السّتار على عصر أوسلو القبيح

تابعنا على:   08:11 2020-06-12

د. أحمد محيسن

أمد/ كيف يمكن أن يكون الموقف الأروروبي من سياسة الضّمّ للأراضي الفلسطينيّة في الضّفّة الغربيّة المحتلّة وأراضي غور الأردن ..؟!

إنّ موقف الإتحاد الأوروبي ما زال يؤكّد على التّمسّك "بحلّ الدّولتين" عن طريق التّفاوض .. وموقف برلين وباريس تحديداً .. هو موقف شديد الوضوح في هذا الشأن .. ولكن السؤال الّذي يطرح نفسه هو .. هل تتصدّى أوروبا فعليّاً لهذه السّياسة .. باتّخاذ إجراءات ملموسة ضدّ دولة الإحتلال .. في حال أقدمت دولة الإحتلال على تنفيذ ما أعلنته من ضمّ للأراضي في الضّفّة المحتلّة وأراضي غور الأردن وهي تمثّل ما قيمته 30 ــ 40 % من مساحة أراضي الضّفّة المحتلّة ..؟!

وهل هناك مشروعاً للإتّحاد الأوروبي يوقف خطّة وصفقة القرن الأمريكيّة استناداً للقرارات الدّوليّة ..؟!

وهل يملك الإتّحاد الأوروبي الأدوات والقدرة والإرادة السّياسية  للوقوف في وجه السّياسة الأمريكيّة ..؟!

هل يمكن للإتّحاد الأوروبي أن يفرض عقوبات على دولة الإحتلال .. إقتصاديّة .. سياسيّة وغيرها ..؟!

وهل يمكن أن يُقدِم الإتّحاد الأوروبي على الإعتراف بدولة فلسطين ..؟!

أسئلة تبقى برسم متابعة المشهد وبرسم الإجابة من الإتّحاد الأوروبي في حال أقدمت دولة الإحتلال على ضمّ أراضي غور الأردن وأراضي من الضّفّة المحتلّة ..

لقد زار وزير الخارجيّة الألماني يوم الأربعاء الموافق 10/06/2020 .. السّيّد هايكو ماس دولة الإحتلال بهذا الشأن .. وقد أعرب عن قلق ألمانيا الشّديد حيال ضمّ أراضي غور الأردن وأجزاء من أراضي الضّفّة الغربيّة المحتلّة .. وصرّح بذلك أمام الصّحفيّين بعد لقائه مع غابي أشكينازي وزير الخارجيّة لدولة الإحتلال .. مبرّراً رفضه ذلك بالقول بأنّ الضّمّ لن يتوافق مع القانون الدّولي .. ويشارك ألمانيا هذا الرّأي شركائها من الدّول الأوروبيّة .. حيث ستتولّى ألمانيا اعتباراً من الأوّل من تمّوز/ يوليو المقبل رئاسة الإتّحاد الأوروبي .. ويتزامن ذلك مع الموعد الّذي حدّدته حكومة نتنياهو .. البدء بضمّ أراضي غور الأردن وأراضي في الضّفّة الغربيّة .. وستجد ألمانيا نفسها مُجبَرة على إجابة لهذا الإعتداء الّذي يتناقض مع سياساتهم وقوانينهم وما يعلنونه بخصوص حلّ الدّولتين ..

لقد كان موقف دولة الإحتلال واضحاً للسّيّد وزير الخارجيّة الألماني هايكو ماس .. حيث قال وزير الخارجيّة لحكومة نتنياهو بأنّ دولة الإحتلال ماضية في تطبيق الضّمّ .. ويستندون بذلك على التّنسيق مع الولايات المتّحدة الأمريكيّة .. الّتي أطلقت صفقة القرن وتنصّ بنودها على ذلك .. ومن المُلفِت للنّظر بأنّ وزير الخارجيّة الألماني السّيّد هايكو ماس .. لم يلتقي بالمسؤولين الفلسطينيّين في مقرّ السّلطة الفلسطينيّة في رام الله .. وعلّلوا ذلك بمحاذير جائحة الفيروس كورونا .. وسيجري الوزير الألماني محادثات مع محمد اشتية عبر تطبيق الفيديو كونفرنس أثناء تواجده في الأردن .. حيث سيزورها مباشرة بعد مغادرته دولة الإحتلال ..

نعتقد بأنّ ألمانيا والإتّحاد الأوروبي ‏يعبّرون عن ذلك القلق بوضوح .. حيث أنّ سياسة الضّمّ تعني تهديدا وجوديّاً للأردن .. الّذي يُقيم علاقات طيّبة مع الاتّحاد الأوروبي ويُعَدّ من الحلفاء .. ومن هذا المنطلق تأتي الزّيارة للأردن لأهميّتها ولتوضيح الموقف ..

‏وتقديرنا لموقف وزير الخارجيّة الألماني بعدم زيارته للمقاطعة في رام الله بأنّه موقف غير مقبول .. وكان يجب على القيادة الفلسطينيّة أن تكون واضحة بعدم قبولها هذا التّصرّف ..  سيّما وأن الشّأن أيضاً شأناً فلسطينياً .. ‏والإعتداء وهو إعتداء على أراضي فلسطينية .. ولم نسمع تعقيباً ولا اعتراضاً ولا تذمّراً من القيادة الفلسطينيّة على مثل هذه الخطوة .. ‏حيث أنّها خطوة تُقاس في العُرف السّياسي والدّبلوماسي كصفعة وكإهانة للقيادة الفلسطينيّة من المُفتَرض عدم قبولها والرّدّ عليها ..

إنّ ضعف القيادة الفلسطينيّة بادائها وفعلها وتخبّطها وضبابيّتها وتوهانها السّياسي .. هو ما أوصلها إلى هذه المحطّة .. حيث أصبح يتمّ تجاوزها من ساسة العالم في مثل هذه الظّروف الحرجة وعدم احترامها وإدارة الظّهر لها .. والشّأن  شأن فلسطيني .. والمصير مصير فلسطيني .. ‏والأراضي أراضي فلسطينية .. ‏والمتضرر والمعتدي عليه هو الشعب الفلسطيني..

إنّ من أهم عوامل ضعف هذه القيادة الّتي يُدركها  العالم‏ تماماً .. إضافة لفسادها هي فقدان هذه القيادة الحاليّة الى شرعيّة شعبيّة فلسطينيّة .. كلّ القيادة وبكلّ مكوّناتها لا شرعيّة لها .. ‏وما زالت كلّ الحكومات الّتي تعاقبت وصولاً إلى حكومة محمد اشتية .. تُعتَبر أمام العالم وأمام  شعبنا هي حكومات تصريف أعمال .. حيث لم يُصادِق على تكوينها المجلس التّشريعي الفلسطيني لتُصبح شرعيّة .. وذلك حسب الدّستور والنّظام الفلسطيني الأساسي .. الّذي حلّه وشطبه محمود عباس بجرّة قلم .. وداس صوت وإرادة الشّعب بدكتاتوريّة لم تُمارس حتى في الكونغو.. 

‏رحم الله الشّهيد القائد أبو عمار .. الّذي كان بطائرته يجوب عواصم العالم .. وهو يحشد الدّول والحكومات والبرلمانات والسّاسة .. شارحاً هموم شعبنا ومعاناته .. من أجل نُصرة القضيّة وشعبنا والوقوف في وجه الإحتلال ..

‏ولكي يطمئن شعبنا ويصدّقكم .. فإنّ القيادة الفلسطينيّة الحاليّة مُطالَبة اليوم بالأفعال والتّحرك على الأرض في وجه سياسة الضّمّ وصفقة القرن .. لا يريد شعبنا سماع اسطوانات مشروخة ..

‏كفاكم انتظاراً ومتابعةً  وشجباً وعويلاً لممارسات عدوان دولة الإحتلال .. وكفاكم مناكفة وإيذاءً لشعبكم .. وصفقة القرن قد أُطلِقت فعليّاً منذ زمن طويل .. وتعلمون مضامين بنودها علم اليقين .. دون التّحرّك فعليّاً لوقف النّزيف والتّصدّي لها .. 

ولكي يقبض شعبنا كلامكم .. ‏فلا بدّ من الجهر بسحب  الإعتراف  بدولة الإحتلال على رؤوس الأشهاد .. وإلغاء اتفاقيّة أوسلو علانية .. ‏ووقف التّنسيق الأمني ليرى شعبنا آثار ذلك .. وعليكم تبييض السّجون في أريحا وغيرها .. وإطلاق الحرّيّات ويد مقاومة شعبنا للتّصدي للإحتلال .. وعليكم حل سلطة أوسلو ومكوّناتها .. وهذا مُمكناً ومُتاحاً ولا نقبل التّذرّع بأسباب واهية .. وهي السّلطة الّتي انجبتها أوسلو وأنجبت أباطرتها .. والعودة لصيغة منظّمة التّحرير الفلسطينيّة .. الّتي يجب أن يتمّ إنقاذها وتحريرها وإحياء مؤسّساتها ودوائرها وإعادة تشكيلها وديمقرطتها وانتخاب قيادتها لتضمّ الجميع .. وتتصدّر المشاهد وتقوم بكلّ الوظائف .. ولا أسف على سلطة أوسلو الّتي جلبت لشعبنا الذّلّ والمهانة والعار .. ولا بدّ أيضاً من إجراء انتخابات فلسطينيّة حيثما كان وأمكن وفي كل مكان .. ‏حتى يتمكّن شعبنا من اختيار قيادته بطرق ديمقراطيّة حقيقيّة .. وضخّ دماء جديدة شابّة في مؤسّساته .. فقد شِختم وعجزتم ويعطيكم العافية وقدّمتم ما قدّمتموه .. وكما يقال بالمثل الشّعبي .." سوّيتم ما عليكم " ..

اخر الأخبار