من الأرض مقابل السلام الى التطبيع مقابل الضم!

تابعنا على:   09:40 2020-06-15

أمد/ كتب حسن عصفور/ في 30 أغسطس 1982 نجحت إسرائيل فرض مطلبها بخروج القيادة الفلسطينية والخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات من بيروت، بعد حرب تدميرية خاضتها الثورة بالتحالف مع الحركة الوطنية اللبنانية وسط صمت عربي فريد، بل ان البعض منهم تواطئ مع وزير حرب الكيان شارون لتحقيق حلم الخلاص من قيادة الثورة والخالد أبو عمار والخروج.

وبعد يوم من ذلك التاريخ، في الأول من سبتمبر 1982، سارع الرئيس الأمريكي دونالد ريغان بعرض مشروعه الخاص بإقامة "حكم ذاتي موسع" للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة مرتبط كونفدراليا مع الأردن، وفق معادلة "الأرض مقابل السلام"، عرض حاول أن يقدم دولة إسرائيل كأنها "الضحية السياسية" للصراع في المنطقة، متجاهلا جوهر القضية القائم على الاغتصاب ثم الاحتلال.

مشروع ريغان، كان من بين أهدافه تقديم مشروع سياسي على أنقاض الثورة ومنظمة التحرير بعد حرب بيروت وخروج القيادة الى تونس، معتقدا ان مرحلة جدية بدأت بانتهاء المشروع الوطني في إقامة دولة فلسطينية على الأرض المحتلة، وحصار الموقف العالمي المتنامي لصالحها.

وتلاحقت المشاريع الأمريكية لتخدم ذات الهدف، إنهاء فكرة "الدولة الفلسطينية" ومنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد، وحصر الهدف في "حكم ذاتي" وتمثيل قاصر لممثلي السكان المحليين، وقد كررت أمريكا مشروع ريغان بعد الانتفاضة الوطنية الكبرى ديسم 1987 وحرب الخليج 1991، من خلال جورج بوش الأب بتطوير مستحدث عبر عقد مؤتمر دولي للسلام قائم على مرتكزين:

*الأول: مفاوضات ثنائية يشارك بها الفلسطينيون عبر ممثلين من سكان الضفة وقطاع غزة، دون منظمة التحرير والقدس وضمن وفد أردني مشترك، يكون العمل به وفق مسارين.

*الثاني: مفاوضات متعدد الأطراف، جوهرها تهيئة المناج للتطبيع الكامل بين الدول العربية وإسرائيل.

ووافقت الأطراف الرئيسية، سوريا والأردن ومنظمة التحرير بعد تعديلات هامة في مسألة التمثيل والمسار.

وكانت المفاجأة السياسية لأمريكا واليمين الإسرائيلي التوراتي، وبعض الدول العربية، اعلان اتفاق المبادئ في أوسلو 1993، بين منظمة التحرير وإسرائيل، أدى لاعتراف متبادل بينهما، ليكسر خرافة التمثيل البديل التي بدأت تلوح بعد تشكيل حركة حماس من جماعة الإخوان المسلمين فبراير 1988، واعتراف إسرائيل لأول مرة بأن "الضفة الغربية وقطاع غزة" هي أرض فلسطينية ولايتها لمنظمة التحرير التي تمثلها السلطة الفلسطينية.

مفاجأة أدت لتشكيل تحالف واسع محلي وعربي ودولي لإسقاط الاتفاق، واعادة الحل السياسي وفقا لجوهر المشاريع الأمريكية "أرض مقابل سلام في إطار حكم ذاتي خال من منظمة التحرير، وبدأت حماس بتنفيذ الجزء الخاص بها محليا عبر عمليات عسكرية داخل إسرائيل، تمت برعاية عربية وتواطئ من جهات أمنية إسرائيلية، ثم اغتيال اسحق رابين الذي وقع مع ياسر عرفات، ولتبدأ رحلة سيطرة اليمين التوراتي الذي عمل بكل السبل من 1996 حتى تاريخه لإلغاء جوهر الولاية الفلسطينية والممثل الفلسطيني.

بعد قمة كمب ديفيد 2000، تكشفت ابعاد المؤامرة المركبة لمخطط الخلاص من الزعيم الخالد ياسر عرفات والمشروع الوطني الفلسطيني، من خلال اتجاهين، عسكري تدميري لكل مؤسسات السلطة وحصار أبو عمار لينتهي الأمر باغتياله، كما سبق اغتيال رابين، وتهيئة المناخ للبديل القادم عبر مرحلة انتقالية، ومسار سياسي بدأ خلال حصار الخالد في يونيو 2002 فيما يعرف برؤية جورج بوش الابن "حل الدولتين" مشترطا ذلك بالخلاص من ياسر عرفات وقيادة جديدة تتوافق مع رؤيته الجديدة.

وكانت قمة بيروت عرضت المبادرة العربية في مارس 2002، ومنع الرئيس الخالد أبو عمار من حضورها، مباشر أو غير مباشر كرسالة أولية بموافقة رسمية عربية لما سيكون من طلب أمريكي الخلاص من الشهيد المؤسس لأول كيانية فوق أرض فلسطين، مبادر عرضت "السلام مقابل التطبيع". كتعديل على مسار المبادرات الأمريكية، الى ان وصل الأمر الى صفقة ترامب التي تجسد جوهريا المشروع التوراتي اليهودي.

ويمكن ملاحظة ان غالبية ما عرض "مبادرات" تنتقص من الهدف الوطني والممثل الوطني، لكن حدث تطور في الآونة الأخيرة، بان هناك توجها رسميا عربيا باستبدال الحل الشامل على قاعدة دولة فلسطينية وفقا لقرار الأمم المتحدة 2012 والمبادرة العربية للسلام الى "التطبيع مقابل السلام" أو ما يشاع الى عدم الضم مقابل التطبيع.

بدون أي مواربة فذلك ليس سوى تقزيم لجوهر المشروع الوطني الفلسطيني واختزاله بمسألة الضم التي هي جزء من مشروع احتلالي شامل، وبالتأكيد دولة الاحتلال يمكنها التلاعب تماما بمسألة الضم، وتستبدل الضم العام بضم جزئي، لتربح اعترافا بمشروعها التهويدي قبل الاعتراف بمشروعها السيادي.

جوهر الضم يقوم على بعدين، التوراتي الخاص في الضفة الغربية بما يعادل ضم أراضي من الضفة والقدس بحدود 10 – 15 %، كجزء من التوراتية السياسية والفكرية، مع فرض السيادة على المنطقة بما فيها الأغوار.

لذلك، اختزال جوهر الصراع بمسألة "الضم" يخدم تماما المشروع الإسرائيلي، الذي استبدل المبادرة العربية وقرار دولة فلسطين كشرط للسلام الى عدم الضم مقابل التطبيع.

قبل فوات الآوان، يجب التحرك لوقف هذا المسار الانحرافي عن مسار تحقيق السلام العادل لإقامة دول فلسطين لتصبح حقيقة سياسية، وليس اختزالها في كيانية فلسطينية مشوهة وتحت السيادة الإسرائيلية، وذلك يتطلب التزام عربي جديد لما تم الالتزام به دون "اجتهادات ضارة، من خلال حركة رسمية فلسطينية حقيقية وليس حراكا مصابا بمرض البلادة.

ملاحظة: يبدو أن الشاباك حصل على ما يريد، فوافق على ادخال أموال قطرية الى حركة حماس..هيك تصبح الأغنية الجديدة لأنصار حماس "خاوة خاوة خاوة..تسقط الثورة وتعيش الثروة"!

تنويه خاص: لا يوجد أي مبرر لأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات عقد لقاء صحفي في القدس الغربية، سقطة سياسية بغلاف مهني...مطلوب اعتذار رسمي على تلك السقطة والانتباه أن خطوات الانحدار الصغيرة بداية المسار.

اخر الأخبار