وطنيتي زائـفة

تابعنا على:   15:00 2020-06-18

مراد مصطفى أبو غولة

أمد/ مع مرور الوقت تبين لي أني أحتاج دروساً في الوطنية, فقد اكتشفت أن وطنيتي زائفة,فاليوم قد اختلفت معايير الوطنية, فالوطنية المعاصرة تستسقى من وسائل التواصل الاجتماعي, فالوطنية الفيسبوكية هي الوطنية السائدة والرائجة, وطنية سهلة وبمتناول الجميع, كل ما عليك هو أن تعد فنجاناً من القهوة وتجلس أمام جهازك لتعطي الشعب دروساً في الوطنية من خلف الشاشة , ضمن حالة شعورية بالعظمة والصوابية والعطاء والتضحية.
هذه الوطنية المعاصرة التي تحددها قدرة الفرد على ممارسة فن التنظير أو الكذب أو إطلاق الشعارات, يمكن أن نطلق عليها وطنية الوجبات السريعة أيضاً.
حين كنت أسمع كلمة مناضل أو فدائي يتبادر إلى ذهني أسير قد قضى عمره خلف القضبان, يتبادر إلى ذهني تلك الأسماء التي خلدتها الذاكرة الفلسطينية, هذه الذاكرة لم تخلو من الشعراء والكتاب, العمال والفلاحين , المهندسين والأطباء الذي كان منهم الأسير والجريح والشهيد, حين كنت أسمع فدائي كنت أتخيل حياة الثائر المبعد أو المطارد , أو حياة المقاتل الذي لم تسلط عليه الأضواء ليكن نجم وطنية الفيسبوك.
هذه الوطنية المُكلفة والتي لا يستطيع الكثير أن يدفع ثمنها , فبدأ يحل مكانها وطنية سهلة وغير مكلفة, وطنية الصور في المناسبات العامة, أو أخذ الصور مع المسؤولين والقيادات , وطنية الإعلام واللقاءات الصحافية, وطنية التسحيج والنفاق والكذب, هذه الوطنيات لا تحتاج إلى رأس مال كبير والأدوات بسيطة وبإمكان الجميع الحصول عليها فهي عبارة عن :
- خط انترنت
- جوال أو لابتوب
- كاميرا جيدة للتصوير ( بالإمكان الاستغناء عنها في حال كانت كاميرا الجوال جيدة)
- قدرة على الكتابة (بامكانك الحصول على دورة)
- اختيار الشخصيات التي تود التقرب منها ويمكنها أن تفتح لك الأبواب
- اختيار المواضيع والعناوين التي تدغدغ مشاعر الناس
لم يكن هذا المقال من باب الهزل بل العكس, لقد كنت جاداً في كل كلمة, ففي هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية, إذا استمر تصدر هؤلاء الوطنيون المزيفون للمشهد الوطني والسياسي وبقي المناضلين والشرفاء في الخطوط الخلفية, فعلى الوطن السلام.

هذا بيانٌ للناس ولكل شخص حريته في ممارسة الوطنية التي يعتقد, أما عن نفسي لا أدعي أني وطني بالمفهوم القديم مع أني أتمنى ذلك, ففي هذا الوقت الذي اختلطت في الوطنية بالدين بالتجارة بالمصالح والأموال أكتفي بالمحاولة أن أكون مواطن صالح, ولكني لن أكون وطني فيسبوكي في أي وقت من الأوقات , لهم دينهم ولي دين.

اخر الأخبار