مستوطنة ترامب.. هدية من لا يملك لمن لا يستحق

تابعنا على:   11:30 2020-06-23

د. خالد رمضان عبد اللطيف

أمد/ في سابقة هي الأولى من نوعها، ووسط غياب تام لأي دور للقوانين والأعراف الدولية، بدأت الحكومة الإسرائيلية إجراءاتها العملية لإنشاء مستوطنة جديدة تحمل اسم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الجولان السوري المحتل بميزانية قدرها 8 ملايين شيكل (2.31 مليون دولار)، تقديرا له على قراره الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان التي احتلها الصهاينة بعد حرب 1967. 
تؤكد فكرة إطلاق اسم سيد البيت الأبيض على إحدي المستوطنات الإسرائيلية، أن الولايات المتحدة باتت شريكاً فعلياً في احتلال الأراضي العربية، في مخالفة صريحة لا لبس فيها للقانون الدولي والإجماع العالمي بتجريم إقامة المستوطنات في الأراضي التي احتلت بالقوة، فضلاً عن أنها تعبر صراحة عن أن إدارة ترامب، لا تصلح كغيرها من الإدارات الأمريكية السابقة، لأن تكون وسيطاً نزيهاً لحل النزاع المستفحل؛ باعتبارها حليفاً مسانداً للاحتلال في سرقة الأراضي.
تعد المستوطنة التي تتبع إداريًا مجلس الجولان الإقليمي، ويتطلب استكمالها ميزانية إجمالية تقدر بنحو 20 مليون شيكل، بمثابة مكافأة معنوية مهمة قبيل الانتخابات الأمريكية المقبلة، مقدمة من لص الأراضي بنيامين نتنياهو إلى صديقه راعي البقر الأمريكي، وتستهدف في المجمل خلق أوضاع جديدة في مرتفعات الجولان، مما يحول دون التنازل عنها، وتغيير معالمها وزرع اليهود فيها، وبالإضافة لذلك، فإن لمستوطنات الجولان المحتلة دوراً عسكرياً أيضاً، حيث تشكل جزءاً من نظام الدفاع الإقليمي الإسرائيلي في الشمال، الذي أنشئ وفق استراتيجية تقوم على إشراك المستوطنات في الخطة العسكرية في حالتي الدفاع والهجوم.
فوق الأرض السورية المحتلة، تقبع أكثر من 30 مستوطنة إسرائيلية يعيش بها 20 ألف مستوطن، وحوالي 20 ألف سوري أغلبهم من طائفة الدروز، وتحظى مرتفعات الجولان بأهمية استراتيجية كبرى، إذ تبعد عن العاصمة السورية دمشق بنحو 50 كيلومترا، وكانت المدفعية السورية تدك منها شمال إسرائيل بين عامي 1948 و1967، وقد منح جبل الشيخ الواقع قرب خط الهدنة والبالغ ارتفاعه 2800 متراً إسرائيل موقعاً استراتيجياً لمراقبة التحركات السورية.
تشكل الطبيعة الجغرافية لمرتفعات الجولان حاجزاً طبيعيا ضد أي تحرك عسكري سوري، كما تعد المنطقة مصدرا مهما للمياه فأمطار مرتفعات الجولان تغذي نهر الأردن، وهي تمد إسرائيل بثلث احتياجاتها من المياه، وتعتبر أراضيها من أخصب الأراضي وتنتشر بها أشجار التفاح وكروم العنب، وتضم المنتجع الوحيد للتزحلق على الجليد الذي تستخدمه إسرائيل.
مستفيدة من حالة الضعف التي تعانيها الأمة العربية والإسلامية، تقوم إسرائيل بتسريع مشاريع الاستيطان والمصادرة، والتي كان آخرها قيام سلطات الاحتلال بمصادرة ما يزيد عن 4500 دونم من الأراضي الزراعية لأهالي الجولان لبناء مزيد من المرواح الهوائية الضخمة التي تمد المستوطنات الإسرائيلية بالطاقة الكهربائية، كما تعمل على استنزاف ثرواته المائية والتنقيب عن النفط في استغلال جائر وبشع لثروات الجولان وتدمير مقدراته والتضييق على أهله بهدف تهجيرهم في نهاية المطاف.

اخر الأخبار