ما جاء في المؤتمر الصحفي المشترك للرجوب والعاروري خطوة في الاتجاه الصحيح.. ولكن هل يكمن الشيطان في التفاصيل؟؟

تابعنا على:   07:55 2020-07-10

عليان عليان

أمد/ أكرر كما كرر غيري من المحللين والمراقبين ، بأن المؤتمر الصحفي المشترك بين أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، وصالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة ح م اس- في إطار خدمة الفيديو كونفرنس- في الثاني من شهر يوليو- تموز الجاري ، كان خطوة في الاتجاه الصحيح ، لا سيما وأن الطرفين أعلنا بصريح العبارة ، أنهما قررا تجميد خلافاتهما والتفرغ معاً ومع بقية فصائل المقاومة، لمواجهة قرار الضم الإسرائيلي، لمنطقة الغور وشمال البحر الميت، وللكتل الاستيطانية الكبرى الواقعة في المنطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الأمنية والإدارية وفق اتفاق ( أوسلو 2) المذل.
وهذه الخطوة من طرفي الانقسام ، لم تكن مفاجئة ، بل سبقها -كما أكد الرجوب - اتصالات وحوار هادئ بين الطرفين أوصلهما – حسب وصف الرجوب- إلى هذه المرحلة الخلاقة التي يتوجب البناء عليها مع فصائل العمل الوطني ، في مواجهة صفقة القرن وأحد أبرز عناصرها ( قرار الضم) ، وبتنا نسمع غزلاً سياسياً من نوع : أن حركة حماس تثمن موقف الرئيس أبو مازن الصلب في مواجهة قرار الضم ، "وأن حركة فتح تثمن توجه حماس للعمل الوطني المشترك في مواجهة صفقة القرن وقرار الضم" ، "وأن حركة حماس شريك لحركة فتح وجزء أصيل من الشعب الفلسطيني".... ومن ثم غابت المفردات السابقة التي تعج بكيل الاتهامات والقدح والتجريح .
خطوة في الاتجاه الصحيح ...ولكن هنالك أسئلة برسم الإجابة؟؟
نعم خطوة بالاتجاه الصحيح ، ولكن التلميح الذي اقترب من التصريح في مفردات كل من العاروري والرجوب، حول إمكانية إنجاز استراتيجية مشتركة، لمواجهة قرار الضم سواءً كان كلياً أم جزئياً ، يستدعي أسئلةً برسم الإجابة لكل من حركتي فتح وحماس ، على النحو التالي:
السؤال الأول : هل حركة فتح موحدة في موقفها هذا، حيال هذا التوجه المشترك مع حماس ، وهل حركة حماس بالمقابل موحدة في موقفها هذا ، حيال التوجه المشترك مع حركة فتح ، لا سيما وأن في داخل الطرفين قيادات وكوادر تظهر غير ما تبطن ، وقد تعمل على وضع عصي في دواليب العمل المشترك بينهما.
السؤال الثاني : هل ستعطي حركة حماس الأولوية لقرارها الوطني بعيداً عن الارتهان لتحالفاتها ومرجعياتها ، وهل ستقلب السلطة الفلسطينية – بوصفها حزب فتح – ظهر المجن للنظام العربي الرسمي ومفاصله الخليجية ، ومحاولاته ثني السلطة عن تصعيد موقفها في حال تراجعت حكومة العدو عن الضم الكلي ، والاكتفاء مؤقتاً بالضم الجزئي ( المصغر) الذي لا يقل خطورةً عن الضم الكلي.
السؤال الثالث : متعلق بسؤال الآليات ، التي تتطلبها استراتيجية النضال المشترك ضد قرار الضم ، فحركة حماس تؤكد باستمرار على ضرورة المزاوجة بين المقاومة المسلحة والفعل الانتفاضي ، بينما حركة فتح أعلنت على لسان أكثر من مسؤول فيها ، بأنها ترفض الكفاح المسلح ، وترفض العودة بالمطلق لمربع العنف ، وترى في ذلك كله مساساً جوهريا ما أسمته " بالقانون العام" ، ووصلت الأمور ب حسين الشيخ – عضو لجنة فتح المركزية- أن يهدد باعتقال كل من يباشر عملاً عسكرياً مقاوماً في الضفة الغربية ، وأن يبلغ حكومة العدو عن أية عملية فدائية قبل وقوعها في مناطق 1948 ، في حال علمت أجهزة أمن السلطة بها .
السؤال الرابع: هل ستلغي أو تفرمل حركة فتح -من خلال دورها المركزي في السلطة الفلسطينية -التنسيق الأمني غير المباشر مع الاحتلال ، وهل تلغي جوهر اتفاق أوسلو ممثلاً باعتراف منظمة التحرير بإسرائيل وبحقها في الوجود ، بعد أن أعلن الرئيس عباس نظرياً وقف التنسيق الأمني ووقف العمل باتفاقات أوسلو... وهل تتوقف حركة حماس عن تكتيكاتها في قطاع غزة القائلة " بإبرام هدنة طويلة الأمد " مع الكيان الصهيوني .
السؤال الخامس والجوهري الموجه لقيادة فتح والسلطة ، هل ستغادر مربع المفاوضات والتسوية ، أم لا زالت تراهن عليهما بين الحين والآخر ؟ ما يستدعي التعرف على جوهر الورقة ، التي تقدمت بها قيادة السلطة للجنة الرباعية الدولية ، غداة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الصيغة النهائية لصفقة القرن في 28 يناير- كانون ثاني الماضي.
المتطلبات الاستراتيجية لمواجهة صفقة القرن وقرار الضم الصهيوني
وأعتقد أن بناء استراتيجية محددة لمواجهة صفقة القرن، وقرار الضم الإسرائيلي يحتاج إلى ما يلي :
أولاً : الإجابة على الأسئلة سابقة الذكر في السياق الإيجابي ، من زاوية مغادرة نهج التسوية والمفاوضات، والقطع بشكل نهائي مع ما تسمى " مبادرة السلام العربية"- التي استثمرها النظام العربي الرسمي للولوج في التطبيع المذل مع الكيان الصهيوني - والتركيز على نهج المقاومة بكل أشكالها، ومغادرة المراهنة على هدنة متوسطة أو طويلة الأمد ، بوساطة مصرية أو قطرية ، ومغادرة نهج التنسيق الأمني ، وعدم رهن القرار الفلسطيني سواءً بالنسبة لسلطة رام الله أو سلطة غزة ،لقوى رجعية عربية كانت إسلامية... كل ذلك يشكل مدخلاً أولياً لبناء الاستراتيجية سالفة الذكر.
ثانياً : ولاستكمال هذا المدخل الأولي ، لا بد من إنجاز المصالحة على أرضية ما تقدم من متطلبات ، وليس على أرضية المحاصصة الفصائلية ، وبعيداً عن عقلية الهيمنة ، لا سيما وأن هنالك سلسلة اتفاقات للمصالحة ( اتفاق القاهرة 2011، اتفاق الدوحة 2012 ، اتفاق مخيم الشاطئ بقطاع غزة 2014 ،واتفاق القاهرة ( 10-11) تشرين أول/ أكتوبر 2017 .
ثالثاً : التأكيد على مسألة استراتيجية ،لا يجوز القفز عنها أو إخضاعها للجدل ، بأن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته الوطنية والاجتماعية ، كان ولا يزال يعيش مرحلة التحرر الوطني وما تستدعيه هذه المرحلة من مهام ، على الصعيدين التكتيكي والاستراتيجي.
رابعاً : إعادة الاعتبار لطرح المرجعية القيادية المؤقتة، التي يلتئم في إطارها الأمناء العامون للفصائل المكونة لمنظمة التحرير، والفصائل الوطنية الإسلامية ، وأن تكون هذه المرجعية هي الآلية المطلوبة لبناء الاستراتيجية سالفة الذكر ، بحيث لا ينحصر بنائها في حركتي فتح وحماس ، وعلى قاعدة " شركاء في الدم وشركاء في القرار" ، وأن تكون هذه المرجعية هي الخيمة التي تلتئم فيها كافة فصائل العمل الوطني، لبحث سبل إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية وديمقراطية.

اخر الأخبار