بين ضم وتباعد تكتمل المعضلة: يسقط الاحتلال وننتصر على الكورونا

تابعنا على:   13:09 2020-07-15

نادية حرحش

أمد/ الكورونا كشفت كل ما هو مستور. بل أكثر.. فضحت ولم تعد تكترث.

كما يحصل معي مؤخرا، أفكر بجدوى الكتابة، واعود ادراجي لأقول لنفسي، لا يمكن التوقف لأنه حتى ولو لم يكن هناك أي امل بإصلاح، فترك المجال لهذه العبثية هو اعلان لفوزهم علينا. هو اعلان استسلام للفوضى والفساد والظلم. ويبدو ان حالنا كفلسطينيين لن يتغير، فإمّا كُتِب علينا أم كتبناه نحن على أنفسنا.

في تاريخ الشعوب تمر الناس بأزمات، تنتهي من ازمة او كارثة او مصيبة لتدخل في ازمة ومصيبة وكارثة جديدة. اما عندنا، فالكوارث والأزمات والمصائب تتوطن.
صار هذا الوطن مليئا بكل ما هو ليس وطنا. مصائب بحجم وطن، إنجازات بحجم وطن، اشخاص بحجم وطن. لم يعد للوطن مكان بهذا الوطن.

كان القول لكل عاقل منذ أوسلو، انه لا يمكن بناء سيادة بينما الاحتلال لا يزال قائما. وها نحن نعيش لحظة مصيرية أنهت فيه أوسلو حلم الوطن بقضية أرض نحررها، وأدخلتنا بمرحلة ينتهي بها الشعب الفلسطيني ويتفتت ويتقسم ويتناحر، كما تفتت الأرض وتقسمت وبيعت واحتلت.

منذ تفشي الكورونا وكأن الخراب الذي كنا نتستر تحته مقنعين أنفسنا انه أعمدة بنيان دولة تكشّف وتتطاير كذر الرماد في الحطام. تكشّفت حقيقة فجّة وصعبة في سباق المتسابقين على الرئاسة المحتملة او المرتقبة. حرائق مشتعلة بكل ارجاء الوطن والصراع الخفي والعلني في تسابق السلطة تدور رحاه في حمي وطيس. واستخدام الشعب حتى اخر فرد منه هو شعار المرحلة. الكورونا علاقة جديدة نعلق فيها فشلنا وفسادنا وانهيار كل ما تبقى من منظومات كانت تشكل ما كنا عليه. او ما كنا نظن أنفسنا عليه من قيم وسعي نحو بناء وطن.

ملحمة الضباع في انتظار موت الملك الأسد حتى تنقض على الأخضر واليابس في غابة بائسة يحميها اسد كهل عجوز.
عندما جاءت السلطة مع أوسلو، كنت شابة احمل على صدري خارطة فلسطين. اذكر دمعة شقت طريقها من عيني وتوقفت على امل انّ من يأتي من بعيد قادم ليُحرّر.
رفعنا العلم وتخلّينا عن الأرض تدريجيا.

وتربعنا على المناصب وتمسكنا بالوزارات والمؤسسات والبنوك وصار الوطن فيلا وسيارة وبيارة وحسابات بنوك.
وغلبت المصالح على مصلحة الوطن. وصار الارتزاق على الوطن هو الرزق.

تمسّكنا بالشعارات الكبيرة ورضينا بفتات لم يبق ارضا ولا سيادة ولا كرامة.
تركنا المقاومة وزرعنا التفاح واصرنا نستورد الزيتون.
وزحف الجماهير والتجمهر بمناطق السلطة الامنة هو اكبر فعل تحرري يمكن تقديمه من كبار الوطن.

السلاح يرفعه الفلسطيني ضد الفلسطيني. ويقتنيه ليعربد ويوسع نفوذه على حارته وحيه ومدينته.
المساجد تصدح من اجل انقسام او تصدي لحق امرأة يخيفهم ان ترفع رأسها وتشتكي، فتخرج عن سرب العشيرة والقبيلة وجبروت الرجل المتحكم بحياتها وموتها.

الوطن صار لكل من له سلطان يشتري رجالا ويستأجر عتادا ويبسط سلطانه باسم العشيرة والتنظيم والبلطجة.
قبل أوسلو كنا شعبا يسعى الى تحرير ارض
واليوم بعد أوسلو صرنا افرادا لا تعرف من هو الشعب.
شعب صامت افراده خائفون مرتعبون يائسون محبطون…
شعب هائج افراده مرتزقة، متسلقون، منتظرون فرصة بسلطة تعيد بناء نفسها من خراب قائم.

شعب يحتفل حتى الصرع بمفرقعات تكلف الملايين بوقت تشحذ الحكومة عليه بفتح صناديق تبرعات.
مفرقعات بعشرات الملايين تفرقع بساعات، بينما ينتظر الافراد من المساكين طرود غذاء.
كل يعيش فرحته كلما سنحت الفرصة له… لأن الفرحة لم تعد الا املا لا يعرف المرء اذا ما أُتيحت له فرصته من جديد.

كل يحاول ان يحمي نفسه من خطر محتدم متربص قادم….
خطر لم يعد الاحتلال فيه الا خيمة، تهد حبالها او تشدها على حسب متطلبات الحطام الحاصل.
والكورونا لا تشكل الا سحابة صيف لا يأبه لخطورتها احد.
فالوعي غاب عندما تغيب المنطق عنا.
وعندما صارت الدحية هي رقصة تراثنا وكلماتها مصدر فخرنا….

عندما تمركز وعينا بشعارات متحدث ووعود حكومة حملناهم على اكتافنا وحملناهم مغبة تغييب وعينا، وحولت وعودهم الى وعودات.
احتلال لم يعد بحاجة للتربص لنا، لأننا ننهي على بعضنا ونتلاحم ونتقاتل ونتصارع على ما صار وطنا لنا: بيتنا، ارضنا، مصف سيارتنا. نحاول ان نحمي أنفسنا من خطر ينتظر خارج ما نظنه اماننا، وإذا ما نجينا من عربدتهم وسطوتهم وخرابهم، ينتظرنا احتلال يوجهنا بلا مقاومة. فلم يعد بنا ما نقاوم به ومن اجله وعليه.
ضم الأراضي ام اعلان تسريبات بيع تحصل على مدار السنوات؟

حماية الأقصى من دخولهم من بوابات بينما يهرولون يوميا من بوابات وجسور أخرى.
قبور تنتهك وتسرق على مرأى العين… وحاميها حراميها. وويل لمن يفتح فمه او يعترض او يشكي..
فالشكوى للاحتلال خيانة!
والتنسيق مقدس.
يصدرون صكوك الوطنية بينما يبيعون الوطن بالمتر وصاروا يبيعون بالمواطنين..

كنا مشاريع اعتقال وشهادة، وصرنا مشاريع اغتيالات وسحل وتكميم وقمع وترهيب.
نريد خلافة وننتظر تحرير اردوغان كما صلاح الدين.
ونسينا ان هذه الأرض فتحها عمر بن الخطاب وصنع من السلام والتآخي وسماحة الإسلام عبرة للتاريخ.
في وقت يفرقنا ويقسمنا ويقتلنا الانقسام الحزبي الفصائلي والعشائري، كأننا نحتاج الى انقسام ديني.
ثم نستمر بالصراخ لا للضم…
فليسقط الاحتلال…
كيف يسقط الاحتلال ولقد بقي العمود الوحيد الذي نتعلق عليه وسط حريق يشتعل تحتنا…

اخر الأخبار