نميمة البلد: في أتون معركة كورونا

تابعنا على:   23:00 2020-07-17

جهاد حرب

أمد/ عندما تصم أصوات قذائف المدافع وأزيز الطائرات ووقع الانفجارات آذان الناس يلوذون بالصمت وتتطهر القلوب خوفا من الموت وطلبا للرحمة؛ ففي المعارك والحروب يتوحد الناس للدفاع عن المجموع الذاتي خوفا على الحياة والبلاد، وتوقف المماحكات والالاعيب والدسائس المرتبطة بالتناقضات الثانوية مقابل التناقض الرئيسي وإن كان مرحليا. وفي المعركة التي يخوضها الفلسطينيون في مواجهة فايروس كوفيد -19 "كورونا" تتطلب من الجميع التوحد ليس فقط خوفا على الحياة لكل واحد منا بل هلعا على الاحباب الذين لا نرغب أن يفارقونا أو نفارقهم.

هذا الوقت لا يحتمل تصدير الاتهامات من الحكومة واتباعها أو من النخب الثقافية والمواطنين على تحمل المسؤولية عن تفشي الوباء في البلاد. لدي الكثير ما أقوله في مواجهة الحكومة؛ مثل غالب الناس الذين يشعرون أنهم ضحايا الالتزام الحديدي بالقرارات الصحية للحكومة في هذه الازمة، وفي إدارتها للازمة والاختلالات البنيوية في تركيبتها وسياساتها، وفي عوزها للحصافة. وبالمقابل في تحمل المواطنين للمسؤولية عن هذا الانتشار الواسع في طول البلاد وعرضها باللامبالاة والاستهتار والسير في أمور الحياة كأنه لا يجد وباء، وكأن الناس لا يخافون على أحبابهم أمهاتهم وآبائهم وأبنائهم وبناتهم وعائلاتهم.       

اليوم لم تعد المَلامة "الملاومة" ممكنة أو بالأحرى لم تعد تفيد أحدا؛ فالجميع بنفس السفينة التي تقترب من الغرق وتحتاج إلى من يساعد على النجاة بإغلاق الثقب وتدبر الحال، لا أن نلوم بعضنا عن المسؤولية في إحداث هذا الثقب. هذا الامر يدعو الجميع للتوحد في عملية المواجهة كلٌ من مكانه ومسؤولياته دون تداخل أو تدخل وبالقدر الممكن من الحرص والمسؤولية الوطنية لحفظ الأرواح والتقليل من الخسائر.

وفي أتون هذه الجائحة ينبغي أن نبقي الحرص على أرواح جنود "الفدائيون" الجيوش المتقدمين في الخنادق والمتاريس في مواجهة الفايروس؛ منتسبو الجيش الأبيض من أطباء وممرضين وفنيين في وزارة الصحة وجهاز الرعاية الصحية في البلاد، ومنتسبو الأجهزة الأمنية المنتشرون في البلاد قابضين على جمر قيض الصيف وبرد الشتاء وقضم الصقيع. ومنتسبو لجان الطوارئ في القرى والمخيمات واحياء المدن المتطوعون الحريصون على الأرواح والساهرون على الراحة.

في ظني المسائل لا تخلو من الأخطاء والتجاوزات والمنغصات هنا وهناك خلال المعركة لكن المسائل تقاس بنتائجها أو بخواتيمها. فيما تحديد المسؤوليات عن الأخطاء والهنات تتطلب عملية تقييم بعد انقشاع غبار "معركة الكورونا" وليس في أتونها.

اخر الأخبار