حرب "العفريت" تتحرك في ثنايا لبنان وفلسطين

تابعنا على:   13:34 2020-08-07

د. طلال الشريف

أمد/ أتركو سبب الإنفجار في ميناء بيروت أياً كانت الأسباب، الأوضاع في لبنان كانت على شفير الهاوية ما قبل الإنفجار، المعلم أخذ لبنان وفلسطين صفقة واحدة، أو بلغة العمال الكابلان أخذ لبنان وفلسطين مقاولة واحدة.
كانت الأوضاع متفجرة ما قبل وباء الكورونا بالمظاهرات ضد الفقر وتراجع الخدمات وفساد السياسيين في كل الموزاييك اللبناني حين لخصها اللبنانيون في شعار " كلن يعني كلن".

التركيبة اللبنانية منذ البدء كانت طائفية ورضي من رضي بالتقسيم السابق لوثيقة الطائف التي نتجت بعد سنوات طويله من الحرب الأهلية، التي استمرت عقدين، في حينها كانت التركيبة مختلفة النفوذ الداخلي والخارجي، وبقيت تلك التركيبة ولكن بمرور الوقت تغيرت عناصر القوة على الأرض حين خرجت منظمة التحرير كقوة مهمة من لبنان، واستمر التيار المسيحي بكل تلاوينه واختلافاته فيما منح سابقا من ثقل في الخارطة السياسية على الأرض، وظهرت وتطورت القوى الشيعية خاصة حزب الله الذي مكنته ايران من بسط نفوذه على كل الخارطة السياسية في لينان، وتمكنوا أكثر بعد حسم موقف الحزب في الحرب الأهلية والخارجية على سوريا واكتسب ثقة الرسمية السورية لأنه قاتل إلى جانبهم ولم يستطع المشتركون في الحرب على سوريا داخليا وخارجيا من إسقاط الرئيس بشار الأسد، ومن يستعيد التاريخ فإن بلاد الشام ومنذ سايكس بيكو وتقسيمها والضربات المتلاحقة والإقتطاع من أراضيها والمستهدفة تاريخيا من جارتها تركيا التي إستولت على لواء الإسكندرونا، وقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين والتى هي أصلاً جزءاً من بلاد الشام، وإمتدت الصراعات والحروب على هذه المنطقة وتفتيتها ومازالت عملية التفتيت مستمرة إلى الآن، تهدأ فترة وتنطلق من جديد حتى تم تخريب الظهير العراقي البعثي أيضاً وباتت بلاد الشام والعراق لقمة سائغة لكل الطامعين جغرافيا وأيديولوجيا وبعد إستتباب الحال لدولة إسرائيل، كانت الوصفة الأخطر هي حرب الظوائف التي إندلعت بإحتلال العراق وتسليم الحكم للشيعة في العراق، ومن هنا بدأت إيران تمد نفوذها بعد أن وقفت مع سوريا العلمانية أصلاً أو البعثية القومية وحين وقفت ايران وحزب الله الشيعيتين مساندة لسوريا انتقلت إلى الصراع الطائفي السني الشيعي في بلاد الشام وامتد بعد ذلك النفوذ إلى اليمن لإستعادة الحكم الشيعي السابق لثورة السلال التي أطاحت بحكم الإمام البدر الشيعي أو ما عرف لاحقاً بالحوثيين الشيعة ولازالت تتصاعد قوتهم في اليمن وضرباتهم للسعودية السنية أو مركز السنة في العالم العربي ولازالت الحرب متواصلة في اليمن ولم تنته بعد وأصبح نفوذ الحوثيين كبيرا حين إجتاحوا الدولة اليمنية بانتشارهم في كل مفاصل الدولة اليمنية، وواكبه إجتياح حزب الله الشيعي لكل مفاصل الدولة اللبنانية قبل سنوات مظهراً قوة لا تقارن بقوى الطائفية اللبنانية الأخرى من سنة ومسيحيين ودروز، وتغيرت التحالفات كثيرا تحت رعب تصاعد قوة حزب الله في لبنان.

الآن ومنذ مظاهرات الجوع والفساد في لبنان التي كانت فقط الإمكانية الوحيدة لزعزعة نفوذ حزب الله هناك، كانت الإحتجاجات تتصاعد وتخفو إلى أن توقفت مؤقتا بفعل وباء كورونا، ولكن النار كانت تحت الرماد، وتداخلات دول كثيرة خارجية في الشأن اللبناني كان مؤشر خطر على الإستقرار، زاده الفقر والفساد من الجميع، ما حرك الشعب اللبناني ومطالبه الخدماتية وارتفاع نسب البطالة، ولكن كانت هناك مواقف خلفية تدفع في اتجاه الفوضى هادفة من ذلك إستعادة أدوارها التي صادرها حزب الله بقوته المسلحة الفائقة على الأرض، وأصبحت الصورة واضحة بأن الجميع في جانب مجابه لحزب الله بإستثناء ميشيل عون قبل وبعد الرئاسة وحتى الآن، وهذا الجميع يعني هو في مواجهة نفوذ إيران وسوريا في لبنان الذين يقفون خلف، ويدعمون ويسلحون حزب الله.
السنة أيضا لاقوا دعما من السنة العرب وباقي المسلمون السنة مثل السعودية ودخلت تركيا على الخط متأخرة، وهذه فرنسا تعود للعب دور الدعم وحماية المسيحيين، وتطرح نظاما جديدا حسب الرئيس ماكرون،.
اللاعب الأقوى مازالت إسرائيل في المنطقة وتريد أيضا تشكيل الخريطة اللبنانية من جديد بما هو في صالحها وعلى رأسها إضعاف حزب الله الذي يهدد أمن إسرائيل.

الفلسطينيون في مخيمات لبنان أصبحوا الحلقة الأضعف كما قلنا بعد خروج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان.

وباتت الصورة هكذا من جديد، قوة ونفوذ كبير لحزب الله وايران وسوريا وحركة أمل من الجانب الشيعي، وقوة ونفوذ للإحزاب والقوى المسيحية من جانب وتعود فرنسا لتلعب دورها القديم الداعم والحامي لللمسيحيين، وقوى اسلامية سنية لها قوتها أيضا مع الحريري والدروز من جانب آخر.

إذاً ثلاثة محاور في لبنان على وشك الدخول في حرب أهلية أو كما أسميتها في فلسطين "حرب العفريت" أي الحرب الداخلية الأهلية بتحريك ومساعدة خارجية، لكن في فلسطين العامل الخارجي هو إسرائيل فقط التي لا تسمح لنفوذ خارجي آخر باللعب في ساحتها، لأنها تعتبر الضفة الغربية وقطاع غزة هي مشكلة داخلية إسرائيلية، ولذلك هي من ستقوم بدور العفريت في اندلاع الفوضى في الصفة الغربية وفي قطاع غزة حال توفر الظرف المناسب وهو على الأرجح غياب الرئيس عباس بالوفاة الطبيعية أو اندلاع العنف لخلافته وهو مؤشر ليس بعيدا، فقد رصد ترامب لتلك الحرب أي حرب العفريت في فلسطين مدة أربع سنوات ليأتي بعدها الفلسطينيون صاغرين للموافقة على دولة ترامب.

على ما يبدو أن صفقة ترامب ليس بعيدة عن الإوضاع في لبنان ومطلوب أيضا الخلاص من قضية المخيمات الفلسطينية ونفوذ وقوة حزب الله خلال الأربع سنوات القادمة لإنشاء دولة ترامب في فلسطين، ولكن في لبنان لفعل ذلك لابد من إندلاع صراع مسلح لإنتاج لبنان جديد دون حزب الله والفلسطينيين، واقول الفلسطينيون هنا لأن كل اللبنانيين لا يوافقون على بقاء الفلسطينيين في لبنان لإعتبارات أهمها أو على رأسها هو أن بقاء الفلسطينيون وهم سنة بالمناسية يخل بالتركيبة الطائفية هناك لو تم توطينهم، وهذا ينقلنا لمخاطر الحرب الأهلية التي قد تندلع سريعا في لبنان بتفجير سياسي قادم أو بإغتيال لسياسيين، وليس تفجير عرضي إهمالي. وهذا غالباُ المتوقع.

الخطر سيكون على الفلسطينيين كبيرا في حال حدثت الحرب الأهلية اللبنانية من جديد وليس لديهم حماية كما كان في الحرب الأهلية الأولى.

بالنتيجة لبنان ذاهب إلى حرب أهلية لتقليل نفوذ حزب الله والخلاص من الفلسطينين، واعادة تشكيل الخارطة السياسية في لبنان وتطبيق صفقة ترامب.

كل التداخلات الخارجية في لبنان هي عناصر توتير ومشاركة في التحضير والدفع نحو الحرب القادمة بدءا من ايران سوريا اسرائيل السعودية تركيا وفرنسا، ودول أخرى لا تظهر في الصورة الآن، لكن سنجد لها دورا في الحرب القادمة. وكل له مآرب.

اخر الأخبار