محمود درويش شاعر الكلمات والمجاز في ذكراه

تابعنا على:   17:17 2020-08-09

ناهض زقوت

أمد/ محمود درويش في الذكرى الثانية عشرة لرحيلك، ما زلت في موتك .. كما في حياتك شاغل الدنيا، فأنت متنبي العصر الحديث.
الموت يغيب الانسان عن المشهد والذاكرة، ولكنك ما زلت المشهد والذاكرة، كأنك لم تغب .. ولم ترحل .. ما زلت منتصبا كأشجار النخيل هناك أعلى التل ترقب الجموع القادمة للسلام والتحية.
لم يستطيعوا أن يخروجك من الصورة، فأنت الصورة والبرواز، كأنهم قرأوك في حضرة الغياب: "وأخرجوك من الحقل، أما ظلك، فلم يتبعك ولم يخدعك، فقد تسمر هناك وتحجر، ثم اخضر كنبتة سمسم خضراء في النهار، وفي الليل زرقاء.
مهما نأيت ستدنو، ومهما قتلت ستحيا، فلا تظنن أنك ميت هناك، وأنك حي هنا، فلا شيء يثبت هذا وذاك إلا المجاز، المجاز الذي درب الكائنات على لعبة الكلمات".
يا سيد المجاز والكلمات هل أصبحت ما تريد؟ هل استليت من العدم وجودك، وتحولت طائر فينيق، كلما احترق يبعث من الرماد طائرا جديدا. نعم ما زلت كرمة الشعراء الحالمون يعتصرونك ليشربوا نبيذ كلماتك، فأنت كنت وستكون صانع الفضاء اللامتناهي لمجد القصيدة، وعنوان الرسالة.
لا تعتذر عما فعلت، ولن نقبل الاعتذار ممن رسم خارطة فلسطين شعرا، ورسم ملامح المكان أرضا وشعبا، فلم يكن المكان خطيئتك، بل كان جدك فلاحا لا يعرف غير حرث الارض بالمحراث، وكنت نسل هذا الفلاح، ومات ابوك وهو ما زال حارسا للارض، وقد أورثوك حراسة المحراث، فقمت شامخا بصوت الارض راية شعب تضيء الطريق لهم بعد أن ازداد الظلام حولهم.
انهض يا سيد الكلمات، فما زال المكان غارقا في الغياب، والشعب سائرا في الظلام، والبوصلة تاهت مؤشراتها، مرة تؤشر على الشمال، وأخرى في الوسط، وثالثة على الجنوب، وشعبك ما زال يبحث عن دولة، ولم يصدق ما تنبأت به عندما كانت الخرائط منشورة:

اخر الأخبار