قراءة في البيان الختامي لإجتماع رام الله وبيروت

تابعنا على:   19:21 2020-09-04

نضال ابو شمالة

أمد/  إستقبل أبناء الشعب الفلسطيني البيان لإجتماع الأمناء العامون وكأن على رؤوسهم الطير  وربما سيحتاجون لعلاج كرب ما بعد الصدمة إذ جاء البيان الختامي لإجتماع القيادات الفلسطينية مخيباً لآمال وطموحات الشعب الفلسطيني فالبيان جاء ضعيفاً وفضفاضاً ولا يرقَ  لمعالجة الحالة الفلسطينية المزرية أو يمكن التعويل عليه  في الخروج من حالة التيه التي تعيشها القضية الفلسطينية ، وخلافاً للمجاملات والتحيات  لم نستمع خلال الإجتماع لخطاب وحدوي وإن ما سمعناه  يأتي في إطار نسخة عن الخطابات القديمة المكررة التي أكل عليها الزمان وشرب منذ العام 2005 وحتى مؤتمر الرجوب العاروري  الأخير مع العلم أن رام الله وبيرت ليست أطهر من مكة وإتفاق فتح حماس فيها في فبراير 2007 .

لم نسمع خلال الإجتماع الا مواقف العناد الحزبية المعروفة والمعلنة مسبقاً والتي هي في الحقيقة أسباب الإنقسام وإستمراره وسبباً مباشراً  في تراجع القضية الفلسطينية والسبب المباشر للصلف الإسرائيلي تجاه سرقة أراضي الضفة الغربية وخنق غزة بحصار ظالم منذ 27/3/2006  أي منذ تكليف الحكومة العاشرة برئاسة السيد إسماعيل هنية قبل أربعة عشر عاماً بقرار رئاسي  صادر عن الرئيس محمود عباس .

  لا جديد في موقف الرئيس أبو مازن ولا موقف حركة حماس الذي عبر عنه السيد  إسماعيل هنية ، وكذلك الحال في موقف حركة الجهاد الإسلامي الثابت منذ تفاهمات اوسلو 93 والذي عبر عنه السيد زياد النخالة  حيث اعاد تأكيد  ما أكده سابقاً الدكتور   رمضان عبدالله شلح رحمه الله ، لكن الجديد في الخطاب هو ما ذكره السيد الرئيس أبو مازن و الخاص بإستحداث مصطلح ( التطبيع المنحرف ) وكأن هناك  أنواع للتطبيع  منها  ما هو إيجابي ومنها ما هو منحرف سلبي وأن  درجة الإنحراف تقاس  بحسب خصومة أوخلافات هنا أو هناك  أو يقاس الانحراف بحسب الولاء الاقليمي والعربي والتكويت التكتيكي البعيد عن  أي إستراتيجيات.

 أظهر المؤتمر إصطفافاً و سخطاً على دولة الإمارات العربية الشقيقة، ولم يأتِ على ذكر مساندة الإمارات ووقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني على مر التاريخ في الوقت الذي أظهر فيه الإجتماع والمتحدثون  إنحيازاً  بدرجة كببرة وواضحة  لمعسكر قطر و تركيا ، وهنا يبرز  السؤال التالي : هل  تستطيع قطر وتركيا الداعمتين  لفصائل المقاومة وتجمعهما علاقة طيبة مع الرئيس أبو مازن واللتان تربطهما أيضاً علاقات دبلوماسية ومميزة  مع إسرائيل  هل تسطيعان فعلاً جسر الهوة  في ما سمعناه من متناقضات في التصريحات  والمواقف؟ أو بمعنى أدق  هل تستطيع قطر وتركيا إقناع حماس بالمقاومة الشعبية السلمية كما يريدها الرئيس أبو مازن ؟ أو هل تستطيع قطر وتركيا إقناع أبو مازن بسحب إعتراف منظمة التحرير بإسرائيل والتحرر من سطوة اوسلو كما تريدانها حركي حماس و الجهاد الاسلامي ؟  أو هل من الممكن أن يقبل الرئيس أبو مازن  بالمقاومة الشعبية الخشنة  والمسلحة وإطلاق العنان في الضفة الغربية لكتائب القسام وسرايا القدس  من تنفيذ عمليات مسلحة ضد الجيش الإسرائيلي؟ لا نريد إستباق الأحداث وسندع قابل الأيام هي من تجيب على هذه التساؤلات.

 لم نستمع من الرئيس أبو مازن  لأي مبادرة جادة و عملية  على طريق إنهاء الإنقسام و التي يجب أن تبدأ برفع العقوبات الظالمة عن  غزة  وتوفير العيش الكريم لأهلها  ، وكذلك لم نستمع لأي مطالبة من السيد هنية  برفع تلك العقوبات وكأنها لا تعنيه لأنها في الأساس أضرت بحركة فتح وأبنائها  وقواعدها الجماهيرية ولم تنل شيئاً من حركة حماس وأنصارها .... كانت الليلة عيون الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج شاخصة باتجاه رام الله وبيروت  ولكن ما سمعناه كان مخيبا للآمال ولا يلبِ الحد الأدني من تطلعات  وطموحات الشعب الفلسطيني على الاقل في قطاع غزة .

الشيء الذي يمكن إستشرافه من إجتماع رام الله بيروت فقط هو توسيع  قُطر دائرة الانقسام  الفلسطيني وتمدده ليصبح إنقسام عربي إقليمي له ما بعده من إنعكاسات خطيرة على القضية الفلسطينية، وأن إسرائيل ستضبط حساباتها في ضوء ما ستحرزه اللجان المنبثقة عن الاجتماع والبيان الختامي.

اخر الأخبار