تقرير: لماذا فرضت أمريكا عقوبات على الوزيرين اللبنانيين السابقين خليل و فنيانوس؟

تابعنا على:   21:33 2020-09-09

أمد/ واشنطن- وكالات: أعلنت وزارة الخزانة الأميركية يوم الثلاثاء، فرض عقوبات على الوزيرين اللبنانيين السابقين علي حسن خليل، ويوسف فنيانوس.

وفرضت العقوبات على الوزيرين بسبب ضلوعهما في عمليات فساد، وتعاونهما مع حزب الله، الذي تصنفه واشنطن منظمة إرهابية.

ويعتبر الوزير السابق، علي حسن خليل، مقربا جدا من رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل، نبيه بري، فيما يعد فنيانوس أحد المقربين من، سليمان فرنجية، زعيم تيار المردة.

والمردة وأمل من أبرز حلفاء ميليشيات حزب الله المرتبطة بالنظام الإيراني.

وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشن، في بيان إن الفساد متفش في لبنان، و"حزب الله استغل النظام السياسي لنشر نفوذه الخبيث".

وأكد منوتشن أن "الولايات المتحدة تقف إلى جانب شعب لبنان في دعواته للإصلاح"، وستواصل واشنطن "استهداف من يقمعون ويستغلون الشعب اللبناني".

من جانبها، قالت وزارة الخارجية الأميركية "إن الانفجار الذي وقع في أغسطس في مرفأ بيروت هو أحدث دليل مأساوي على النظام السياسي اللبناني المختل، والذي مكّن أيضاً جماعة إرهابية من جعل حكم البلاد رهينة أجندتها الخاصة".

وأضافت في بيان صحفي، أن الوزيرين السابقين خليل وفنيانوس وجها أثناء توليهما مناصب في الوزارات اللبنانية السابقة "مزايا سياسية واقتصادية إلى حزب الله، بما في ذلك ضمان فوز الشركات المملوكة للحزب بعقود حكومية بملايين الدولارات ونقل الأموال من الوزارات الحكومية إلى المؤسسات المرتبطة بحزب الله".

ولفت بيان الخارجية إلى أن حزب الله يعتمد "على النظام السياسي اللبناني الفاسد من أجل البقاء"، مشددا على أن "أي شخص يساعد في تعزيز مصالح حزب الله السياسية أو الاقتصادية يزيد من تآكل ما تبقى من الحكم الفعال وتسهيل تمويل الإرهاب".

وختم البيان بأن "الشعب اللبناني يستحق الأفضل" وأن "الولايات المتحدة ستواصل دعم مطالبات اللبنانيين "بوضع حد للفساد والركود السياسي".

وتجمد هذه العقوبات أي أصول في الولايات المتحدة تتبع للوزيرين، وتمنع الأميركيين من التعامل معهما، ومن سيقوم بذلك معرض لخطر العقوبات الثانوية أيضا.

علي حسن خليل

وتتهم واشنطن خليل بتحقيق المكاسب المالية من علاقته مع حزب الله، والعمل على نقل الأموال، "بطريقة من شأنها تجنب العقوبات الأميركية"، بحسب بيان لوزارة الخزانة.

واستغل خليل منصبه كوزير للمال لتخفيف العقوبات على حزب الله، وذلك "مقابل عمولات شخصية" كان يتلقاها مباشرة من العقود الحكومية.

وتسلم خليل، المقرب من بري، وزارة المال منذ 2014 وحتى 2019، وكان قبل ذلك قد شغل منصب وزير الزراعة خلال 2003 و2004، وبعدها وزيرا للصحة بين 2011 و2014.

وكان نائبا في مجلس النواب اللبناني، إذ تم انتخابه في انتخابات 1996 و2000 و2005 و2009.

وهو حاصل على إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية.

ومُنذ بداية عمله السياسي، تدرج على حسن خليل في صفوف "أمل" التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى أن حاز على ثقة الأخير، فصار رجله الأول في كُل الملفات الحساسة، وظله الذي لا يفارقه.

وخليل الذي شغل منصب وزير الصحة في حكومة نجيب ميقاتي في 2011 والتي أطاحت بحكومة سعد الحريري آنذاك، تربع على عرش وزارة المالية العامة مُنذ 2014 حتى استقالة حكومة الحريري إثر ضغط شعبي نتيجة انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

ومُنذ 2014، تكرست وزارة المالية للطائفة الشيعية، فأوكل بري لمعاونه السياسي، حسن خليل، المهمة، والأخير لا يحظى فقط بثقة رئيسه، بل أيضاً بثقة حزب الله الذي يعتبره من أكثر الموثوقين في محيط رئيس مجلس النواب، وفق ما يقوله مقربون من رئيس المجلس، ويُصر الثنائي الشيعي على إبقاء حقيبة المالية في يده ولا يزال حسن خليل يمارس دور وزير الظل حتى بعد انسحابه، إذ ينقل عارفون بخبايا الوزارة أنه كان صاحب الكلمة الفصل في وزارة غازي وزنة في عهد حكومة حسان دياب، والأهم من كُل دور خليل في أفريقيا وعلاقته برجال أعمال موزعين على دول عدة هناك وشبكة المصالح التي تؤمن تمويل حركة أمل وأبعد منها.

وتشرح وزارة الخزانة الأسباب التي دفعتها إلى إدراج حسن خليل على لائحة الإرهاب: "فمن موقعيه السابقين وزيراً للمالية وللصحة العامة، كان علي حسن خليل واحداً من المسؤولين الذي استفاد منهم حزب الله لتحقيق مكاسب مالية، إذ تلقى دعماً من الحزب الذي تخوّف من ضعف تحالفه السياسي مع حركة أمل. كما قام بنقل أموال من المؤسسات اللبنانية إلى حزب الله بشكل يجنّب هذه المؤسسات فرض العقوبات الأميركية عليها. واستخدم منصبه كوزير للمالية لتخفيف القيود المالية الأميركية على الحزب واستخدم نفوذه لإعفاء أحد المنتمين لحزب الله من دفع معظم الضرائب على الأجهزة الإلكترونية، وجزء من المال الذي تمّ دفعه تم تخصيصه لتمويل الحزب..".

يوسف فنيانوس

وتتهم واشنطن يوسف فينيانوس بقبول "مئات الآلاف من الدولارات" من حزب الله مقابل خدمات سياسية، وكان أيضا من بين من استخدم حزب الله لسرقة الأموال من الميزانيات الحكومية، مقابل "ضمان فوز الشركات التي تتبع للحزب للحصول على عقود حكومية من دون وجه حق".

كما ساعد حزب الله في الوصول إلى "الوثائق القانونية الحساسة المتعلقة بالمحكمة الخاصة في لبنان"، كما أن فينيانوس حاول لعب دور الوسيط بين حزب الله ووسطاء سياسيين آخرين، بحسب بيان وزارة الخزانة.

وتسلم فنيانوس وزارة الأشغال العامة والنقل في حكومة سعد الحريري الأولى في عهد الرئيس، ميشال عون، في 2016.

وفنيانوس، فهو أقرب المقربين للوزير السابق ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حليف حزب الله والذي تربطه علاقة صداقة بالرئيس السوري بشار الأسد. وهو أيضاً تدرج في تيار فرنجية إلى أن وصل إلى الدائرة الضيقة للأخير وصار أكثر الناس الذين يحوزون على ثقته ويوكلهم بكُل الملفات الحساسة والتي يعتبرها فرنجية استراتيجية له، ولتياره.

ويتولّى فنيانوس إدارة العلاقة بين تيار المردة وعدد من "قوى 8 آذار"، ومع الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية. وينقل عارفون به، قُربه من قائد الجيش السابق جان قهوجي، وهو إلى جانب كُل ذلك، يدير ملف علاقة فرنجية ومن خلفه تياره بحزب الله، مُنذ سنوات.

ولعب فنيانوس دوراً بارزاً بفضل منصبه وزيراً للأشغال منذ 2016 إلى أواخر 2019 في خدمة حزب الله في مشاريع مالية تسهم في تمويل الأخير، ما تعتبره الولايات المتحدة تحايلاً على العقوبات المفروضة عليه.

يقول الباحث في معهد الدفاع عن الديموقراطية طوني بدران: "الحديث عن عقوبات على مسؤولين ليس وليد اليوم بل يرجع إلى أكثر من سنة، واليوم تأتي العقوبات في سياق واضح، وهو خنق كُل من يدور في فلك حزب الله، ولا نتحدث هنا عمن هم مع الحزب بل عن حلفائه المباشرين"، واللافت حسب بدران أن "العقوبات على الرجل الأول إلى جانب بري تأتي لتنفي التمايز بين شبكتي حزب الله وأمل في أفريقيا لأنهما تتقاطعان في تبييض الأموال لصالح الطرفين وهي أول مرة تُربط الأمور بهذه الطريقة".

اخر الأخبار