التعليم في زمن الكورونا:  محنة ام منحة؟

تابعنا على:   14:36 2020-09-28

خالد ناصيف

أمد/ بعد انقضاء المرحلة الاولى من عملية العودة للمدارس والتي شملت الصفوف من الاول الى الرابع لمدة اسبوعين، وعودة الصفوف من الخامس الى الثاني عشر لمدة اسبوع، بدأت ملامح الفترة القادمة من عملية التعليم تبرز ملامحها القاتمة- الى حد كبير -من خلال مجموعه من المؤشرات والتي من ابرزها عدد المدارس التي تم اغلاقها جزئيا او كليا خلال هذه المرحلة، وعدد الاصابات التي تم تسجيلها سواء للطواقم التعليمية او للطلبة والطالبات على مختلف الاعمار والصفوف والمناطق الجغرافية، مما يشير الى ان العملية التعليمية بوضعها وخططها الحالية ماضية الى التوقف، وذلك برز من خلال تصريحات المختصين الصحيين و العاملين في سلك التعليم.

منذ بداية ازمة جائحة كوفيد-19 كان العمل على تجاوز الازمة يتسم بعدم الوضوح وضبابية الصورة في العالم اجمع، ومن ضمنها فلسطين التي استطاعت ضمن مجموعه من الاجراءات تجاوز المرحلة الاولى والتي تشير كافة المعطيات على انها المرحلة الاسهل، ومن بعدا تاتي مرحلة التعايش والتشافي من الازمة والتي يرجح الخبراء الاجتماعيين والاقتصاديين و التربويين على انها المرحلة الاكثر صعوبة والاكثر تأثيرا على البشرية، في ضوء هذة المعطيات السؤال الاكثر اهمية للاجابة علية: اين نحن الان؟ وما هو وضعنا وامكانياتنا؟ وذلك لاستشراف المستقبل واجتراح الحلول.

للاجابة على هذه التساؤلات المهمة – من وجة نظري على الاقل- ولمحاولة رسم المستقبل تحدياتة، واقتراح بعض الاليات لايجاد الحلول ساقوم بمحاولة تحليل واقع فلسطين التعليمي – ولا اقصد هنا التربوي- ولكن لادارة العملية التعليمية وتوفير التعليم للجميع وعلى قدم المساواة ولضمان استمراريتة وديمومتة يجب ان ننظر الى خمس مجالات مهمة في هذة العملية:

اولا: القدرات الذاتية للمعلمين والعاملين في قطاع التعليم.

لا اشك ان ادارة العملية التعليمية تعتمد بشكل مباشر على الطاقم البشري من معلمين/ ات واداريين/ ات قادرين على مواكبة التطورات التكنولوجية التي تحتاجها هذه العملية، في معرض استعراض قدرات العاملين في هذا المجال يجب علينا ان نلاحظ – حسب المتوفر من معلومات- ان على الاقل نصف العاملين في قطاع التعليم العام من مدرسين ومدرسات وطواقم ادارية مساندة هم في منتصف العمر تقريبا، حيث على الاقل هناك جيلين مختلفين من العاملين في هذا القطاع الجيل الاول والذي يعتمد التعليم التقليدي ( الوجاهي) والذي يعتبر ان التعليم بشكل اساسي يعتمد على المدرس في غرفة الصف بالاساس، ويعتمد على الكتاب والامتحان الورقي المباشر وهي الاداة المباشرة لقييم الطلبة، وفي حالة اعتماد الوزارة على التعليم (المتزامن) لن تكون هذة الفئة قادرة على التعامل مع المتطلبات المهاراتية والتكنولوجية لهذة العملية كما لم تقم الوزارة بتوفير التدريب اللازم لهذه الفئة من المعلمين/ات، مما يشير الى قصور في التخطيط لهذة العملية باطلاق هذا النموذج دون مراعاة لقدرات المعلمين/ات في مواكبة البرامج والادوات المطلوبة لنجاح هذا السناريو.

والجيل الثاني الاكثر قدرة على التعامل مع الواقع التكنولوجي وادماج تكنولوجيا المعلومات في عملية التعليم- والذين كانت لهم مبادرات فاعلة في فترة الحجر الاولى-  بامكاناتهم الذاتية و الادوات اللوجستية البسيطة من هاتف ذكي وجهاز كمبيوتر محمول،  وكان لهذه المبادرات الاثر الفاعل في تجاوز الازمة الاولى، وكان لهذا الجيل مبادرات ابداعية في مجمل العملية التعليمية من مبادرات مبدعه في المساهمة في عملية التعليم.

لم تقم الوزارة على الاستثمار في المعلمين والمعلمات والاداريين والعمل على تنمية قدراتهم في هذا المجال مما يشكل عقبة امام الوزارة في تبني وادماج التعليم بوسائل تكنولوجية واستخدام الفضاء الاكتروني في عملية التعليم، كما ان الجيل الاول ( متوسطي العمر) هم الاقدم وهم من يشغلون مناصب صنع القرار في العملية التربوية سواء على المستوى الاستراتيجي الوطني او على مستوى ادارة مفاصل العملية التعليمية في مديريات التربية والتعليم وادارات المدارس، مما يشكل عائق امام المبادرات الفردية والابداعية التي من الممكن ان تبرز من صفوف الجيل الاول.

على الوزارة ان تنظر الى الى تطوير قدرات المعلمين والمعلمات والاداريين بشكل منهجي حيث ان ادارة العنلية التعليمية في ما بعد كورونا ليس كما قبلها، ومن هنا تجب ان تنظر الوزارة الى الامكانات الذاتية المتوافرة والعقبات المتوعه في هذا الاطار للوصول الى رؤيا ليجاوز العقبات وتعظيم امكانيات الطواقم المختلفة وعلى كافة المستويات.

ثانيا: قدرات الطلبة والطالبات والاهالي.

حسب المعلومات المتوفرة من الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني لسنة 2017 ان نسبة 84% من العائلات الفلسطينية في الضفة وغزة تمتلك هاتف ذكي، وفي المعطيات المتوفرة ايضا ان اقل من قلق العائلات تمتلك كمبيوتر، لا شك ان هذة المعلومات مهمة ومفيدة للتخطيط للتدخل بعملية التعليم ببعدها التكنولوجي ولكن من المهم ايضا ان نضع في اعتبارنا ان المعلومات المتوفرة هي الى حد كبير قديمة حيث ان الواقع المعيشي للاسر الفلسطينية واجهت صعوبات اقتصادية ومادية من تلك الفترة حتى الان، من المهم تحديث هذة البيانات بشكل او باخر لمعرفة الواقع المعاش الان.

ويجب ان يؤخذ بعين الاعتبار ايضا ان المعطيات تشير ان الاسر تمتلك هاتف ذكي واحد في حين ان متوسط الاسر الفلسطينية تتكون من 5 افراد في الاغلب 3 منهم بحاجة الى متابعه عملية التعليم، وهنا يمكن سؤال مهم كيف سيتم استخدام الهاتف او الكمبيوتر في عملية التعليم في ظل وجود 2-3 افراد يتوجب عليهم استخدامة في نفس الوقت ( في حالة اعتماد التعليم عن بعد مباشر) اي على طل طالب وطالبة التواجد في الصف الافتراضي في نفس الوقت في اغلب الاحيان، ناهيك عن الوالدين ومتابعتهم لاعمالهم عن بعد في حالة الاغلاق الشامل.

لا شك ان قدرات الطلبة والاهل في عملية التعليم مهمة بدرجة توفير محتوى تعليمي قابل للوصول من الجميع وهنا ياتي دور الوزارة في توفير المحتوى التعليمي للجميع بجودة وامكانيات الوصول المتساوي للجميع لهذا المحتوى، العملية ليست مرتبطة بالاهل والامكانات المتوفرة في الاسرة وانما هي مرتبطة بالحكومة بتوفير خدمة التعليم وضمان الوصول العادل والمتساوي للجميع مع الاخذ بعين الاعتبار الفروقات الاقتصادية والالكترونية والاجتماعية والفردية.

كما ومن المؤكد ان الوزارة لن تعمل على توفير جهاز حاسوب لكل طالب، مما يزبد من اعباء العملية التعليمية على الاسر الفلسطينية وخصوصا الاسر الضعيفة اقتصاديا، كما ويصبح  لزاما على الوزارة توفير منصة تعليمية مجانية وسهلة الوصول لضمان وصول الطلبة او على الاقل النسبة العالية منهم والاستفادة من هذة المنصات.

ثالثاً: استعداد الوزارة لتطوير منصة تعليم مواتية ومفتوحة للجميع بشكل مجاني.

جهدت وزارة التربية والتعليم ومنذ بداية الجائحة على التعاطي مع المستجدات الملحة والطارئة، انطلاقا من واجبها في توفير خدمة التعليم للجميع بشكل عادل ومتساوي، ومن خلال ما تم تداولة عبر الاعلام من الوزير ووكيل الوزارة  فان الوزارة عملت على وضع خطة تدخل مرتبطة بالعودة الى المداس وتكونت هذه الخطة من ثلاث محاور اساسية وهي كالتالي: 1) الادارة المدرسية، والتواصل الالكتروني المدرسي بين اقطاب العملية التعليمية. 2) ادارة المحتوى الالكتروني الرقمي، والمنصات الخاصة به، والمكتبة الرقمية التعليمية. 3) الصفوف الافتراضية.

احتوت الخطة على رؤيا واضحة لما يجب العمل علية من قبل الوزارة في سبيل توفير بيئة الكترونية مواتية لدعم عملية التعليم وضمان شموليتها و وتوفرها للجميع، ولكن على ارض الواقع فانة لا يوجد اي انجاز متحقق من هذه الخطة حتى كتابة هذه السطور، مما يطرح الاسئلة التالية : اين الوزارة الان من تطبيق ما اعلنتة والتزمن به والذي يندرج ضمن اختصاصاتها ومسؤولياتها؟ ما هي الصعوبات التي واجهت تطبيق الخطة على الواقع العملي؟ وما هي الفرص المتاحة امام الوزارة لتنفيذ الخطة المعلنة؟

في محاولة للاجابة على هذة التساؤلات ومن واقع المتوفر من معلومات نستطيع ان نستخلص التالي: 1) اعتمدت الوزارة في اقتراح هذه الخطة على مساهمات تم توفيرها للوزارة (من مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ومبادرات فردية) في المرحلة الاولى من الاغلاق اعتقد ان الوزارة افترضت ان تستمر هذة المؤسسات بتوفير محتواها للوزارة بشكل دائم. 2)  اعتمدت الوزارة على جهدها الذاتي في محاولة لانشاء محتوى تعليمي يستخدم على منصات الوزارة والذي لم يحالف النجاح هذا المسعى حتى الان نتيجة عدة اعتبارات تقنية وموضوعية . 3) قامت الوزارة بعملية تقييم للمحتوى المتوفر من مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والتي حسب التقييم هناك محتوى يمكن الاعتماد علية والبدء باستخدامة وتطويرة والذي يتطلب من الوزارة توفير الموارد المالية اللازمة لاتاحة استخدام هذا المحتوى للجميع بشكل مجاني ومفتوح.

على الوزارة تحديد خياراتها وامكانياتها بشكل واقعي وان لا تترد في اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المحدد حيث ان الوقت يداهم العملية التعليمية بشكل سريع ومن المرجح ان تصل الوزارة الى النقطة الحرجة جدا ( حيث انها في المرحلة الحرجة حاليا) والتي يجب ان تكون الوزارة على قدر المسؤولية في ادارة العملية التعليمية والتربوية حيث انها المسؤول المباشر لهذه العملية. ويجب اعلى الوزارة تجند كل شركائها من اجل ضمان توفير المحتوى التعليمي وتسخير كل القنوات التي تتيح الوصول اليه سواء من خلال الفضائية التعليمية او الحاسوب او الهاتف المحمول، وهذا ما عملت عليه العديد من الدول المحيطة من بناء منصات محتوى تعليمي وتأمين الوصول المجاني لها.

رابعا البنية التحتية للتعليم الالكتروني في فلسطين.

باجماع كافة مزودي خدمات الاتصالات وخدمات الانترنت والتوصيات التي رفعت للوزارة بهذا الخصوص ان البنية التحتية للخدمات الالكترونية لا ترقى الى تحمل الضغط الهائل على الشبكة في حال اعتمدت الوزارة منهج التعليم عن بعد المباشر والذي يلزم المعلمين والمعلمات والطلبة الالتزام بالصفوف الافتراضية المباشرة (التعليم المتزامن)، مما يستلزم وجود كافة الطلبة مدرسيهم في الصفوف الافتراضية المباشرة وفي نفس الوقت مما يؤدي وبشكل قاطع الى تعطل الشبكة الالكترونية بالكامل، من هنا يجب على الوزارة استبعاد خيار التعليم عن بعد المباشر لعدم توفر الامكانيات لذلك وبالاخص البنية التحتية الالكترونية.

لذا فان الخيار الاسلم هو توفير المحتوى التعليمي بشكل مسجل مسبقا ومتوفر بشكل مفتوح ومتاح للجميع مما يفتح المجال الى متابعه والمحتوى والاستفادة منه في اي وقت ومع اعطاء الخيار للطلبة والاسرة حسب اماكانتها ووقتاها في ادارة هذه العملية، كما يفتح المجال للاسر بترتيب اولوياتها في هذا الاطار واستخدام الادوات اللوجستية المتوفرة لديها بشكل يستطيع الجميع الاستفادة منها وباوقات مختلفة.

وهنا من المهم الاشارة الى دور شركات مزودي خدمات الاتصالات وخدمات توفير الانترنت والتي يجب عليها ان تساهم في هذة العملية وخصوصا في موضوع توفير الخدمات الاساسية اللازمة لمتابعه العملية التعليمية ودورها من خلال المسؤولية المجتمعية بالتركيز على توفير هذه الخدمات بشكل مفتوح ومجاني للجميع لاستخدامها في عملية التعليم، حيث ان هذة العملية حق اساسي للمواطن ويجب على الجميع العمل وبشكل تشاركي لتوفير هذا الحق بشكل عادل وشامل للجميع.

خامسا: تجارب الدول المحيطة في التعاطي مع الجائحة (الاردن،الكويت)

من خلال الاطلاع على تجربة الدول المحيطة فقد عملت هذه الدول على استخدام التعليم المتزامن خلال الفترة الاولى من الجائحة من خلال برامج البث المباشر بالاضافة الى فتح شراكات مباشرة مع كافة الشركات العاملة في قطاع البرامج التعليمية الالكترونية والشركات المزودة للمحتوى التعليمي، وبعد تقييم تجربتها الاولى والبدء للاستعداد للمرحلة الثانية كان هناك اجماع على وقف العمل على برامج البث المباشر بسبب وجود اشكاليات كبيرة لدى المعلمين والطلبة والاهل في التعامل معها من جهة، وضعف امكانيات العائلات من حيث توفر الحاسوب وشبكات الانترنت من جهة اخرى، لذلك كان التوجه هو باعتماد منصة تواصل الالكتروني ومحتوى تعليمي مصور بجودة عالية وشامل لكافة المراحل تراعي قدرات المعلمين والطلبة في سهولة الاستخدام، والعمل على بناء شراكات مع مزودي خدمة الانترنت لتوفير الانترنت المجاني لكافة الطلاب خلال دخولهم للمنصة لاوقات محددة.

وزارة التربية والتعليم في فلسطين عملت على اطلاق منصة( Eschool )منصة تواصل الالكرتوني  والتي من الممكن ان يتم التطوير عليها وتجنيد كافة القدرات والامكانيات والموارد من اجل تزويدها بالمحتوى التعليمي الجيد وبناء شراكات مع كافة مزودي خدمة الانترنت من اجل ضمان مجانية العمل على هذه المنصة او على الاقل من اجل توفير حزم انترنت مجانية لبعض الطلاب بناء على معايير محددة من خلال المنصة.

سادساً: الشراكات وشبكة الفاعلين على المستوى الوطني والدولي

يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم مهمة ادارة العملية التعليمية بكافة مفاصلها ، وتقع على عاتقها ايضا ادارة الشراكات والشبكات والفاعلين في هذا المجال، كونها الوزارة صاحب الواجب في هذا الاطار، وبنا على ما ورد في اجندة السياسات الوطنية 2017-2022، واجندة التنمية المستدامة 2030، المرشد الاساسي لعمل الحكومة الفلسطينية و وزارة التربية والتعليم كونها رئيس قطاع التعليم، فان من واجبها العمل على:

الاستفادة من الخبرات الاقليمية المتحققة في هذا الاطار وخصوصا المنطقة العربية التى تواجة ظروفا مشابهه الى الواقع التعليمي الفلسطيني( على سبيل المثال التجربة الاردنية ، القطرية، والكويتية) والتي سجلت نجاحات يمكن الاستفادة منها في هذة العملية واستخلاص الدروس من هذة الدول.

بناء الشراكات الفاعلة والايجابية مع القطاع الخاص والذي يشكل مخرجا للازمة الحالية وخصوصا اذا تم بناء الشراكات معه على قاعدة الشراكة في التخطيط والتنفيذ في هذا الاطار( من المهم التذكر ان مساهمات القطاع الخاص بتوفير المحتوى التعليمي والتي كان لها مساهمة هامة خلال لفترة الاغلاق الاولى والتي امتد من شهر اذار الى شهر اب وخصوصا مرحلة التوجيهي).

بناء الشراكات الفاعلة مع مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاهلية على قاعدة الشراكة الكاملة بالتخطيط والتنفيذ حيث من الممكن ان تشكل هذه الشراكة توفير الخدمات المساندة للمدرسين والاداريين والطلبة واسرهم وتوفير الخدمات الاجتماعية المرافقة لعملية التعليم ( حيث كانت هذه المؤسسات من المساندين الرئيسيين لاعمال الوزارة على مدار السنوات السابقة وكان لها مساهمات كبيرة في هذا الاطار).

بناء الشراكات الدولية (المؤسسات الدولية والاممية)  لتوفير الموارد المالية اللازمة والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال، وحيث ان هذة المؤسسات من الشركاء الرئيسيين للوزارة في ادارة وتمويل وتنفيذ خطط الوزارة في قطاع التعليم.

العمل على بناء خطط التعافي من الجائحة بالاستناد الى المعايير الدولية في هذا الاطار وضمان ان تكون هذة الخطط الخاصة بجائحة كوفيد-19 متوائمة مع المعاهدات الدولية لحقوق لانسان و اجندة التنمية المستدامة 2030.

ملاحظات مهمة :

أولاً: تأخرت وزارة التربية والتعليم في التعامل مع حالة الطوارئ، وأدخلت المؤسسات التعليمية في حالة ترقب وبحث عن إجابات في فترة الاغلاق الاولى، يجب ان لا تتكرر هذة العملية في اي فترة اغلاق كاملة او جزئية لاحقة، حيث يجب ان تؤخذ كافة الاحتمالات والخيارات في عين الاعتبار بناء على التجربة السابقة والخطط اللاحقة لتجاوز الازمة والتعايش معها.

ثانياً: جل المبادرات للتعليم عن بعد كانت مبادرات ذاتية من المعلمين ودون  وبتنسيق ضعيف مع  الوزارة أو مديريات التربية والتعليم، والذي لم يعد مقبولا في الفترة الحالية، حيث يجب على الوزارة ان تقييم التجلربة وتبني عليها وتعظيم الانجازات المتحققة منها.

ثالثا:  اظهر التعليم عن بعد ضعفاً تعاني منه العملية التعليمية ، فقد برزت قلة الخبرة لدى المعلمين، وضعف البنية التحتية المتعلقة بهذا الشكل من التعليم، بالإضافة إلى قلة إقبال الطلبة وخصوصاً طلبة المدارس، إذ يحتاج التعليم عن بعد وجود بعض المهارات عند المتعلمين والمدرسين، لذلك يجب تدريبهم على طريقة استخدام الإنترنت بشكلٍ عام، وعلى استخدام بعض البرامج التي تخدم العملية التعليمية بشكلٍ خاصٍ، ليستطيع كلٌّ منهما التواصل بشكل صحيح وسليم، وكان من أبرز المشكلات التي ظهرت هي أن البنية التحتية، ووفرة المتطلبات من أجهزة ومعرفة لدى الكادر التعليمي والطلاب، غير مؤهلين لاستخدام التعليم عن بعد. وكان قد برز قبل الأزمة جدال كبير بين مدرسة التعليم التقليدي والتعليم عن بعد.

رابعا:  عدم توفر الإنترنت أو أجهزة الحاسوب أو الأجهزة الذكية لعدد من الطلبة، وبالتالي عدم تمكنهم من المتابعة مع معلميهم، مما يجعل الوزارة في مساحة يجب ان تفكر في حلول ايداعية اخذة بعين الاعتبار هذه العقبات.

خامسا: التكلفة الاقتصادية العالية، إذ أن تجهيز المادة التعليمية يحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة، كما أنّ عملية توزيعها على الطلاب تحتاج إلى رصد مالي كبير، بالإضافة إلى تكلفة الإعدادات والتجهيزات، ففي وقتنا الحالي اعتمد الطلاب ومراكز التعليم على شبكة الإنترنت كوسيلة للتعليم عن بعد.

سادسا: أظهرت المدارس الخاصة سرعة وفاعلية أكثر في التعامل مع موضوع التعليم عن بعد، وقد يعود ذلك كون الطالب يدفع مقابل التعليم، والمدرسة مُلزمة باستمرارية العملية التعليمية على الرغم من حالة الطوارئ.

سابعا: يمكننا القول إن المشكلات المرتبطة بالتعليم الإلكتروني ليست وليدة اللحظة، بل هي مشكلات لها ارتباطاتها البنيوية؛ فحديثنا مثلاً عن المشكلات المرتبطة بالجوانب التقنية سابق للأزمة، ومرتبط بالبنية التحتية لشبكة الإنترنت.

الخاتمة:

وزارة التربية والتعليم وزارة سيادية وليست وزارة عادية، وذلك نتيجة ما فرزتة جائحة كوفيد-19 واعادة ترتيب وتحديد الاولويات في المجتمع الفلسطيني والمجتمعات في العالم كافة، حيث من مطلوب أن تكون أزمة كورونا فرصة لإعادة الاعتبار لهذة الوزارة السيادية التي تؤثر قراراتها على على المجتمع كاملا وعلى مستقبل الامة ايضا، كما من المهم اعادة الاعتبار لموضوع التعليم عن بعد، وأن تعمل وزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية المختلفة على إعادة تأهيل المعلمين، وتوفير الأدوات والمحفزات لبناء قاعدة بيانات، مع إعداد منهاج تعليمي إلكتروني لكل المراحل التعليمية.

نحن في فلسطين، واجهنا ظروفاً صعبة، بل ومؤلمة، في العقود القليلة الماضية، وكنا باستمرار ننجح في توفير البدائل. ففي الانتفاضة الأولى مثلاً، وفي ظل الحصار ومنع التجول، تم تنظيم صفوف للتعليم الشعبي، ولم تتوقف العملية التعليمية. وفي الانتفاضة الثانية، خلال الحصار والاجتياحات، تم توظيف وسائل إبداعية لاستمرار التعليم. واليوم، يعيش العالم كله ظروفاً مشابهة لما مرّ به الشعب الفلسطيني، وعليه أن يتكيّف مع هذه الظروف. فالاستسلام ليس من طبيعة البشر الذين لا يعرفون المستحيل، بل يحوّلون المحنة إلى منحة، ويستثمرون الفرص لتجاوز المحن والتحديات، دعونا اليوم نبذل الجهود لإنجاح هذه التجربة، ونوظف العقول والطاقات لحل المشكلات التي تواجهنا. ودعونا ننظر إلى المستقبل نظرة تفاؤل، فربما بعد شهور قليلة من الآن ننظر إلى الخلف لنرى أن ما كنا نعتقد أنه مستحيل، قد تحقق فعلاً، وأننا استطعنا أن نتجاوز المحن والتحديات بالإرادة والإصرار والأمل في حياة أفضل.

كلمات دلالية

اخر الأخبار