رؤية دحلان وتياره الاصلاحي للنظامين الاقليمي والدولي

تابعنا على:   21:32 2020-10-20

إبراهيم خليفة

أمد/ تتأتي أهمية التعرف على رؤية دحلان للناظمين العربي والدولي من تعامد ظاهرتين وتفاعلهما على نحو استثنائي .. أولهما دور دحلان القيادي على الصعيدين النظري والتطبيقي داخل النظام السياسي الفلسطيني بأطواره وهيئاته المختلفة . وثانيهما مركزية الأدوار والمقاربات التي انطوت عليها تفاعلات النسقين العربي والدولي فكراً وحركة أيضا بالنسبة لمسيرة القضية الفلسطينية التي حمل دحلان لوائها وذلك بالمعني التاريخي الممتد قبل مرحلة صعوده القيادي وأثناء هذه المرحلة وبعد .

لقد طبع دحلان مقولات حركته الوطنية ومقارباتها الفكرية والسياسية بتكيفاته ومنظوراته ، وكان له باعاً كبيراً في تحديد توجهاته إزاء البيئة العربية والاقليمية والدولية وما يعتمل في هذه البيئة من قضايا تتعلق بفلسطين ماضياً وحاضراً ومستقبلاً وبدوره كان تياره الاصلاحي ما زال واحد مت أبرز القوى السياسية وأكثره تأثيراً في تحديد حركة السياسة الفلسطينية وانجازاته وتوجهاته على المستوى الاقليمي والدولي وظلت إلى حد بعيد محفورة ومحفوفة بمنظورات دحلان الثابتة والمتحولة عبر مراحله .

وبهذا الخصوص يصح الاعتقاد بأن متابعة هذه المنظورات عبر خطاب دحلان الفكري النظري والسياسي العملي ، يمثل أحد مداخل تفهم للسياسية الفلسطينية العربية والدولية بصفة عامة ، يستنج البعض من هذه القناعة أن السياسة الفلسطينية لم تكن مقيدة بالمأسسة وحثيات الأداء الديمقراطي باعتبارها أنها تحدث من خلال منظور القائد دحلان ( صاحب الكاريزما القيادية ) وأغلب الظن أن استنتاجاً كهذا لا يجافي الحقيقة كثيراً ففي التحليل الأخير ما كان لكاريزمية دحلان وتأثيره البارز على حركة النظام السياسي الفلسطيني من الداخل أن تمر بدون أن تترك تداعيات على توجهات هذا النظام الخارجي ومع ذلك فدحلان لم يكن منظراً أيديولوجياً كبيراً ولا يندرج في مصاف القادة الذين خلفوا ميراثاً فكرياً عميقاً أو واسعاً كحال بعض القادة التحررين ، بل أنه يستحوذ على قدرات خطابية عالية في الأصل ، وهو قدرته القيادية ودوره في صناعة السياسية الفلسطينية وقراراتها الداخلية والعربية والدولية ، كان يحاول تظهير رؤاه وآرائه ثم مواقفه العملية بشيء من المأسسة موحياً بأنه ينطق بلسان الاغلبية الفلسطينية وقد ساعده على هذا الأداء موقعه في التيار الاصلاحي كزعيم لهذا التيار الذي احتكر دور التنظيم الأكبر والأقوى في المشهد السياسي الفلسطيني .

لكننا نلاحظ أيضا أن دحلان لم يكن قائداً تجريبياً بالكامل وأنه كان يستحوذ بالفعل على طاقة التنظير ، لو أنه أولى عناية لهذا الجانب من سلوكه القيادي ، من يتابع أفكاره حول كثير من هموم النظامين العربي والدولي وشواغلهما وعلاقتهما ببعضهما البعض وبمسار القضية الفلسطينية لا بد أن ينتبه لهذه الناحية .

ويلفت الانتباه أيضا أن برجماتية دحلان ، التي يمكن التدليل عليها بتقلباته وتحولاته الفكرية والسياسية ، وبعضها كان فارقاً خلال العقدين الأخيرين ، نود القول أن تحولات دحلان في سياسته العربية والدولية ، التي ألحقت به وصف السياسي المحترف بأكثر من صفة رجل المبادئ الصلبة كانت تجري إلى أفق معلوم لا يتجاوزه .

ويبدو أن استغلاق معرفة حدود الثبات والتحول في منظورات دحلان هي التي تسببت في حيرة الكثيرين إزاء توصيفه وإدراك مغزي وأبعاد حركته السياسية ، وآية هذا الاستغلاق أن بعض الذين دمغوا دحلان بالتراجع عن الثوابت الوطنية والقومية وصولاً إلى حد تخوينه أحياناً ورميه بالانصياع للعملية التطبيع الاسرائيلي الامريكي مع دول الخليج ، كانوا مضطرين في بعض الأحايين إلى الثناء على مبدأتيه وصلابته خلف الثوابت الوطنية واستعصائه على التطويع والانقياد لأعتى الضغوط .

والواقع أن الحيرة في تصنيف دحلان ، وأفكاره وسياساته ومواقفه العربية والدولية وفقاً للمدارس الشائعة في الرحاب العربية (وطنية واقليمية ، اشتراكية ، ليبرالية ) تتصل بعض المعطيات التي من بينها فيما نتصور وجود ميراث فكري أو نظري متكامل للرجل يمكن الاستناد عليه وجمع افكاره وشروحه الفكرية المبثوثة في أضابير مختلفة كتصريحاته ورسائله وخطاباته في مناسبات متباينة .

ولنا أن نلاحظ بهذا الصدد كيف أن تراث " التيار الاصلاحي " الكبير الذي ساهم دحلان في إنشائه والسهر عليه ، يساهم في تسهيل هذه المهمة نظرا لفضفاضيه الاطار الفكري لهذا التيار الاصلاحي .

وقد نضيف إلى المعطيات المثيرة للجدل بشأن تصنيف منظورات دحلان ورؤاه ، أن هذا القائد الفلسطيني اضطلع بالتيار الاصلاحي الديمقراطي لحركة فتح صد نمط استعماري عز نظيره تاريخياً نمط أنتج صراعاً شديد التعقيد متعدد المصادر والأبعاد ، تختلط داخله النوازع الوطنية بالقومية ، وترتبط به مصالح أطراف كثيرة بشكل مباشر أو غير مباشر .

الأمر الذي لربما فرض عليه مراعاة هذه الخصائص جمعيها وهو يعالج دائرة الصراع والمرور بالقضية الفلسطينية إلى شطئان آمنة بأقل من الخسائر وأكبر قدر من الأرباح على مسارات كسب الأنصار والحلفاء في دعم القضية الفلسطينية من خلفيات ومنطلقات مختلفة

اخر الأخبار