العودة إلى أحلام وكوابيس 2016

تابعنا على:   10:42 2020-10-26

عاصم عبد الخالق

أمد/ غير صحيح أن الأرقام لا تكذب.. تلك كذبة شائعة، فقد فعلتها أرقام استطلاعات الرأي في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، ولا يوجد ما يمنع أن تكذب مرة أخرى في الانتخابات التي ستجرى الأسبوع المقبل. في المرة الأولى، رجحت الاستطلاعات فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، ففاز منافسها الجمهوري دونالد ترامب. الآن تعطي النتائج أفضلية للمرشح الديمقراطي جو بايدن وترجح فوزه، لكن الرئيس ترامب يأمل أن تخطئ الاستطلاعات مجدداً، وبالتالي تراوده أحلام الانتصار المفاجئ.

لن يكون خطأ الاستطلاعات الحالية كابوساً للديمقراطيين فقط، بل للمؤسسات التي تنظمها أيضاً، لأن حدوث ذلك يعنى انهيار الثقة أو ما تبقى منها لدى الجمهور والسياسيين في دقة ومصداقية أبحاثها.

غير أنه في كل الأحول لا يمكن تجاهل نتائج الاستطلاعات، يجب قراءة مؤشراتها ولو بقدر كبير من الحذر، ودون أن يفارق أذهاننا السؤال المعلق منذ 2016 وهو ما الذي يضمن ألا يتكرر خطأ الأرقام؟ بمعنى آخر ما هو الفارق بين تقدم هيلاري من قبل وتقدم بايدن حالياً؟

قبل البحث عن إجابة، نشير في عجالة إلى تحليل مهم لنتائج مجمل الاستطلاعات، نشره موقع «جلوبال لست»، قبل أيام، يوضح أن احتمالات فوز بايدن حتى الأسبوع الماضي هي 60,5% انخفاضاً من 65,3% يوم 12 أكتوبر. بالطبع هذه ليست نسبة الأصوات المتوقع أن يحصدها، لكن نسبة احتمالات فوزه. أما ترامب فإن نسبة فوزه تتراوح بين 36,6% و32,1%.

وقبل أن يقفز أحد إلى نتيجة متسرعة بحتمية فوز بايدن، من المهم أن نوضح أن الفجوة بين هيلاري وترامب في 2016 كانت أكبر من ذلك بكثير، حيث بلغت 82,3% مقابل 16,8% لصالحها، ومع ذلك فاز ترامب.

فيما يتعلق بالاستطلاعات نفسها، فإن مؤشراتها توضح أن بايدن مازال يتقدم على منافسه بنحو 8,6 نقطة مئوية حتى الأسبوع الماضي. وهنا لنا ملاحظتان جوهريتان، الأولى أن نسبة تقدم بايدن، ولو أنها مريحة، إلا أنها تسجل تراجعاً، حيث كانت 9,5 نقطة يوم 12 أكتوبر، وهو ما يعنى أن الفارق بين المتنافسين ينكمش ومن ثم فقد يستمر في التضاؤل وربما يختفي مع حلول موعد الانتخابات.

وبالعودة إلى 2016 سنجد أنه في نفس المرحلة، كان ترامب متأخراً عن هيلاري بنحو خمس نقاط تقريباً، لكنْ، ثمة اختلاف مهم، وهي الملاحظة الثانية، ففي المعركة الأولى تقلص الفارق بين هيلاري وترامب عشية يوم الانتخابات إلى 3,2 نقطة فقط لصالحها، وهي تقترب للغاية من نسبة هامش الخطأ المتعارف عليها وهي حوالي 2%. أي أن الاستطلاعات لم تبعد كثيراً عن الحقيقية عكس ما يعتقد غير المتخصصين.

وإذا حافظ بايدن على تفوقه بنسبة تتجاوز هذا الهامش، فإن احتمالات فوزه ستكون أكبر، وهذا فارق جوهري بين تقدم هيلاري وتقدمه، لأن نسبة تفوقه جماهيرياً على ترامب أكبر من نسبة تفوقها. وستتوقف النتيجة إلى حد كبير على اتجاه التصويت في الولايات المتأرجحة، والتي بفضلها فاز ترامب في 2016. وكان سوء تقدير مؤسسات الاستطلاعات لتوجهات الناخبين فيها وراء انحراف نتائجها بعيداً عن الحقيقة.

هذه أيضاً إحدى نقاط الاختلاف بين استطلاعات 2016 وتلك الجارية حالياً، فقد أدخلت المؤسسات المتخصصة تحسينات جوهرية على أدوات القياس واختيار العينات المعبرة عن المجموع. كما وضعت في اعتبارها الارتباط بين مستويات التعليم وتأييد ترامب.

لذلك تستبعد مؤسسة بحثية جادة هي «ريالكلير بوليتكس» حدوث أخطاء أو مفاجآت هذه المرة. باعتبار أن الاستطلاعات أصبحت أكثر دقة وتحفظاً. ورغم أن ذلك التوقع يظل صحيحاً من الناحية النظرية، فإن الأيام المقبلة قد تأتي بمفاجآت وفضائح تقلب توجهات الرأي العام رأساً على عقب.

 بالتعبير الرياضي مازالت الكرة داخل الملعب، ولن يتم حسم النتيجة إلا بالصافرة النهائية التي تنطلق بعد إغلاق صناديق الاقتراع.

عن الخليج الإماراتية

اخر الأخبار