الفلسطينيون بين الحقوق والعقوق

تابعنا على:   12:04 2020-10-27

عائد زقوت

أمد/ بعد هجرة الطيور العربية الجارحة لموطنها وامتطت سفينة التطبيع ، وغاصت في بحر لجيٍ يغشاه موج من فوقه من فوقه موج ، صوت هديره أسمع الفيافي والحضر ، فأردوا النجاة من غرقهم فلم يجدوا سوى الفلسطينين فَشَحَذَ المُسطِّرون مُدِيهم الهذَّاء ، وأخذوا يُقَطِّعوا في أعراضنا مدافعين عن مواقفهم العارية شانين هجوما شرسا على القيادة والشعب دون وعي ولا إدراك لما يقولوا أو يُسَطِّروا وأشعل جذوة هذه الهجمة الأمير بندر بن سلطان ، ولم يكن ذلك مستغربًا ، فهو يركب ذات السفينة ، وفي أوج هذا المشهد استوقفني ما خطّه قلم لسان وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلّاب الذي اعتدنا منه على الصراحة والوضوح ولكن عندما يتعلّق الأمر بفلسطين وأهلها تختلف المعايير والمكاييل المتنوعة في الثقل والحجم ، فقد أثنى مطوّلًا على موقف ودور دول الخليج العربي من القضية الفلسطينية ، ولا شطط في هذا ، فنحن شعبٌ ليس عاقًّا ، ولا جاحدًا ، بل وقّافٌ عند الحق ، لا نحيد عنه ولعلّني أذكّر بالموقف الفلسطيني من احتلال العراق دولة الكويت وما نجم عنه من خلافٍ بين الكويت وفلسطين ، فقد حاولت القيادة الفلسطينية احتواء الموقف وصولًا إلى قبول القيادة بالاعتذار إلى دولة الكويت قيادةً وشعبًا على الموقف الفلسطيني حينها إلّا أنّ رحابة صدر المرحوم أمير الكويت الشيخ صباح أحمد الصباح أعلنت طيّ تلك الصفحة و لا حاجة للاعتذار الفلسطيني ، الرئيس أبو مازن قدّر وأعلى هذا الموقف العظيم و ذهب إلى الكويت وقدّم لها اعتذاره واعتذار الشعب الفلسطيني ، فالاعتذار لمن يستحق واجب . وعوْدٌ على بدء فإنّنا نُكِنُ الاحترام لكل من يقف ويساند الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في الوصول إلى الحرية والاستقلال فهل موقف دول الخليج وغيرها تجاه فلسطين ناتج عن شعورهم بالواجب؟ فمن يُقدَم العطاء والنصرة من أجل الواجب والحق للقضية العربية الإسلامية الأولى فلا يَمُنّ بعطائه ، ولا يستعبد الناس به ، ولا يحق له أن يُخْرِس أصواتهم ، وأن يأخذوا القرار نيابةً عنهم بدافع تلك العطايا فأيّ دعمٍ هذا؟ ففلسطين ليست في سوق النخاسة تُشترى وتُباع ، وما صدح به الأمير بندر من محاولة إيجاد الفرقة بين الشعب وهو يثني عليه من جهة و بين قيادته وهو يهاجمها ويخوّنها من جهةٍ أخرى ، ثم يُطلب من الفلسطيني أن يُخرِسَ لسانه ويُسْكِتَ قلمه كي لا يغضب من يقدم العطايا من الأمراء والملوك والرؤساء ، وإذا كان هذا هو العطاء ، فبئس العطاء . لقد حظيت المملكة العربية السعودية باحترام وتقدير الفلسطينيين على مدار التاريخ ، ولا زلنا نتغنى ونفتخر بالموقف الخالد للملك فيصل بن عبد العزيز_ رحمه الله _ من القضايا العربية عامة ، وفلسطين تحديدًا ، فأين هم دعاة التطبيع من هذا الموقف الخالد؟ لقد خَطَّت القيادات العربية للفلسطينيين راضين أو مرغمين طريق قيام الدولة بإعلان قمة فاس الذي أقرّ بثلثي فلسطين التاريخية ويزيد دولةً للاحتلال ، وبالجزء الضئيل الصغير دولةً لفلسطين ، وها هم اليوم يريدون منّا بعصا تلك العطايا أن نقبل بأقلّ من حكمٍ ذاتي يكفل الحقوق المدنية تحت سيطرة الاحتلال . هل يعني بالضرورة دخول العرب في بزار التطبيع صوابيه موقفهم والتسليم بخطأ الحقائق التاريخية ، إم أنه يعبر عن حكومات وقيادات فقدت مفاعيل الإيمان والصمود حتى لو داسوا فراشهم وسبوا نساءهم فإنهم فإن عرقهم لا تنبض ابد. ترى يا سيادة الوزير الأسبق ، أهؤلاء القيادات التي يجب أن تُحترم . تُرى لوطُلب منك أن تتنازل عن جزءٍ من أرضك هل تتنازل من أجل العطايا ؟ هل تقبل بالتنازل عن المقدسات الإسلامية في القدس تُرى لو وقف أحدٌ شاتمًا الملك عبد الله الثاني _حاشاه ذلك _ هل تقبل والشعب الأردني؟ أم أنّ الفلسطيني مستباح لا حرمة له ؟ وإنني لأسمعك وأنت تجيب عن كل هذه الأسئلة ب "لا" ، لقد عرفنا لسانيك صادحين بالحق دون شطط ، فلا تحيد عن ذلك تجاه فلسطين ، ألا يكفينا من رحلوا وقُتلوا وشُرّدوا ؟ ألا يكفينا حفارّو الموت والفتن والاختلاف؟ ألا يكفينا ملوثي الفكر والوجدان ؟ فإننا قد نسمع سويًّا من هؤلاء أن يذهب الفلسطينيون إلى شرق الأردن ويقيموا دولتهم ، فهل سنخضع للمال والنفوذ ونخشى أن يغضب الزعماء والملوك ؟ فنحن أصحاب حقوق ولا نعرف العقوق .

اخر الأخبار