إبحثوا عن "الأدب والتسامح" في وزير التسامح الإماراتي

تابعنا على:   17:59 2020-10-31

منجد صالح

أمد/ تُعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول القليلة أو القلائل، أو النادرة، على أديم هذه المعمورة، التي إبتدعت وطوّرت وزارة بإسم وزارة المحبة والتسامح.

ربما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي "الشاذة" عن القاعدة أو ربما كانت هي الرائدة في إبتداع مثل هذه الوزارة على مستوى العالم.

رائدة إلى درجة أنّها "تفوقت على وبزّت" دولا عريقة في البناء الإجتماعي الجميل مثل السويد والنرويج ونيوزيلنلدا.

وزير التسامح الإماراتي نهيان بن مُبارك آل نهيان "فاحت رائحة التسامح"، رائحة التسامح المُلتبس، من على فراش سريره الوزاري الوثير، حين إغتصب فتاة بريطانية تدعى كيتلين ماكنمارا، التي كانت تعمل في تنظيم مهرجان "هاي" الأدبي البريطاني في الإمارات.

ربما أو ربما من الأكيد أن معاليه قد إعتبر الصبيّة البريطانية جزءا من ممتلكاته أو مقتنياته الشخصية الحديثة، وأنه يحق له، دون شك أو مواربة، أن يعبث بها كما لو كان يعبث بدمية كانت من ضمن مُشترياته و"ما ملكت يمينه".

في هذا الصدد، أعتقد أن هناك مسألتين، مُعضلتين، غاية في الأهمية تُثار في خضمّ هذا البحر المُتلاطم الأمواج.

المُعضلة الأولى هي "نفسية التغطّرس والإستحواذ"، التي يتمنطق بها، يتصف بها، العديد من افراد بعض العائلات الحاكمة في دول الخليج، وحتى في دول أخرى في الوطن العربي، وخارج نطاق العالم العربي.

عقليّة تصل إلى حدّ تملّك الفرد أو المواطن، الذي يجب ان يكون في الخدمة وتحت الطلب، وإلا فإأنه سيُجابه ب 16 قاتلا محترفا، يقومون بتقطيعه إربا إربا، كما حصل مع الصحفي المرحوم جمال خاشقجي، الذي "تجرّأ"، بحسب تفكيرهم ونفسيّتهم، وقال كلمات ولو جميلة طيّبة، إعتبرها "عليّة القوم" في بلاده بأنها تُشكّل خروجا "على الحاكم" وتنكّرا لكرمهم و"جمايلهم" عليه.

لإنه بالنهاية فإن "لحم أكتافه" كان منهم ومن خيراتهم، "فهم أعطوا وهم يأخذون"، هكذا وبكل بساطة.

والمعضلة الثانية هي في الفتاوى "الدينية" الإنتقائية التي تخدم فردا أو مؤسسة أو دولة. تلك الفتاوى يجتزؤونها من بحر الإسلام السمح المتسامح لرغبات في "نفس يعقوبهم".

منها ما سمعته مؤخّرا من أناس مطّلعين على بواطن الأمور بأن بعض "الشخصيات"، ذات الصبغة والصيغة الدينية، قد أفتوا بمسألة "ما ملكت أيمانكم"، بأنّه يندرج تحت إطارها ولوائها "الصبايا"، النساء، التي تعمل في مؤسساتهم العامة أوالخاصة، وأنه "يحق" للمسؤول أو لصاحب الشركة أو ربّ العمل، تحت بند هذا الفهم، هذه الفتوى "العجيبة"، أن "يُراود إحداهن عن نفسها" بمقابل، ضاربا عرض الحائط "بالمُحصّنات".

الصبيّة البريطانية التي إعتبرها معالي وزير التسامح الإماراتي ضمن "حريم ما ملكت يمينه" الطائلة، وصفت الحدث الجلل، عملية التحرّش، عملية الإغتصاب مكتملة الأركان أو ناقصة بعض من تفاصيلها ومجرياتها، قائلة بصوت متهدّج وبعض من عبرات عيونها تطل من مقلتيها، في لقاء متلفز، بأن:

"الوزير الإماراتي رمى بها على السرير ثمّ نزع ثوبه حتى اصبح عاريا تماما، وبعدها إرتمى فوقها".

ووصفت كيتلين ماكنمارا "الأمر بالمرعب"، مشيرة إلى أنّها لم تستطع التنفّس وهو فوقها، لأنه "مثل الجحش الهائج وزنا وعقلا وشكلا".

وفي تلك اللحظة كانت الشابة البريطانية تحاول إسدال فستانها الطويل لمنعه من وضع يديه على ثوبها، لكنه تمكّن من ذلك، وألقى بكل ثقله عليها، وكان يُقبّلها رغما عنها بطريقة عنيفة للغاية.

وتابعت تقول:

"علمت أن الأمور ستزداد سوءا، وكان عليّ أن أفعل شيئا حتى لو كنت خائفة من إغضابه، ولم يتوقّف الأمر إلا حين أن قدم الرجل الآخر ... حينها فقط توقّف الوزير".

والتجأت الصبية المُعتدى عليها إلى سلطات بلادها وهي ما زالت في الإمارات، لكن وزارة الخارجية البريطانية لم تكن قادرة عل تقديم "مشورة صريحة" بشأن ما حصل لها، وما يتوجّب القيام به بالتالي.

لقد كان الإجماع بأنّه ليس من الآمن الإبلاغ عن "الحادث" في الدولة الخليجية. لكن ردّ فعل كيتلين ماكنمارا كان بأنها لم تكن راغبة في إتباع نصائحهم بضرورة مغادرة البلاد، لأنها بالرغم من شعورها بالخوف من "الرجل" إلا أنه كان يغمرها غضب شديد من أن تكون ضحيّة مرّتين وأنّه عزّ عليها عملها وجهدها، فقد عملت بجهد وجدّ متواصل لتنظيم مهرجان "هاي" الأدبي البريطاني في الإمارات.

تساءلت بحسرة:

"لماذا يجب أن يضيع كل هذا العمل؟  ولماذا يجب أن أكون أنا الشخص الذي يجب أن يُغادر بعد ما فعله (الوزير)؟؟؟!!!

منظّمو مهرجان "هاي" البريطاني أكّدوا، من جانبهم، بأنّهم لن يعودوا إلى تنظيمه في الإمارات مرّة أخرى طالما بقي نهيان بن مبارك آل نهيان على رأس وزارة التسامح.

يبدو أن معالي الوزير في فهمه لمفهوم التسامح قد خلق جرفا سحيقا ما بين النظرية والتطبيق، ما بين "الخيال" والواقع.

أو ربما عمل بطريقة أنّه بما أنّه وزير التسامح، فإنه "يُسمح" له أن يفعل ما يشاء وأن يُمارس ما يشاء وقتما يشاء وبمن يشاء، وما على المكان والزمان والعباد إلا الإمتثال لرغباته ونزواته ونزقه و"فعل يديه"!!!

لو كانت الصبيّة من ذوات العيون السود أو البنيّة لضاع حقّها ولتفرّق "دمها" بين القبائل، ولكن بما أن الصبيّة من ذوات العيون الزرق فإن سلطات بلدها القضائية ستقاضي الوزير و"ستريه النجوم في عزّ الظهر"، حتى لو كان واحدا من أفراد العائلة الحاكمة ويحمل بالتحديد إسمها، "نهيان" من صلب نهيان.

لأنّه بالنهاية فإن بلادها، بريطانيا العظمى، هي التي أرضعت من "حليبها" معظم إن لم يكن كافة العائلات الحاكمة في دول الخليج، تعرفهم فردا فردا "من المهد إلى اللحد"، وتعرف نقاط قوّتهم ومواطن ضعفهم.  

أرضعتهم وفطمتهم ونصّبتهم أمراء وملوكا في الصحاري والبراري الشاسعة، التي أنبتت زيتا وغازا ونفطا وعروشا و"فخفخة" وقصورا ويخوتا وطائرات وحمّامات مذهّبة وموائد مما لذ وطاب، وتحكّما في رقاب العباد وفي كنز خيرات البلاد، وإعتبارها "مكاثي" ومزارع خاصة لهم ولأولادهم ولأحفادهم، إلا من رحم ربّي.

اخر الأخبار