من يراهن على نتائج الانتخابات الأمريكية خائب وخاسر

تابعنا على:   17:33 2020-11-02

رامز مصطفى

أمد/ الانتخابات الأمريكية التي ستجري بعد ساعات ، ليست كسائر الانتخابات التي تجري في كل دول العالم ، بما فيها الدول العظمى . وهي أشبه بلعبة سباق الخيل ، التي تجذب الكثير من المراهنين على أيٍ من تلك الخيول ستفوز في نهاية السباق . فالخيول هنا الحزب بمرشحه دونالد ترامب ، والحزب الديمقراطي بمرشحه جون بايدن ، والمراهنين زعماء ورؤساء دول وأحزاب في العالم ، بأيديولوجياتهم واقتصادياتهم وخياراتهم ومعسكراتهم ، وبتنوع ثقافاتهم ودياناتهم ولغاتهم ، وتلونهم العرقي والإثني والطائفي والمذهبي ، وبتوحشهم وطغيانهم وفاشيتهم . وكلٍّ من خلفية حساباته ومصالحه .

من بين كل هؤلاء المراهنين ، تقف الرسمية الفلسطينية بينهم يتيمة في بازار الرهانات الخاسرة على تلك الإدارة ، سواء كانت جمهورية أم ديمقراطية ، لأنهما يضعان في أولوياتهم كيفية كسب الصوت اليهودي كضمانة لنجاحه ووصوله إلى البيت الأبيض .

ولو عدنا إلى 29 عام من اليوم ، فإنّ من رعى مؤتمر مدريد للتسوية في أوائل التسعينات ، وجمع فيه العرب ، بما فيهم قيادات فلسطينية ، مع قادة الكيان الصهيوني ، هو جورج بوش الأب الجمهوري . وبيل كلينتون الديمقراطي ، هو من رعى التوقيع على اتفاقات " أوسلو " العام 1993 ، وهو أيضاً الذي جهد لفرض تسوية نهائية في كامب ديفيد لصالح العدو الصهيوني ، والتي كان مقرراً لها أمريكياً وصهيونياً ، أن تنتهي بالتنازل عن القدس والتخلي عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين . أوليس الجمهوري بوش الإبن ، هو من رعى مؤتمر أنابوليس في تشرين الثاني من العام 2007 ، لفرضّ خارطة طريق ، تتفق ورؤية الكيان على حل الصراع على حساب الفلسطينيين ، من خلال ما سمي ب" حل الدولتين " . وبالتالي هو من دمّر العراق واحتلت جيوشه هذا البلد العربي ، ونهب ثرواته النفطية ومقدراته ، وقتل ما يُقارب المليون عراقي ، بذريعة الأسلحة الكيماوية ، ثبُتّ كذبها على لسان كولن باول الذي كان يشغل وزيراً لخارجية إدارة بوش الإبن ، الذي اعترف أنّ المخابرات المركزية قد قدمت له أدلة مفبركة لا تمت للحقيقة بشيء . وذات الإدارة ورئيسها هي من غطت العدوان الصهيوني على لبنان في تموز 2006 ، لتحقيق أهداف اعترف إليوت أبرامز نائب مستشار الأمن القومي ، حين كتب : " فشل الجيش الإسرائيلي في إلحاق الهزيمة بحزب الله عام 2006 ، منعَ الولايات المتحدة من تحقيق الأهداف السياسية المرسومة للحرب ، في لبنان والمنطقة " .

أما الرئيس أوباما الديمقراطي ، وعلى الرغم من التزامه حل الدولتين ، غير أنه قد ذهب في تصريحاته إلى فقدان الأمل به ، بعد الزيارات المكوكية لوزير خارجيته جون كيري ، الذي قاد مفاوضات بين السلطة والكيان الصهيوني في نيسان 2014 ، وصلت إلى طريق مسدود . وهي من عمدت إلى إشهار الفيتو ضد عضوية فلسطين في اليونسكو ، والتهديد بإشهاره ضد طلب التصويت على عضوية دولة فلسطينية في الأمم المتحدة ، وإقرار قانون بعدم الاعتراف بقضية اللاجئين الفلسطينيين ، والتلويح بوقف مساهماتها المالية للأمم المتحدة في حال تمرير الطلب . وكذلك استصدار قرار بعدم مقاطعة المنتوجات الزراعية للمستوطنات ، ومعاملتها كالمنتوجات الزراعية في الكيان ، وتقديم المزيد من المساعدات للكيان ، والتزامه أمن الكيان ، والاستمرار في جعله متفوق عسكرياً ، على الرغم من الخلافات الحادة بينه وبين نتنياهو . وبالتالي من دمر المنطقة تحت أكذوبة ما يسمى ب" الربيع العربي " ، بهدف تقسيمها على أساس عرقي وإثني وطائفي ومذهبي ، واستجلاب كل مرتزقة وإرهابيي العالم إلى سوريا لإسقاطها .

ومن أوجد داعش ، حيث اعترفت هيلاري كلينتون يوم كانت وزيرة للخارجية في عهد أوباما ، في كتابها " خيارات صعبة " ، " أنّ أمريكَا قد درست هذا المشروع وأحالته على التنفيذ ، وقد كان منتظراً أن تقام هذه الدولة بسيناء المصريّة ، غيرّ أنّ المخطط قد فشل بقيام الحراك المصريّ الذي أسقط الرئيس السابق محمّد مرسِي " . وتضيف " شاركنا في ما جرى بالعراق وسورية وليبيا، لكنّ ما قام بمصر أضاع كلّ شيء.. وقد فكرنا في استخدام القوّة ، لكنّ الجيش المصري فطن لتحركاتنا بمياه البحر الأبيض المتوسط قبالة الإسكندريّة ، جعلنا ننسحب لمعاودة إستراتيجياتنا " . وهذا ما دفع المرشح الجمهوري للرئاسة في البيت الأبيض جيب بوش ، شقيق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ، إلى تحميل إدارة باراك أوباما مسؤولية انتشار التطرف الإسلامي في الشرق الأوسط .

ولا داعي للتذكير بما قامت به إدارة الرئيس ترامب الجمهورية من سياسات صبت جميعها في صالح كيان الاحتلال الصهيوني على حساب عناوين القضية الفلسطينية ، عبرّ ما سمي ب" صفقة القرن وخطة الضّم " ، وبالتالي دفع العديد من الدول العربية إلى التوقيع على اتفاقات التطبيع مع الكيان الصهيوني.

إذا كانت هناك ثمة من رهانات على الانتخابات الأمريكية التي ستجري بعد ساعات ، من قبل السلطة الفلسطينية ورئيسها وفريقه السياسي ، فهي خائبة وخاسرة ، ولن تقدم للقضية إلاّ المزيد من التبديد وإضاعة الوقت الذي ينفذ على حساب حقوقنا وتطلعاتنا . فكلا الحزبين وجهان لعملة صهيونية واحدة ، الفارق الوحيد بينهما في وضوح السياسات الأيلة للتطبيق ، فإدارة الرئيس ترامب تعاطت بوضوح وصل حد الفجور في تعاطيها مع قضيتنا وقضايا المنطقة عموماً . وإذا ما نجح جون بايدن الديمقراطي ، ستلبس إدارته القفازات لتكمل ما بدأته إدارة الرئيس ترامب.

اخر الأخبار