أزمة الوطنية في القيادة الفلسطينية

تابعنا على:   16:33 2020-11-20

د. محمود الأسطل

أمد/ الوطنية هي حالة قائمة بذاتها لا تتاثر بما يجري في الوطن من ماسي وحروب وأنظمة حاكمة، هي قناعة وجودية تساوي احساس الفرد بذاته، لا ذات بلا وطن ومن صور تجليات الوطنية الاحتفاء بالتاريخ الوطني ذكرى ثوراتهم وبطولاتهم الوطنية، المتشبعين بحب الوطن يقدسون هذه الذكريات العظيمة ويمارسون اقصى درجات استحضار الوطن فيها وايضا الاحتفاء بالرموز الوطنية والدفاع عنها في كل وقت ومقام، وتربية النشء على تاريخهم الوطني وحثهم على نقله عبر الاجيال، فالتاريخ والجغرافيا هي الخيط السحري الذي يربط الناس إلى الوطن، لا شيء آخر يربط الناس به، لا نظام الحكم ولا الاقتصاد، الناس يعشقون أوطانهم سواء حكمت بديكتاتور او بديمقراطية، يجمع الناس تاريخهم الوطني، يتعلمون منه كيفية النهضة والتطور العلمي والاقتصادي وكيفية الثورة على المغتصبين والظالمين.

بينما يصعب على من نقصت وطنيته ان يشعر بقيمتها، فيتهكم ويسخر من بطولات التاريخ الوطني، قائلا إن هو إلا كذب ونفاق وتزوير، هؤلاء المنفصمين عن حقيقة الوطن، لن يستنكفوا ان يخونوه في اي لحظة، ولن يترددوا في بيعه متى قبضوا الثمن، هم عالة على الأمة وخونة لتاريخها.

والفلسطينيون معروفين بالوطنية والتضحية والفداء، ونضال اجدادنا وتضحياته ضد الانتداب البريطاني هو اعظم دروس الانتماء للوطن والدفاع عنه، فقام واشعل هبة البراق، وثورة يافا، وثورة النبي موسى، والثورة الكبرى 1936، وانتفاضة 1987، وانتفاضة الاقصى 2000 جميعها لوحات نادرة في الشجاعة والتضحية والوطنية والكرامة، هي امتداد طبيعي لنضالات الأجداد. كما مثل النضال السياسي الذي قادته منظمة التحرير في الخارج في التمسك والدفاع عن حوق الشعب الفلسطيني التاريخية حلقة من حلقات هذه الوطنية العظيمة التي وحدت ضمير الامة وعززت من قيمة الوطن داخل ذات الشعب الفلسطيني فكل هذا التاريخ هو خيط واحد غير منفصم.

ومنذ رحيل القيادة الوطنية ورموزها أمثال الشهيد ياسر عرفات والشهيد احمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، وابو علي مصطفى، ونحن نعاني من أزمة قيادة وطنية وحدوية تحمل هم الوطن وهموم ابناؤه، تنتمي للوطن مخلصة له ولدماء الشهداء وتضحيات الجرحى والاسرى، قيادة راشدة وحكيمة تدير الامور بحكمة وعقلانية بخطط استراتيجة ورؤية استشرافية، تكون على كفاية ودراية بقواعد السياسية واللعب على وترها، تكون منتمية للوطن وللقضية وللامة الاسلامية .

ظننا ان الازمة السياسية التي عصفت بنا منذ تولي ترامب السلطة الى اعلانه نقل السفارة الى القدس ثم مسيرة التطبيع العربي المجاني مع الكيان الصهيوني ستزيد من الوطنية والانتماء للوطن، سوف تجمع كلمتنا وتوحد صفنا ضد المحتل، فتفاجئنا من قادتنا القوميين أنهم يناصبون الوطنية العداء، مفسدين بذلك تاريخنا النضالي، باعتقادي ان استئصال شئفتكم قد اقترب وإن حكمكم الى زوال، وإن الله سوف يسلط عليكم اعدائكم ليخلصنا منكم"اذا ارادنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوها فحق عليهم القول فدمرناها تدميرا".

هذا الوطن ملك لمن يعشقونه بالكامل تاريخا وحاضرا ومستقبلا، لا يبدلونه ولا يعادون تاريخه، وحتما فإن المتشبعين بالوطنية منتصرين، وهذا الوطن باق كما كان قبل عشرات آلاف السنين وباق إلى الابد شامخا وعاليا واسمه فلسطين .

اخر الأخبار