خوارزميات السلم والحرب ومستقبل القضية الفلسطينية

تابعنا على:   15:07 2020-11-27

نضال ابو شمالة

أمد/ دأبت إسرائيل الى إتخاذ خطوات عملية لتقويض حل الدولتين بالتزامن مع إنعقاد قمة بيروت في الثامن والعشرين من مارس 2002،فسارعت الى محاصرة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في مقره برام الله، ونفّذت عملية السور الواقي في الضفة الغربية، ودمرت المقرات الأمنية والمؤسسات المدنية وطاردت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية الى أن تمكنّت من إغتيال أبو عمار في نوفمبر 2004، لينبري بعدها شارون بالإعلان عن عدم وجود شريك فلسطيني للسلام، ويتخذ خطوة الإنسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005 تاركاً خلفه حالة من الإنقسام الوطني الفلسطيني قضى على حُلم الدولة وغيّب معه الرؤيا والهدف الفلسطينينين .

نجحت إسرائيل في خلق رأسين قياديين فلسطينين للتفاوض معهما بالشكل المباشر والغير مباشر، ولم يُفلح أي طرف فلسطيني من إحراز أي تقدم في موقفه أمام التصلب الإسرائيلي، فلا السلطة ومفاوضاتها ودبلوماسيتها أنجزت شيئاً ولا المقاومة في غزة إستطاعت كسر الحصار الظالم ، في الوقت الذي لم تنجح فيه كافة الجهود والوساطات العربية من إنهاء حالة الإنقسام أو إتمام المصالحة الفلسطينية .

مع إستمرار حالة العناد والتخوين المتبادل بين غزة والضفة وإدارة الإنقسام نجحت إسرائيل في بناء جدار الفصل العنصري وسرقة ونهب أراضي الضفة الغربية، ومع وصول الديمقراطيين الأمريكان للبيت الأبيض تعرضت غزة الى ثلاثة حروب خلال فترة ستة سنوات2008/2014 دُمرت خلالها البنية التحتية وخلّفت أكثر من عشرين الف شهيد، وبعد إنتهاء رئاسة اوباما وصعود نجم الجمهوريون للحكم عام 2017 بدأت معالم حل الدولتين يتبخر، فكانت أولى سياسات ترامب الخارجية إعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها،وإعلانه حالة الحرب على اللاجئين الفلسطينين من خلال وقف الدعم الأمريكي للاونروا، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وعقد ورشة البحرين الإقتصادية بهدف مقايضة فلسطين بالمال السياسي، في الوقت الذي فتح فيه أبواب التطبيع الإسرائيلي مع العرب على مسراعية، ومن جانبها إستغلت حكومة الإحتلال الترف السياسي لترامب فأقرت قانون القومية وقرار الضم كما واستمرت في إجراءات تهويد القدس بإعلانها الأخير عن منح الجنسية الإسرائيلية لسكانها الفلسطينين بمعدل 7000 هوية سنوياً، وفي الوقت نفسه تستمر في تهويد الضفة الغربية وخفض مستوى علاقتها مع السلطة الى مستوى منسقها العميد احتياط إكميل أبو ركن.

مع عودة علاقة السلطة مؤخراً مع إسرائيل وفشل جهود المصالحة الفلسطينية التي عادت الى مربعها الأول بقيت الخيارات مفتوحة أمام إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية موجعة لقطاع غزة تختلف هذه المرة من حيث عمليات الإستهداف والإغتيال التي ستطال حتماً هذه المرة قيادات سياسية وازنة وعسكرية ميدانية رفيعة باستخدام سلاحي الجو والبحرية دون اي توغلات برية في عمق قطاع غزة، بينما ستتحفز قواتها البرية لصد أي عمليات إنزال للمقاومة خلف خطوط العدو بعد أن عززت إسرائيل من قدراتها وتقنياتها العسكرية على الحدود الشرقية .

ربما يتوقع البعض عدم نشوب حرباً على جبهة غزة لإعتبارات تتعلق بالتوتر على الحدود الشمالية مع لبنان أو بسبب الحرب في سوريا، وهذا ليس صحيحياً، فلبنان ليس هدفاً لإسرائيل وحزب الله لن يدخل اي معارك إسناد دعما لاي حرب محتملة على غزة هذا ما تؤكده ثلاثة حروب سابقة إضافة الى الأوضاع الإقتصادية والصحية في لبنان ومخرجات حرب 2006 الكارثية على الدولة اللبنانية، واما تهديدات فيلق القدس الإيراني فستبقى في إطار التهديدات ( الفشنك) فهو لم يُطلق رصاصة واحدة على إسرائيل منذ تأسيسه في عام 1979، وفيما يخص سوريا فقد أشبعها سلاح الجو الإسرائيلي قصفاً وقتلاً وتدميراً ولا زالت سوريا في مربع اللا سلم واللا حرب .

خوارزميات السلم و الحرب المعمول بها في المنطقة منذ أربعة عشر عاماً الأخيرة سواء على صعيد الإجراءات الإسرائيلية أو سياسة السلطة الفلسطينية تجاه قضاياها الداخلية وعلاقاتها الخارجية والعربية أو ما يرتبط بالسياسية الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط والمنطقة العربية كلها تصب في مصلحة إسرائيل ولا تخدم القضية الفلسطينية، وهذا يتطلب صحوة فلسطينية جادة وإعادة تقييم سنوات الإنقسام وإفرازاته، وإعادة تحديد الرؤيا والهدف الفلسطينيين من زاوية فلسطينية وطنية بحتة بمشاركة كافة القوى الوطنية والإسلامية وتعزيزها بعمق و حاضنة عربية صلبة دون الإرتباط بإي أجندات إقليمية او إنتظار ما سيقدمه جو بايدن من حلول .

اخر الأخبار