اغتيال زادة واحتمالات الخروج عن المواجهة المضبوطة

تابعنا على:   17:17 2020-11-28

راسم عبيدات

أمد/ إن التخطيط للعمل العسكري ضد محور المقاومة جرى ويجري الإعداد له على قدم وساق بعد هزيمة  الرئيس الأمريكي المتصهين ترامب  في الانتخابات الرئيسية الأمريكية وهناك اكثر من عمل وسلوك أنجزه المحور المعادي لإيران وحلفائها في المنطقة على هذا الصعيد، حيث اعادة انتشار القوات الأمريكية في افغانستان والعراق  وطلب المستوى السياسي في اسرائيل من الجيش ان يكون مستعداً لعدوان أمريكي على ايران، وكذلك نشر القاذفات الأمريكية الإستراتيجية الضخمة (بي 52) في العديد من القواعد في الشرق الأوسط، والتي تحمل قنابل ضخمة قادرة على اختراق الحصون والمخابئ النووية المحصنة تحت الأرض، وتحريك العديد من القطع البحرية الأمريكية خارج مياه الخليج، واعادة الانتشار التركي في الشمال والشمال الغربي السوري حول مدينة إدلب، والتحريض الذي يقوم به ليبرمان زعيم حزب" اسرائيل بيتنا" ضد قوى المقاومة في قطاع غزة، وبالقول بأن حماس والجهاد تملك صواريخ جوالة كالتي بحوزة حزب الله وحركة انصار الله ،وصواريخ كتف وقنابل عنقودية وأسلحة مضادة للطائرات ...الخ.

مع اغتيال العالم النووي الإيراني محسن زادة أبو القنبلة النووية والقائد في الحرس الثوري الإيراني واستشعار الخطر من رد ايراني قادم، حيث تعودنا على إيران ان ترد، ويبدو بان الرد الإيراني سيكون قادماً والأوامر تكون قد صدرت للجيش والحرس الثوري الإيراني برد موجع يوازي الجريمة المرتكبة، وربما أودع في يد الجهات التنفيذية التي ستتولى تحديد شكل وحجم ونوعية ومكان الرد.

ومع هذا التطور الخطير وجدنا بان حاملة الطائرات الأمريكية "نيمتنز" قد دخلت مياه الخليج، وهذا مؤشر على ان الأمور في المستقبل القريب قد تحمل تطورات كبيرة على صعيد المواجهة مع إيران.

الاجتماع التنسيقي لمحور العدوان الثلاثي الأمريكي – الإسرائيلي – السعودي في مدينة نيوم السعودية بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عراب التطبيع العربي مع دولة الاحتلال يوم الأحد الماضي حسم شكل الحرب مع طهران ومحورها، بأن لا تكون حرب مباشرة وواسعة على طهران ومنشئاتها النووية ومخابئ وقواعد صواريخها الباليستية الدقيقة وطويلة المدى، بل عدوان يتم من خلاله تحديد بنك اهداف أمنية وعسكرية وعلماء نوويين  وخبراء ومهندسين في تصنيع المسيرات والصواريخ الباليستية ومراكز وقواعد عسكرية لحلفاء ايران مثل الحشد الشعبي في العراق قيادات عسكرية ل ح  ز ب  ال  ل ه في لبنان وفي سوريا، والعمل على تفعيل الخلايا الداعشية في سوريا والعراق في موجة إرهاب جديدة تضرب البلدين.

جرت الترجمة لنتائج الاجتماع التنسيقي في مدينة نيوم بين أطراف العدوان الثلاثة بن سلمان ونتنياهو وبومبيو بعملية اغتيال رئيس منظمة البحث والإبتكار في وزارة الدفاع الإيرانية محسن زادة في وسط طهران عبر عملية تفجير وإطلاق رصاص مباشر على زادة،لتحدد شكل الحرب القادمة، وبهدف إرسال رسالة واضحة سعودي- اسرائيلية الى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن بان التحالف الإستراتيجي بين البلدين، لا يمكن له الموافقة على العودة للاتفاق النووي مع طهران من جديد.

إذاً هذا الثالوث اختار شكل الحرب والعدوان على ايران وحلفائها في المنطقة بمغادرة العمليات التي لا توجع نحو العمليات التي لا تؤدي الى حرب، ولكن هنا ما هو جوهري ومعروف لهذا الثالوث بأن ايران لن تترك لهذه العملية ان تمر مرور الكرام وبدون رد موجع أو مضاعف ومدى تحمل الحلف المعادي للرد الموجع أو عدم تحمله يحدد ضبط الإيقاعات او عدم ضبطها والإنزلاق الى حرب مدمرة تخرج عن السيطرة،وخاصة بان القيادة الإيرانية بكل مستوياتها مدنية وعسكرية وامنية وحرس ثوري حملت اسرائيل المسؤولية عن هذه العملية بتواطؤ ومساعدة وضوء أخضر امريكي وثمن مالي باهظ قبض من السعودية،ومما تجدر الإشارة اليه ان نتنياهو ذكر اسم العالم النووي الإيراني بالإسم في عام 2018،من سجلات حصل عليها من الجواسيس الأمريكان والأوروبيين الغربيين العاملين بما يسمى بوكالة الطاقة الذرية،وايران مجربة في هذا المجال فمن بعد عملية اغتيال قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وابو المهدي المهندس قائد الحشد الشعبي في العراق يناير/2020،كان جزء من الرد الإيراني بإستهداف اكبر قاعدة أمريكية في العراق " عين الأسد" وملاحقة المشاركين في عملية الإغتيال أنفسهم في أمريكا تمهيداً لتصفيتهم،وايران التي أسقطت " الغلوبل هوك" أحدث طائرة تجسس أمريكية اخترقت اجوائها،اعتقادي الجازم بأن ردها النوهي والمؤلم لن يطول ،وتقديراتي بانه مع نهاية العام الحالي سيكون الرد.

عمليات الاغتيال الإسرائيلية بحق العلماء العرب والمسلمين والخبراء والمهندسين وكذلك من يعملون على تطوير المنظومات الصاروخية والقتالية والصواريخ الباليستية والمُسيرات وكل ما يتصل بالتطور العلمي والتكنولوجي والفضائي وتطوير البرامج والأبحاث النووية لاستخدام التكنولوجيا النووية، وكذلك اغتيال القادة العسكرين الذين يلعبون دوراً بارزاً في قيادة محور المقاومة ضد الأهداف والأطماع الإمرو صهيونية في المنطقة ،كانوا دائماً على قائمة الاغتيالات الإمرو صهيونية ،ففي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي تبنى خط كفاحي وعسكري متعارض مع الأهداف والمخططات الأمريكية وسعى لكي يقود مشروع قومي عروبي تحرري يوحد امة العرب من محيطها لخليجها ويعمل على تحرير ما احتل وسلب من أرضها، تعرض  للعدوان والحصار  والتحريض من قبل أمريكا واسرائيل، وقامت اسرائيل باغتيال العديد من العلماء المصريين حتى العلماء الألمان الذين عملوا في مراكز البحث المصرية وتطوير تكنولوجيا الصواريخ تعرضوا للمطاردة والاغتيال، وكذلك من بعد غزو العراق عام 1991 ومن ثم احتلاله عام 2003 تحت حجج وذرائع كاذبة بامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، جرى اغتيال عشرات العلماء والخبراء العراقيين في مجال البحث والتطوير الصناعي والعسكري والنووي، وكذلك جرى اغتيال قادة عسكريين أقلقوا مضاجع دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية مثل الشهيد عماد مغنية  القائد العسكري في ح ز ب ا ل له ومحور المقاومة، الذي اغتيل في دمشق اواسط شباط 2008 بتفجير سيارة، وكذلك جرى اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري في العاصمة التونسية في أواسط كانون أول/2016 والذي عمل في تطوير الصواريخ البالستية مع ح م  ا س في قطاع غزة، بنفس الطريقة التي اغتال فيها الموساد العالم النووي الإيراني فخري زادة، وأيضا جرى اغتيال عالم الفيزياء النووية الفلسطيني فادي البطش 21/4/2016 في العاصمة الماليزية كوالالمبور بإطلاق الرصاص عليه من خلال شخصين استقلا دراجة نارية، في حين كانت عملية الاغتيال الأبرز والتي جرت في اوائل العام الحالي باغتيال قائد فيلق القدس ومحور المقاومة الشهيد قاسم سليماني ومعه نائب رئيس الحشد الشعبي في العراق ابو المهدي المهندس عبر قصف جوي أمريكي استهدف سيارتهما في العاصمة العراقية بغداد.

اغتيال العالم النووي فخري زادة لن يكون الأخير في مسلسل الاغتيالات الإسرائيلي-الأمريكي لخبراء وعلماء ومهندسين وقادة عسكريين عرب وايرانيين من محور المقاومة، فقد جرى اغتيال خمسة علماء وخبراء ايرانيين في مجال الفيزياء والأبحاث والبرامج النووية في اعوام 2010 و 2011 و 2012 ،ولن تكون عملية اغتيال العالم النووي فخري زادة الأخيرة في الصراع الدائر بين طهران ومحور المقاومة مع دولة الاحتلال وأمريكا وتوابعها من المشيخات العربية الذليلة والمنهارة.

لماذا اغتيال العلماء والخبراء والقادة العسكريين...؟؟

الاستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية في مواجهة القدرات الفكرية والبشرية لمحور المقاومة تقوم على الإغتيال والتصفية فالعجز عن مواجهة او العرقلة او الحد من منجزاتهم يعني اللجوء الى تنفيذ عمليات الإغتيال بحقهم.

 واشنطن وتل ابيب تريان في امثال فخري زاده وسليماني وسماحة الشيخ حسن وغيرهم من قادة وعلماء وخبراء ومهندسي تكنولوجيا وخبراء أسلحة وباحثين في مجال الفيزياء النووية والعاملين في تطوير المنظومات الصاروخية والطائرات المسيرة نقطة الارتكاز الأساسية للقدرات الإيرانية ولمحور المقاومة في المواجهة الإستراتيجية ضدها.

هذا العمل الإستثنائي من قبل نتنياهو وترامب ومعهما بن سلمان اتى بهدف عرقلة عملية إعادة التوازن إلى العلاقات الدولية في المنطقة، والمرتبطة بالاتفاق النووي الإيراني، والتي من المرتقب أو المرجح عودتها مع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن، والتي لن تحظى حتما بموافقة نتنياهو.

عبر هذه الإتجاهات الثلاثة جاءت عملية اغتيال العالم النووي الإيراني واكثر قادتها تأثيراً في المجال النووي،ولذلك لا يمكن لإيران ليس من اجل الحفاظ على توازن الردع وعدم تغير المعادلات  والثأر الشخصي لشخصية هامة مثل زادة،بل من أجل سيادتها وكرامتها ومصداقيتها ان لا ترد على هذه العملية الإرهابية الجبانة، والرد الإيراني لن يكون رد غير موجع او شكلي،بل رد بحجم الجريمة او مضاعف لها،ولكن ردود ايران لا تكون ارتجالية وعفوية على غرار "طاب الموت يا عرب" او"عالقدس رايحيين شهداء بالملايين"،بل ناسج السجاد العجمي الإيراني لا يستعجل الوقت،حتى تخرج السجادة بالشكل والسعر التي يليق بها ،ولكن هذا لن يكون طويلاً جداً.

والان السؤال المركزي المطروح وبعد عملية اغتيال  الموساد بتواطؤ  ومساعدة ومشاركة أمريكية وضوء اخضر من الإدارة الأمريكية للعالم النووي الإيراني رئيس منظمة البحث والإبداع في وزارة الدفاع الإيرانية محسن زادة،والرد الإيراني المتوقع عليها والذي نعتقد بان سيكون موازٍ ان لم يكم مضاعفاً للجريمة المرتكبة،هل سيتحمل الحلف المعادي الضربة ويستوعبها ..؟؟،ام أن الأمور ستتدحرج الى حرب واسعة لا تطال منطقة الخليج فقط،بل ستغطي كامل منطقة الشرق الأوسط ..!!،الإجابة على هذا السؤال ستكون  ما بعد الرد الإيراني واظن بان الأمور باتت تقترب من عدم الخضوع للإيقاعات المضبوطة والمواجهات المحدودة.

واختم بما قاله السيد علي الخامنئي لجهة قوله بأن ايران " جربت المفاوضات من أجل رفع العقوبات ووقف التدابير الكيدية،لكنها لم تحصل على نتيجة وبات عليها ان تجرب غيرها وأضاف "رغم أن الحل الآخر سيكون مؤلماً في البدء إلا أنه سيأتي بنتائج سعيدة؟.

كلمات دلالية

اخر الأخبار