دولة فلسطين ليست "منحة إسرائيلية" ولن تكون ...يا أنت!

تابعنا على:   08:00 2020-12-05

أمد/ كتب حسن عصفور/ في مفاجئة لم تخطر ببال طفل فلسطيني، أنه قد يسمع يوما وزير خارجية عربي يتحدث بطلاقة لسان عبر لغة الفرنجة، أن " إسرائيل يمكنها أن تصبح بلدًا طبيعيًا إذا منحت للفلسطينيين دولتهم المستقلة".

عبارة لم يسبق لأي عربي أي كانت صفته، أو موقفه من الشعب الفلسطيني وقضيته استخدامها، فما بالنا ونحن نسمعها من وزير خارجية السعودية، المفترض انه على صلة يومية بتطورات الأحداث السياسية، وأنه يعلم بحكم القراءة أو الوظيفة، والمتابعة لنشاطات المؤسسات الدولية، أن هناك احتلال إسرائيلي لأرض فلسطين، وكل ما هو فوق هذه المعمورة (عدا فئة ضالة) يعلن أنه احتلال غير شرعي ويجب أن ينتهي.

إعلان وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ان بلاده لديها "رؤية" تجعل من إسرائيل بلدا "طبيعيا" لو "منحت" الفلسطينيين دولة...هكذا وبلا أي "لعثمة سياسية" يرى وزير أحد أكبر الدول العربية، التي تدعي أنها من الحق الفلسطيني، أن الأمر تحول من صفة دولة احتلال لشعب وأرض الى محاولة الاستجداء بحثا عن "منحة" أو "هبة" تتكرم بها دولة جرائم الحرب في العصر الحديث.

خطاب الوزير السعودي، يمكن اعتباره أحدث "فضائح السياسة" التي بدأت تنطلق بلا حساب في منطقتنا، وكأن البعض كان مصابا بعقدة كبت خاص بالبعد عن دولة الكيان، أصبح الهدف كيفية استرضاء دولة الاحتلال الأبرز في عالمنا، وتجاهل أصل الصراع القائم، رغم كل ما تم توقيعه من اتفاقات معها، ولن تتغير قواعده أيضا ما دام أس القضية خارج الحل الممكن.

تصريحات الوزير السعودي، ليس "رؤية استجدائية" فحسب، بل تمثل إهانة تاريخية للشعب الفلسطيني ونضاله، وثورته المعاصرة التي رسمت خطا فاصلا بين الخنوع والتمرد الثوري على واقع الهزيمة، وكل تضحيات قدمها شعب فلسطين في مسار المواجهة – المقاومة للعدو القومي، احتلالا واغتصابا.

البحث عن صناعة السلام لا تعني اندفاع بعض ساسة العرب لأن يبحثوا سبلا بالنيل من القضية الفلسطينية، لتبرير ما يفعلون، رهبة من شعوب أمة، أو تاريخ لن ينسى، والاختباء وراء بعض العبارات فاقدة القيمة لا يمكن له أن يمر مروا عابرا.

الشعب الفلسطيني يبحث حقا وطنيا، وليس "استجداءا سياسيا"، من هذا الدولة أو تلك، وثقافة "التوسل" ليست جزءا من تراثه وتاريخه، فهو دوما كان وسيبقى عنوانا للثورة والكفاح، ولن تكسره لحظة "خمول" سياسي لقيادة حساباتها مرتعشة في لحظات مصيرية، وفي زمن نكبة انقسامية، سمحت لكل "عابر سبيل سياسي" ان ينال من الفلسطيني، قضية وهوية وتاريخ، دون أن يحسب حسابا لردع شعبي يستحقه كل متطاول.

أقوال بن فرحان، يجب أن تمثل طاقة استفزاز للشعب الفلسطيني دفاعا عن تاريخ وهوية، كي يعلم البعض فاقد الذاكرة، والمصاب بهوس "التفرنج السياسي" أو "العبرنة المستحدثة"، ولو أن الأمر كان ما راه الوزير السعودي، بحثا عن رضا دولة الكيان لمنح الفلسطيني "هبة" أو "منحة" سياسية لما احتاج الأمر نصيحته "الفريدة"، بل لتم تسوية الأمر بسهولة تفوق كثيرا قدرة التفكير الذاتي عند بعضهم.

ليت البعض العربي يذهب كما يريد لـ "مرحلة العبرنة المستحدثة" بعيدا عن فلسطين القضية والهوية، فالشعب الفلسطيني لا ينتظر "دروسا سياسية" خارج السياق التاريخي، ولعل مسار كل ما سبق أكد لمن لم يتأكد أو يتعلم أن دروس الثورة الفلسطينية كانت علامة فارقة لكثير من شعوب الكوكب الأرضي.

ربما لا نلوم حديثي الحضور السياسي، ولكن نتمنى من الجامعة العربية ان تقوم بتوزيع "مدونة سلوك سياسية"، ووضع تعريفات عن فلسطين بأنها القضية المركزية للصراع..وأن إسرائيل دولة احتلال واغتصاب ، وأن دولة فلسطين هي حق وافقت عليها الأمم المتحدة في قرار 19/ 67 عام 2012، وهي قائمة باعتراف دولي يفوق من يعترف بدولة الكيان، والمطلوب فرضها واقعا، وأن الحق السياسي ليس هبة أو منحة من هذه الدولة أو تلك...

وكأن أقوال وزير بحريني عن "شرعية المستوطنات" رغم النفي اللاحق، كان إشارة إنذار مبكر لفتح مسار جديد في قطار التطبيع لطمس ملامح جوهر الصراع والقضية الفلسطينية.

الى بعض "الأشقاء"...دولة فلسطين قادمة وليس "منحة" من عدو بل بقبضة "شعب الجبارين"...فطائر الفينيق خالد في كل فلسطيني...الكرامة الوطنية ليست سلعة ولن تكون..يا أنتم ومن كنتم!

ملاحظة: لو كان اسم الطفل الفلسطيني علي أيمن أبو عليا، الذي اغتالته قوات الاحتلال جهارا نهارا، شلومو بوعلييياـ لما نام رئيس أمريكا أو غربي أو بعض عربي دون أن يبكي "قطف حياة الطفولة"...تخيلوا ولا إدانة عربية صدرت حتى ساعته!

تنويه خاص: غريب هذا "الحرص الأمريكي المفاجئ" لكسر العزلة القطرية قبل رحيل ترامب...معقول "الرشاوي" وصلت الى بلادنا كما هي في البيت الأبيض..يبدو ذلك فما في غريب غير الشيطان صراحة!

اخر الأخبار