حيل المستوطنين في سرقة الارض

تابعنا على:   15:40 2020-12-05

د. خالد معالي

أمد/ يتغول الاستيطان ولا يتوقف عن التوسع في مختلف مناطق الضفة الغربية كل ساعة، مستخدما كل طرق التزوير والتزييف والحيل، ما عرف منها، وما خفي وبطن، ويبث اشاعات وحرب نفسية عبر الطابور الخامس يرددها بعض الجهلاء والبسطاء مثل عبارة: "مهي مبيوعة" – هو باطل هذا ان حصل من أصله- كي تهتز وتتصدع الجبهة الداخلية الفلسطينية في مقاومة وتحدي الاستيطان، والذي بات خطر حقيقي محدق ويمنع اقامة دولة فلسطينية متواصلة الاطراف، قابلة للحياة.

احد اساليب المستوطنين الشائعة، هو اسلوب تزوير الوثائق واثبات الملكية التي تعود أصلا للفلسطينيين، ومن ثم تحويل الملكية للمستوطنين بالتزوير وبطرق ووسائل ماكرة لاضفاء صبغة قانونية شكلية على سرقتهم لأراضي المواطنين لصالح التوسع الاستيطاني.

بحسب متابعتي وبحثي حول الاستيطان، فان ما بني  على باطل  فهو باطل، والقانون الدولي وكافة الشرائع والمواثيق الدولية ومجلس الامن والامم المتحدة تعتبر الاستيطان باطل قانونيا وسياسيا، ومن هنا فان وجود المستوطنين باطل وبيعهم او الشراء منهم يعتبر باطلا ايضا، هذا ان حصل بيع من أصله.

في احيان اخرى تقوم شركات "استيطانية" بشراء أراضي الفلسطينيين عبر صفقات مزورة تضفي عليها صفة القانون؛ وفي أحيان كثيرة دون علم صاحب الارض الأصلي؛ والذي يتفاجأ ان ارضه التي ورثها أبا عن جد صارت بين عشية وضحاها للمستوطنين.

كما يتم  نشر إعلانات "إسرائيلية" من قبل ما يسمى بدائرة تسجيل الأراضي "الإسرائيلية" في الصحف، تفيد بأن شركات "إسرائيلية" تريد نقل ملكية هذه الأراضي لصالحها بحجة أنها ابتاعتها من أصحابها، حيث تدعي هذه الشركات "الإسرائيلية" شراء الأرض قبل نحو ثلاثة عقود مثلا، مستدلة ببصمات البائع على هذه الأوراق والذي قد يكون ميت قبل ذلك، او تم اخذ بصمته وهو ميت قبل دفنه، وغير ذلك من  طرق واساليب التزوير.

وعن سبب نشر الإعلانات في الصحف، فان الإعلان إلزامي لتتم عملية التسجيل وفقا للقانون "الإسرائيلي" وهو هنا باطل بحسب القانون الدولي الانساني، حيث يتعمد نشرها بالتزامن مع أيام العطل الفلسطينية بصحف قد تكون فلسطينية، وبحروف صغيرة وبشكل مخفي في نهايات الصحف، بطريق ماكرة والتفافية.

كما ان سلطات الاحتلال تتعمد "تعجيز" اصحاب الاراضي الفلسطينيين الذين يعترضون على المصادرة والبيع المزيف، بان تطالب لمن يعترض على المصادرات والصفقات وسرقة ارضه؛ ان يحضر الى المحكمة حصر إرث لأشخاص تُوفّوا منذ فترة طويلة، وما يُعرف بإخراج القيد، إضافة لمخطط المساحة للأرض الواقعة أصلا داخل حدود المستوطنات والجدار، ولا يتمكن أصحابها من الوصول لها مطلقا، ومطالب تعجيزية أخرى.

واذا ما فشلت سلطات وشركات الاحتلال بأخذ الأرض عبر هذه الصفقات المزورة، فإنها تتذرع بقوانين  الاراضي الاميرية او اراضي دولة، او املاك غائبين، والتي تبيح لها استملاك الأرض البور "غير المعمرة"، لمدة ثلاث سنوات ان لم تعمر خلالها،  أو تستغل قضية غياب جزء من الورثة وتحولها لأملاك غائب، أو تهودها لأغراض عسكرية مختلفة.

من طرق التزوير، هو ما يسمى بشركة (الوطن)، والتي تحمل اسما عربيا بهدف التضليل والتابعة لحركة الاستيطان الاسرائيلية 'أماناه'، والتي ادعت انها امتلكت في عام 2013، قسائم الأراضي التي اقامت عليها حي 'جبعات هأولفناه' في مستوطنة بيت ايل. لكنه تبين لاحقا من وثائق تم تقديمها للشرطة أن الشخص الذي تدعي الشركة شراء الأرض منه، توفي منذ زمن بعيد ولا يمكن ان يكون قد باع أرضه.

بالرغم ان سلطات الاحتلال يمكنها ان تزور وتسرق وتنتزع ملكية الاراضي غضبا وقهرا؛ الا انه يجب على المواطنين توثيق ملكيتهم بكل الطرق وعدم السكوت عن ذلك في مواجهة غول الاستيطان، وملاحقة سلطات الاحتلال قانونيا، محليا ودوليا؛ كون ذلك يصعب عليهم سرقة الاراضي، ويمكن ارجاعها ولو في حالات قليلة، الى ان يتم تحرير الارض منهم وكنسهم لمزابل التاريخ.

في كل الاحوال لا يجب الاستسلام لسلطات الاحتلال رغم انهم بالقوة يستطيعون ان يفعلوا ما يريدون، فالسلطة الوطنية استطاعت الكشف عن صفقات تزوير عديدة وتبطلها، لبيع الاراضي ونقل ملكيتها لشركات "اسرائيلية" بهدف بناء وحدات استيطانية في محافظت الضفة من بينها محافظتي قلقيلية وسلفيت شمال الضفة الغربية، فالشركات "الاسرائيلية" تتعامل مع جهات في الادارة المدينة "الاسرائيلية" وجهات متنفذه في الجيش .

شركة تدعى "أحراش القناة" كانت قد اعلنت ملكيتها لأكثر من 45 دونما في واد إسماعيل شمال غرب بلدة الزاوية تتبع لعائلة أبو نبعة، وتقع خلف الجدار، بمحاذاة مستوطنة "القناة"، حيث احتجت العائلة على مصادرة أراضيها من قبل الشركة الوهمية واستطاعت اعادتها بعد كشف التزييف.

لافشال المصادرات والسرقات على المواطنين إلى التوجه إلى اللجان القانونية كل في مقر محافظته للتصدي ومواجهة مزاعم الاحتلال والمستوطنين، فدولة الاحتلال تريد بتعاملها مع القوانين الظهور بأنها تتعامل مع القوانين المحلية والدولية لتشريع ما تم الاستيلاء عليه واغتصابه لتثبت للعالم أنها دولة قانون.

في المحصلة لا يمكن ولا يعقل ان يقوم فلسطيني بالغ وعاقل وحر وشريف، ببيع ارضه مهما اغراه المال، فمن يقدم روحه وابنه شهيدا لا يمكن ان يقدم ارضه لمحتلية ومغتصبيه وقاتليه، وان حصل فهو من قلة قليلة معدودة على الاصابع عدا، تم تضليلها واغرائها، وحسابها عسير عند الشعب،" ويوم القيامة يردون لاشد العذاب".

كلمات دلالية

اخر الأخبار