أصعب مهمة لمرء ما هي أن يكون قائدا فلسطينيا. لماذا ؟!

تابعنا على:   22:13 2020-12-05

د. عبد الرحيم جاموس

أمد/ القيادة ليست تشريفا لمن يتولها أو يتقلدها في أي مجتمع أو أي مكان كان، إنما هي تكليف واستحقاق في آن واحد معا، يُكلف بها من يستطيعها ويستطيع تحمل اعباءها وتأدية واجباتها واستحقاقاتها على أكمل وجه ممكن، وهي استحقاق لمن تتوفر فيه أو لديه القدرة والمشروعية لتوليها ومزاولة مهامها برضا ممن يتولى قيادتهم سواء على مستوى عائلة أو قبيلة أو ناديا رياضيا أو مرفقا خاصا أو عاما وصولا إلى رئاسة بلدية أو حكومة أو أي مستوى سياسيا كان رسميا أو شعبيا وصولا إلى رئاسة دولة وزعامة شعب أو أمة ...!
إن تقلد مواقع المسؤولية والقيادة في مجتمعات مستقرة ومستقلة وتتوفر على نظام مستقر تحكمه منظومة إدارية وقانونية ودستورية مقوننة وأعراف وتقاليد متعارف عليها بلا شك سوف تكون مهام القيادات فيها على اختلاف مستوياتها من القاعدة إلى القمة اسهل وأوضح منها لدى مجتمعات أخرى تفتقد إلى ذلك، حيث تكون طرق تولي القيادة والمسؤولية فيها أكثر وضوحا وفق ما اتفق عليه من أنظمة وقوانين تنظم ولوجها وتوليها سواء بالتعيين وفق شروط معينة أو بالإنتخاب والإختيار في كل مستوى من مستوياتها كما أسلفنا أعلاه.
لذا في ظل الأوضاع الإستثنائية للشعب الفلسطيني التي لا تشبه وضع أي شعب آخر مستقر في وطنه ويعيش في دولة مستقلة، بسبب ما تعرض ولا زال يتعرض إليه من عدوان صهيوني استعماري عنصري تجاوز قرن طويل من الزمن، يضاف إلى ذلك ما لحق بالشعب الفلسطيني من تشرد ولجوء وتشتت داخل الوطن وخارجه مما جعل الشعب الفلسطيني الأكثر تعرضا لتأثيرات ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية خارجية مختلفة، تؤثر فيه بشكل أو بآخر(فيه أو في فئات وتيارات وقوى متعددة منه)، رغم ما أحدثته الثورة الفلسطينية المعاصرة والمؤطرة في إطار م.ت.ف كممثل شرعي وحيد له من تحولات وصهر وتوحيد وتقارب بين فئاته وقطعاته على اختلاف أماكن تواجدها تحت الإحتلال في الوطن وفي مناطق اللجوء والشتات، يضاف إلى ذلك بناء أول سلطة فلسطينية على جزء يسير من وطنه بقيادة م.ت.ف بموجب اتفاق أوسلو ... إلا أن عدم وصول الشعب الفلسطيني إلى حالة الإستقرار والإستقلال التام و الناجز يبقي الحالة الفلسطينية حالة استثنائية على مستوى مختلف درجات القيادة والمسؤولية لما يواجهها من عقبات وعوائق ومعيقات نوعية تختلف عن أية معوقات وعقبات عادية تواجهها القيادات المسؤولة لدى المجتمعات الأخرى المستقرة والمستقلة.
إن مهام القيادة والمسؤولية لدى أو عند الشعب الفلسطيني هي من أخطر وأصعب مهام القيادة والمسؤولية على الإطلاق، فمتطلباتها كثيرة وعديدة ومتنوعة وواجباتها كبيرة وبالغة الخطورة وبالتالي تكون انجازاتها متواضعة دائمة أمام حجم المتطلبات والإستحقاقات التي يتوجب تحقيقها وينتظرها الشعب الفلسطيني ممن يتولى المسؤولية والقيادة لديه في كافة مستوياتها ومراتبها سواء كانت شعبية أو رسمية ومن مستوى الخلية الإجتماعية الصغرى والنقابة والحزب والفصيل إلى مستوى المجالس البلدية أو الحكومية إلى رئاسة السلطة والدولة وقيادة الحزب والفصيل إلى قيادة م.ت.ف وقيادة الشعب وزعامته، لأن الإنجازات سوف تقاس دائما من قبل المراقبين ومن قبل الشعب الفلسطيني بمدى تحقق الغايات والأهداف التي على اساسها اسندت المسؤولية والقيادة لمن يتولاها من الأهداف الحياتية اليومية والى الأهداف والغايات الإستراتيجية الكبرى للشعب الفلسطيني والمتمثلة دائما في وضع حدٍ نهائي لمعاناته الناتجة عن العدوان الإستعماري الصهيوني عليه والمستمر والمتواصل منذ أكثر من قرن، تلك الأهداف الكبرى المتمثلة في تحقيق حقوقه المشروعة ومدى الإقتراب أو البعد عنها والتي تتبلور مرحليا في تحقيق المساواة وإنجاز حق العودة للاجئين وإنهاء الإحتلال وكنس الإستيطان وتقرير المصير واقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس كل ذلك في ظل موازين قوى مختلة لصالح العدوان وكيانه المدعوم من القوى الإستعمارية، هذا ما يحتم استمرار مراجعة السياسات والخطط والإستراتيجيات الفلسطينية المتبعة في كل المستويات والمؤسسات والبنيات الخاصة بالعمل الوطني ... والعمل على تطويرها لتعزيز وحدة الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده في وجه العدوان بكل السبل وتفعيل وتجميع كافة الطاقات الفلسطينية الشعبية والرسمية وتوحيدها وتوثيق العلاقات مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة لإحداث التغيير والتوازن مع العدو المتفوق عُدة وعَتادا وتحالفات لأجل انتزاع الحقوق الوطنية وتحقيق الأهداف والغايات الفلسطينية الحياتية اليومية منها والمرحلية وصولا إلى الإستراتيجية منها، من هنا نقول ونستنتج أن أصعب مهمة لمرء ما هي أن يكون مسؤولا أو قائدا فلسطينيا لمن يدرك معنى القيادة والمسؤولية ..!
لذا نؤكد أن القيادة والمسؤولية للشعب الفلسطيني هي دائما تعدُ تكليفا وليست تشريفا واستحقاقها يجب أن يكون لمن يستطيع تحمل واجباتها والتزاماتها التي تقاس بمدى تحقيق اهداف وغايات الشعب الفلسطيني كما أوضحنا بعضا منها، فمن يتصدر المسؤولية تعيينا أو اختيارا أو انتخابا وفي كافة مستوياتها كما أشرنا يجب أن يضع هذه الحالة الإستثنائية وواجباتها واستحقاقاتها نصب عينيه ...!
وللحديث بقية ... لا تنتهي ..

اخر الأخبار