ملف الموظفين.. بين الضياع والمطالبة !

تابعنا على:   10:06 2020-12-15

نرمين اللوح

أمد/ مقدمة:

هذا ما قاله الشاعر محمود درويش في غزة .." سنحطم كل مرايانا ونبكي لو كانت فينا كرامة أو نلعنها لو رفضنا أن نثور على أنفسنا‏".

•           بتاريخ 4/4/2017م،اتخذت السلطة الفلسطينية قراراً بفرض اجراءات عقابية جماعية وبالجملة على موظفيها في قطاع غزة، وذلك بإستقطاع حوالي30% إلى 50% من رواتبهم،مبررةٌ ذلك للضغط على سلطة الأمر الواقع في القطاع لإلغاء اللجنة الإدارية،ولإضعاف حكمها وهذا ما لم يتحقق.

مازالت العقوبات مستمرةرغم الواقع السياسي والاقتصادي المعقد، فالحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على القطاع لأكثر من عقدِ، والانقسام السياسي الأسود منذ أربعة عشر عاما وانتشار جائحة كورونا التي أدت إلى الإغلاق الكامل لفترةٍ ليست بسيطة لكافة القطاعات في غزة، كل هذا لم يشفع لموظفي السلطة لإتخاذ مجموعة من الإجراءات للتخفيف من حدة المعاناة التي مازال يعاني منها الموظفون في قطاع غزة، فما زالت مصرّة على تحميل المواطن العادي ما فشلت كل القوى السياسية والتنظيمية ومؤسسات المجتمع المدني وبعض القوى الإقليمية والدولية على القيام به.

وفي هذا السياق صرّح القيادي في حركة فتح يحيي رباح بأن:

"السلطة الفلسطينية ستواصل معاقبة حركة حماس حتى تُنهي حكمها لقطاع غزة،وتسليم القطاع من رفح حتى بيت حانون وفوق الأرض وتحتها،والعقوبات لن تطال إلا قادة حماس".

السؤال الذي يراود الكثيرين ..إلى أين تذهب الأموال المخصومة؟

1) بحسب وزارة المالية فإن رواتب موظفي السلطة من الموازنة العامة تبلغ (111)مليون دولار،(66)مليون دولار لموظفي المحافظات الشمالية،و(45) مليون دولاىلموظفي المحافظات الجنوبية.

2) (14)مليون دولار تم اقتطاعهم من موظفي المحافظات الجنوبية بعد الخصومات التي طالت رواتب الموظفين في القطاع لتصبح الميزانية الإجمالية لرواتبهم (31)مليون دولار فقط.

3) منذ اربع سنوات اقتطعت السلطة من موظفي قطاع غزة ما يقارب (616)مليون دولار،والتيابتلعتهم السلطة دون ذكر الوجهة التي تُصرف فيها الأموال!

بين الحضارة والفقر..

أثارت جدلاً صورة قام بإلتقاطها أحد المارة لموظف احدى بنوك غزة، ينام أمامه وهذه الصورة تحمل عدة معاني،منها:

1) فشل السلطة الفلسطينية في توفير أدنى مقومات الحياة لأي مواطن والمكفولة بالقانون الأساسي الفلسطيني،وكافة المواثيق الدولية التي انضمت اليها السلطة.

2) متى ما جاع الموظف يفرّ ثوبالكبرياء هارباً،وتموت الكرامة في سبيل الحصول على ما يسد رمق الموظف !

3) من المعيب والمشين القول بأن هذه الموظف لا يملك أجرة لا تتجاوز بضع شواكل للعودة للبنك في صبيحة اليوم التالي.

4)(46٪) من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر،بينما في الضفة الغربية (9٪) فقط.

وهنا يثيرني تساؤل حول الفجوة الكبيرة بين نسبة الفقر في الضفة الغربية وشقيقتها غزة وماهي الأسباب التي أدت الى ارتفاعها في غزة دون الضفة؟

قيادات السلطة وفتح تتعمد إهانة موظفيها بغزة!

صرّح أحمد المجدلاني وزير التنمية الاجتماعية .."بأن موظفي غزة يتقاضونرواتبهم وهم لا يعملون،ولا يمكن مقارنتهم بالذين يعملون".

وفي لقاءٍ عن دور وزارة التنمية الاجتماعية في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني لمواجهة جائحة كورونا مع المجدلاني،استفسر شاب من قطاع غزة حول موظفي القطاع قائلاً "غزة جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين وهو وزير في حكومتها،وأن تصريحاتك لم تكن في محلها نهائياً وعليهم ان ينهوا التمييز الظالم عن قطاع غزة،فما رأيك بما صرحت به؟"

أجاب ممتعضاً مُصرّاً على موقفه السابق "بأنهم ليسوا على الأرض ويواجهوا صعوبات في العمل في غزة،وبخصوص الموظفين فالقرار جاء من وزارة المالية نظراً للأزمة المالية ولا يمكن ان يستوي الذين يعملون مع الذين لا يعملون".

بينما وصف بسام زكانة -رئيس اتحاد نقابة الموظفين العموميين خلال تصريح له بأن "موظفي السلطة في غزة الذين يتحدثون عن التمييز "بالجواسيس"، أما روحي فتوح-القيادي في فتح صرح قائلاً:"خصمنا 25% من رواتب موظفي غزة،وحولناها كموازنة تشغيلية للوزارات".

كلها عبارة عن جملة من الإهانات،وإلقاء التُهم زوراً على الموظفين حول مطالبتهم العادلة بحقوقهم التي لن تسقط مهما طال الزمن.

والسؤال المحُيّر..هل امتنع الموظفون عن التوجه الى أعمالهم بإرادتهم المنفردة،أم أنهم التزموا بقرارات الشرعية؟

وهل هذا جزاء كل من قال"فوضناك وبايعناك" ؟!

الموظفين المقطوعة رواتبهم بتقارير كيدية عام2007م:

أولئك الذين قٌطعت رواتبهم بسبب مجموعة من المتنفذين والمتصيدينالذين أرسلوا تقارير كيدية إلى اللجنة الأمنية في رام الله،وبلغ عدد المقطوعة رواتبهم (340)موظف، وهذه الأعداد في ازديادٍ مستمر، رغم أن التقارير ليس لها أي أساسُ من الصحة.

هذا الملف الذي استمرثلاثة عشر عاماً من المعاناة والجوع والفقر والألم الذي بات ينهش عظام الموظفين وأولادهم ،فقدقطعوا شريان الحياة عن أكثر من العدد المذكور أعلاه،فالراتب لا يقتصر على الموظف،ولكنه يُصرف على أبنائهم وعدد من الأسر المفتوحة بسبب ما يتلقوه من السلطة .

رغم ذلك ..لا يزالوا متمسكين بشرعية السيد الرئيس "محمود عباس"،وينعتوه بالأب على الرغم من العروض المادية الكبيرة والمُغرية التي قُدمت لهم من قبل الفصائل الأُخرى،إلا أنهم قاوموها ورفضوها جملةً وتفصيلا.

في عام 2013م، كان أول حراك للمقطوعة رواتبهم أمام مكتب منظمة التحرير الفلسطينية،نصبوا خيامهم وخاضوا إضرابمفتوح عن الطعام طالبوا خلاله بعودة رواتبهم،وبعد جهدِ تم إيصال صوتهم للقيادة الفلسطينية في رام الله،وقاموا بإعادة رواتب (221) من الموظفين،على ان يتم إعادة الآخرين بكشفٍ لاحق،إلا أنه لم يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.

وفي عام 2015م،تم التمحيص خلف ما تبقى من الموظفين المقطوعة رواتبهم وإثبات عدم تعاملهم مع أي جهة أخرىوعدم تلقيهم رواتب من أي فصيل، وتم تقديم الملف للدكتور زكريا الأغا إلا أنه لم يتم التعامل بجدية مع الملف.

وفي عام 2017م، تم تسليم الملف للسيد أحمد حلس عضو اللجنة المركزية  كأداة للتواصل مع القيادة في رام الله إلا أنه لم يحدث أي جديد.

وفي عام2019م، تم التوجه لمنزل أبو ماهر حلس وتم تسليمه الكشوفات بيده،والذي وعد بإيصاله للقيادة،إلا أنه لا حلول في الأفق.

وفي عام 2020م، وتحديداً في شهر نوفمبر قام الموظفين المقطوعة رواتبهم بخوض إضراب أمام الجندي المجهول للمطالبة بحقوقهم المستحقة والمشروعة،إلا أنه لم يتم التعاطي بجدية مع الأمر.

نادر مهنا:

أحد الموظفين المقطوعة رواتبهم منذ ثلاثة عشر عاماً،دخل في اضرابٍ مفتوح عن الطعام منذ 17-نوفمبر،وهو لا يختلف عن الأسير ماهر الأخرس الذي أضرب عن الطعام أكثر من ثلاثة اشهر حتى تتحقق مطالبه المشروعة،فكلاهما دخلا الإضراب لتحقيق هدفٍ واحد،ألا وهو تحقيق العدالة وإزالة الظلم الواقع عليهما.

تفريغات 2005م ..بين الأحلام العادلة والواقع المُظلم!

في ذاك العام وقبيل الانتخابات التشريعية والرئاسية، قامت السلطة بتعيين الآلاف من كوادر فتح في الأجهزة الأمنية،وتشير الإحصائيات بلوغ عدد المتضررين من تفريغات 2005م أكثر من عشر آلاف موظف،بعضهم من حملة الماجستير والدكتوراة وبعضهم حصلوا على البكالوريس،وبالتالي لا يجب أن يستهان بهم،فيمكن الإستفادة منهم،وفزرهم على الوزارات كلاً حسب اختصاصة ووفقاً للقانون.ش

وعلى الرغم من الإعتصامات والمظاهرات التي قاموا بها كل القائمون على ملف أولئك الموظفين خلال عقدٍ ونصف للمطالبة بتثبيتهم كموظفين رسميين لدى السلطة أسوة بأخوتهم في المحافظات الشمالية،إلا أن قضيتهم من "القضايا العصية" على السلطة حلها، فهل ستصبح من الثوابت الفلسطينية كحق العودة؟!

حيث ُشكلت أكثر من عشر لجان وطنية، تارة من المجلس المركزي وتارةمن الثوري وأخرى مشتركة،وآخرها اللجنة السداسية والتي قدمت فيه اللجنة المعنية بهذا الملف مقترح خاص بموظفي 2005م أمام مكتب الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، والقاضي "بالإعتراف بموظفي ألفين وخمسة أسوة بأخوانهم في الضفة، وزيادة قيمةالرواتب التي يتقاضونها عن ألف وخمسمائة شيكل،وإعادة الرواتب المقطوعة للموظفين "بتقارير كيدية".

وكما صرّح الناطق باسم تفريغات 2005 رامي أبو كرشبأن: "ميزانية هؤلاء الموظفين لن تُرهق موازنة السلطة،فلا تزيد ميزانية رواتبهم عن مليون دولار شهرياً،ولن تزيد عن أربعة عشر مليون دولار سنوياً".

ولا يزال مستقبل هؤلاء الموظفين وأسرهم رهن شحطة قلم من الرئيس محمود عباس،فهي التي تحمل النور الذي يزيل ظلام أعوامكثيرة،أم أننا أمام لغزٍ يقبع داخل صندوقٍ أسود عاجزين عن حله!

قطع الرواتب على خلفية الرأي 2014م..

في 5/12/2014 قامت السلطة الفلسطينية بقطع راتب (236) موظف معظمهم من موظفي السلطة في المحافظات الجنوبية على خلفية مؤتمر أقيم بقاعة رشاد الشوا وسط مدينة غزة تحت عنوان (غزة إلى أين؟)، للمطالبة بوقف حالة التهميش المتعمد من قبل قيادة السلطة وحركة فتح للكادر الأمني والتنظيمي في المحافظات الجنوبية، واستمر القطع لمدة سبع شهور قبل أن تعود السلطة لقطع رواتبهم مجددا ًبتاريخ 2/11/2016 وحتى الآن مع تزايد في عدد الموظفين المقطوع رواتبهم على خلفية الرأي ليصل عددهم 600 موظف من أبناء قطاع غزة.

والجدير ذكره أن عملية فصل الموظفين المذكور عددهم وقطع رواتبهم تم دون توجيه لائحة إتهام أو ثبوت تهمة محددة ومُعرفة حسب القانون الفلسطيني، ودون نيل حق الدفاع عن النفس والمثول أمام جهة قضائية أو التحقيق بأسباب ودوافع الفصل وقطع الراتب، ودون الحصول على أي رد من قبل وزارة المالية والأجهزة الأمنية أو مفوضية التعبئة والتنظيم.

ومن الناحية القانونية لا يجوز إيقاع أي عقوبة بموظف دون الخضوع لتحقيق رسمي وسماع أقواله باستثناء عقوبتي لفت النظر والتحذير، كذلك يخلو القانون الأساسي الفلسطيني من أي عقوبة باسم قطع الراتب، ولا يمكن إثبات أي تهمة على الموظف بارتكاب مخالفة تستوجب اتخاذ عقوبة مغلظة كالتوقيف عن العمل أو الإحالة للمعاش أو تخفيض الدرجة الوظيفية أو الفصل النهائي إلا بعد استجواب رسمي حضوراًي توجه له خلاله لائحة إتهام واضحة ومحددة وثبوت مخالفته بالأدلة القاطعة وبقرار محكمة.

مبدأ سيادة القانون:

مبدأ سيادة القانون واحترامه يشكل الركن الأساسي للحكم في فلسطين،وعليه فإن جميع السلطات والمؤسسات والأجهزة والأشخاص يخصعون للقانون،إلا أنه ثبت عكس ذلك حيث صدر من المحكمة أكثر من (400) قرارحول إعادة رواتب الموظفين، ورغم مضي عدة اشهر على استصدار هذه القرارات إلا أنها قوبلت بعدم التنفيذ من الجهة التنفيذية وهذه تعتبر جريمة فساد وجريمة يعاقب عليها القانون.

حيث نصت المادة رقم (182) من قانون العقوبات رقم (16) لعام 1960م على: "أن كل موظف يستعمل سلطة وظيفته مباشرة أو بطريق غير مباشر ليعوق أو يؤخر تنفيذ أحكام القوانين أو الأنظمة المعمول بها أو جباية الرسوم والضرائب المقررة قانوناً أو تنفيذ قرار قضائي أو أي أمر صادر عن سلطة ذات صلاحية يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين إذا لم يكن الذي إستعمل سلطته أو نفوذه موظف عام يعاقب بالحبس من إسبوع إلى سنة"، والمادة (106) من القانون الأساسيلعام 2003م تنص على: "الأحكام القضائية واجبة التنفيذ والإمتناع عن تنفيذها على أي نحو جريمة يعاقب عليها بالحبس والعزل من الوظيفة إذا كان المتهم موظفاً عاماً أو مكلفاً بخدمة عامة،    وقانون مكافحة الفساد المعدل رقم (1) لسنة 2005م يتضمن أن الفساد يعتبر فساداً لغايات تطبيق هذا القانون الذي يتضمن أن الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة والجرائم المخلة بالثقة العامة المنصوص عليها في قوانين العقوبات السارية".

وبالتالي عدم تنفيذ القرارات القضائية الصادرة عن المحكمة والتي تقضي بإعادة الرواتب للموظفين المقطوعة رواتبهم دون وجه حق،يعرض الجهات التنفيذية المختصة بما في ذلك وزير المالية للمساءلة القانونية ومنصبه لا يمنع تعرضهللمسؤوليةفلا أحد فوق القانونوفقاً لقانون مكافحة الفساد الذي ينص على:

"ذلك لا يعفيكم من إلقاء المسؤولية على جهة سيادية عليا، وقرار المحكمة ينتظر منكم التنفيذ ليس فقط كي نعيد الحق إلى نصابة بل لنكرس مبدأ سيادة القانون ولا سيادة تعلو فوق سيادة القانون".

البُعد السياسي والوطني والقانوني:

كتب الدكتور محمد أبو مطر المحاضر في كلية الحقوق في جامعة الأزهرعلى صفحته الشخصية على الفيس بوك: "مع اسفنا لما سنقول،لكنها الحقيقة، منذ الإنقسام المشؤوم عام 2007، فإن رواتب الموظفين أصبحت من الناحية العملية هي المظهر الأساسي لمعالم الوحدة المؤسساتية للسلطة الوطنية بين الضفة وغزة،فالمس بها يعد بمثابة المس بالوحدة، وهو ما قد يخلق حالة شعورية بالإنفصال الوجداني الذي يعد مقدمة لإنفصال الضفة عن غزة بمعالمها المختلفة، من هنا تأتي خطورة الخصم من الراتب، من منظور وطني وسياسي، اما من المنظور القانوني فإن الخصم لا يتم الا بموجب حكم قضائي او قرار تأديبي من الإدارة، فهل بالفعل غزة يتم محاكمتها وتأديبها الآن".

التقاعد المالي:

صدر بتاريخ 22/7/2019م قرار بقانون رقم (17) لعام 2017 بشأن التقاعد الماليللموظفين المدنيين والذي استهدف الموظفين الذين على رأس عملهم كموظفي وزارةالتعليموالصحةوالتنمية الاجتماعيةوالماليةوقطاع المواصلات،ويعتبر سارياً من تاريخ صدوره.

لا يستند هذا القرار لأي مرجع أو مستند قانوني،فالتقاعد المالي مصطلح جديد ليس فقظ على القانون الفلسطيني،وانما جميع الأنظمة القانونية في العالم،فهو يحرم الموظف من امتيازات عديدة،حيث لا تحسب سنوات الخدمة بعد تطبيق القرار المالي على الموظف بعد بلوغه سن ال(45)عاماً،وهو ما يخالف قانون التقاعد العام،وقانون الخدمة المدنية،وقانون قوى الأمن الفلسطينية،والقانون الأساسي الفلسطيني

المخالفات الجسيمة للقرار المالي:

المادة (112) تنص على: "لا تمس الحقوق التقاعدية لموظفي الخدمة المدنية وعناصر قوى الأمن الفلسطيني".

والمادة (117) تنص على: "يجوز لمجلس الوزراء أن يحيل أي موظف لاعتبارات المصلحة العامة الى التقاعد المبكر إذا أتم خمس عشرة سنة خدمة مقبولة للتقاعد دون أن يخصم من مستحقاته الإلزامية".

 والمادة (125) تنص على أنه: "يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون".

وبموجب قانون الخدمة المدنية رقم (4) لسنة 1998م (المعدل):

المادة (101) تنص على: "يحال الموظف الى المعاش إما عقوبة على الموظف أو بطلب من الموظف طبقا للمادتين (68.70) من هذا القانون وموافقة رئيس الدائرة الحكومية شريطة أن لا يقل عمره عن الخمسين عام واستيفاء الحد الأدنى من السنوات لاستحقاق معاش التقاعد".

هذه بعض المواد المنصوص عليها في القوانين الفلسطينية والتي توضح الإنتهاكات الجسيمة لقرار التقاعد المالي الذي يمس حقوق الموظفين واهدارها بدون وجه حق،ولهذا القرار تداعيات اقتصادية وسياسية على الموظفين وأسرهم، وعلى الحكومة القيام بإتخاذ الإجراءات في أسرع وقت لإلغاء هذا القرار،مع ضمان الحقوق المالية والإدارية الساري منذ عام 2017 على الموظفين العموميين في المحافظات الجنوبية،واذا لم يتخذ رئيس الوزارء "محمد اشتية" ما يلزم لإلغاء هذا القرار الذي اتخذته حكومة رامي الحمدالله، فإنه يعتبر شريكاً في جريمة لا تسقط بالتقادم .

التداعيات السياسية:

قطع رواتب بعض الموظفين وللخصم الذي طال غالبيتهم في المحافظات الجنوبية دون الشمالية، له تداعيات سياسية، وهذا يعني ليس فقط الفصل بين حركتي فتح وحماس أو الفصل بين شقي الوطن، يبدو أن الأمر بدأ يتعمق أكثر، فالقرارات والتبريرات التي تسوّق لها السلطة مجرد تبريرات واهية والتي تعني اتجاه السلطة للتحلل من مسؤوليتها تجاه المحافظة الجنوبية، وهذا يعني تنفيذاً لإحدى بنود صفقة القرن، فالإنقسام أضعف من القضية الفلسطينية حتى باتت شعبيتها تنحدر ولم تعد على سلم الأولويات بعدما كانت تحتل المراتب الأولى دولياً وعربياً.

التداعيات الاقتصادية:

يحتفل العالم كل يوم من17 أكتوبر من كل عام للقضاء على الفقر ومكافحته ويأتي مع هذا السياق صدور تقارير دولية تحذر من الإنهيارالإقتصادي في قطاع غزة.

وعلى الرغم من التدهور الاقتصادي، إلا أن رواتب الموظفين هي المحرك الأساسي للسوق الفلسطيني، إلا أنه بحسب الإحصائيات فإن 90% من موظفي السلطة سُجنوا على خلفية ذمم مالية، وعدد كبير منهم أصبحوا سجناء أحرار لدى االسيوف المسلطة على جيوب الموظفين "البنوك" الذين حصلوا على قروضٍ لتسد الفراغ الكبير الذي تركته الخصومات، وتلك القروض أرهقتهم مادياً ونفسياً، وهم الآن ضحايا لهم، عدا عن ذلك النقص الكبير في السيولة اسهم الى ضعف القدرة الشرائية لدى الموظفين، وبالتالي ضعف الحركة في الأسواق وكافة القطاعات، وهناك عدد كبير من المطلقات لا يستطعن الحصول على النفقة نتيجة للتدهور الكبير في الأوضاع الاقتصادية، وكذلك هناك عدد كبير من الطلاب لم يستطيعوا الإلتحاق بالجامعات وفضلوا العمل للمساهمة في الإنفاق على الأسرة لعدم قدرة الموظف الكافية على تغطية جميع الإحتياجات والتي اقتصرت على الإحتياجاتالأسياسية فقط.

الخاتمة:

الإجراءات العقابية التي تنفذها السلطة ضد قطاع غزة بالتحديد، تعتبر محاولة لتحويل الموظف من صاحب قضية وطنية إلى أصحاب قضية معيشية وتفريغهم من الحالة النضالية ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى أدوات لتطبيق ما تُسمى "صفقة القرن".

فمن المؤسف على السلطة ان تُظهر موظف خدم أعواماً طويلة في مؤسساتها بمظهرغير حضاري بعدما كان يمتلك العزة والكرامة،لتخلع عنه ثوب الهيبة،والآنأصبح اللاشيء الذي يفتي فيه الجميع بين ماهو حضاري وغير حضاري!

والأجوبة اللامنطقيةمن القيادات في فتح تحتاج الى المنطق لاستيعابها،والموظفون يحتاجون لميزانية خاصة لشراء المهدئات كي يستوعبوا كمّ الظلم الواقع عليهم،فحوالي أكثرمن 50% من موظفي غزة على راس عملهم ان كان المُبرر حول جلوس الموظفين في منازلهم،وسؤالي لهم، لِما طالتهم رغم انهم يتوجهون الى عملهم؟

تلك الحجج الواهية الغير مُبرر لها لا تعني الا أنهم يسعون لفصل المحافظات الجنوبية عن المحافظات الشمالية،وهذا يعني تحقيقاً لصفقة القرن.

ففي الشق الآخر من الوطن، تكون الإستجابة سريعة لمطالب الموظفين من قبل الحكومة،فهناك لم يستطع الموظف تحمل شقاء ستة أشهرحول تأجيل إعادة حقوقهم ومستحقاتهم المتبقية لآخر الشهر،بينما في القطاع فمنذ اربع أعوام يعاني الموظفون والمواطنون من مآسي إنسانية قد تودي الى الموت الحي كما الآن.

لذا يقع علينا كمواطنين وموظفين وحقوقيين مسؤولية وطنية ومجتمعية لدعم حقوق الموظفين،فعدالتها تجعلنا مستمرون مهما طال الزمن،لعل هذه القضية تجد آذانٌ صاغية ترضخ لمطالبنا العادلة،فكل ما نطالب بهازالة العقوبات المجحفة المفروضة على الموظفين في القطاع، وإعادة رواتب الموظفين المقطوعة،وإنهاء التقاعد المالي الغير قانوني،والعمل على إيجاد حلول عادلة لملف تفريغات 2005 الذين عانوا المُرّ.

التوصيات:

في ورشة عقدها مركز الميزان حول الإجراءات العقابية المتخذة ضد المحافظات الجنوبية،خرج بعدة توصيات منها:

1)دعوة الأطراف السياسية لإنهاء الإنقسام والعمل على إزالة الإجراءات العقابية مع كافة تبعاتها، كونها تشكل حجر الأساس لتدهور حالة حقوق الإنسان والأوضاع الإنسانية في القطاع.

2)دعوة مجلس الوزارء الى ضرورة موائمة قراراته المتعلقة في الشأن الوظيفي مع المعايير والضوابط القانونية.

3)دعوة السلطة الوطنية الفلسطينية لإحترامإلتزاماتها القانونية بموجب انضمامها للعديد من الإتفاقيات الدولية عام 2014م،وخاصةٍ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

اخر الأخبار