في القرار السيادي

تابعنا على:   17:54 2021-01-24

د. ناجى صادق شراب

أمد/ لا يوجد تعريف متفق عليه بالمطلق للقرار السيادي ، ولكن توجد قرارات تؤشر للسياده: كيف ومتى وأين تتخذ الدولة او الحاكم القرار السيادى. القرار السيادى منبعه المصلحة العليا التي يحددها الحاكم من خلال رؤيته الشمولية المدعومة بالعديد من المحددات والوقائع التي تفرضها الإعتبارات ألأمنية والجغرافية والإقتصادية والمجتمعية وموازين القوى الإقليمية والدولية ، وكيف يرى الحاكم التهديدات التي تهدد بقاء وأمن دولته وشعبه.

ولذلك توجد قرارات متفق عليها تعبر عن القرار السيادى كقرار إعلان الحرب وإرسال القوات المسلحة وتقديم المساعدات العسكرية أو دعم دولة ما في صراع ونزاع في تطوره مساس بأمن الدولة ، وقرار الإتفاقات الديبلوماسية وقرار السلام وإقامة معاهدات السلام والعلاقات مع الدول الأخرى .

وهذا المفهوم ينطلق من عدم ثبات حالة العداء والصداقة ، ومن توسيع مصالح الدولة ومن رؤية الحاكم للدور والمكانه التي تطلع إليها الدولة .وفى كتابه اللاهوت السياسى يعرف كارل سميث الحاكم السيادى بقوله:الذى يقرر في حالة الإستثناء.وهنا تبرز قوة القيادة وصدقة وبصيرة الحاكم.وهو هنا يشير إلى المهام الملقاة على عاتق الحاكم السيادى وليس تحديدا مطلقا لمفهوم السياده.

والتي عرفها هوبر بالسلطة العليا والكلية والمطلقة والغير قابلة للتجزئة . وهو تعريف نظرى وصفى.هذا ويعتبر سميث حالة الإستثناء قرارا بما تحمله الكلمة من معان.

والدولة لديه إذا لم تكن مجرد وهم أو واجهة للتحالفات الفئوية والمصالح الخاصة، لا بد أن تكون صاحبة سيادة مطلقه على أراضيها ومواطنيها، وتعريفه للسياده هنا يتصل بالحالات الاستثنائية الحادة والحرب والسلام أكثر تعبيرا عنها.

واتخاذ القرار السيادى هي مهمة الحاكم والقائد .فالذى يجعل السياده تؤخذ في الحسبان هي حالة الاستثناء ,بقوله كيف يتحرر الحاكم من القيود القانونية لممارسة حقه السيادى. ويقول أن الدولة تعلق القانون في الحالات الاستثنائية على أساس المحافظة على حقها في المحافظة على الذات والبقاء ودرء التهديدات الخارجية وحتى الداخلية.

ولذلك فإن سلطة الدولة التي تعلو على الكل تخول لها ان تعلن عن حالة الاستثناء حفاظا على ذاتها، والحاكم هو من يقرر حالة الإستثناء في شموليتها ،فهو من يقرر ما هي الأخطار التي تتهدد الدولة ، والدوافع لإقامة التحالفات والسلام وما الذى يحفظ وجودها.

والتساؤل أين يكمن جوهر السياده؟ الحاكم وفقا لسميث هو الذى يقرر وضع الاستثناء، فالحاكم من هذا المنطلق يحتكر سلطة إتخاذ القرار في إعلان حالة الاستثناء، حيث الاستثناء جوهر سلطته، فالاستثناء أمر غير قابل للقياس. وقد تثير السياده إشكاليات كثيره من منظور سيادة الدولة الأخرى. فسيادة الدولة أحد أهم مقومات وركائز نظرية الدولة التي تقوم على علاقة أركان الإقليم والشعب والسياده.

ويفترض ان الدولة تملك القرار السيادى على إقليمها وشعبها فقط وفى إقامة العلاقات مع غيرها من الفواعل الدولية أو حتى من غير ذات الدول.وهذا يعنى أن الدولة لها سياده مطلقه في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية وفقا لرؤيتها لمصالحها القومية العليا.

إذن المحدد لسيادة الدولة هو المصلحة القومية والتي تتحدد بالبقاء والوجود وألأمن ورفاهية شعوبها والسياده لها مظاهر كثيره داخليا وخارجيا ، فداخليا لا قيود على سيادة الدولة وخارجيا السياده تحدها سيادة الدول الأخرى.فالدولة عندما تقيم علاقات سلام وتحالفات مع الفواعل الأخرى فهذا حق لها وتعبير عن سيادتها ودون ذلك يعتبر إنتقاص لسيادتها وإلغاء لوجودها وماهيتها كدولة كامله وإنتقاص من الحاكم السيادى. والسياده ممارسة فعليه أكثر منها نظريه وتعنى ممارسة نسبيا في الممارسة الواقعية.

وسيادة الدولة تحكمها سيادات الدول الأخرى والتي لكل منها مصالحها القومية والتى تسعى للبقاء وحفاظ أمنها، وهذه المصلحة لا تتحقق بالإعتماد فقط على القدرات الذاتية للدولة ذاتها والتى تبقى محدوده وإنما تكتمل بالتفاعل وألإلتقاء في المصالح بين الدول التى تلتقى مصالحها إتجاه تهديدات مشتركه، العالم الذى تحكمه السياده والمصالح تحكمه الرؤية المشتركة لمصادر التهديد المشتركه، فقد تشكل دولة أخرى مصدرا مشتركا للتهديد لأكثر من دولة ، ومواجهة هذه التهديد قد يستلزم ويفرض حالة إستثنائية في العلاقات والقرارات السيادية التى يتخذها الحاكم. في ضؤ هذا الفهم العام للقرار السيادى يمكن لنا تفهم وتفسير لماذا تقيم هذه الدولة او ذاك علاقات مع غيرها وتبنى تحالفات تحكمها المصالح والتهديدات المشتركه.

ويبقى أن الدولة لا ترهن بقائها ووجودها بمصالح الآخرين وماذا يريدون؟ ولا يعنى أن تتنازل الدولة عن التزاماتها القومية مع الدول التي تنتمى لنفس المنظومة كالألتزام ألأمنى العربى ودعم القضايا العربية المشتركة كالقضية الفلسطينية مثلا.

كلمات دلالية

اخر الأخبار